أعلنت لجنة التراث العالمي في منظمة "يونسكو" في إيطاليا عام 1997 أنّ مدينة تطوان العتيقة (شمال المغرب)، صُنفت على قائمة التراث العالمي لقيمتها التاريخية المتفردة والاستثنائية. بالتفاعل مع ذلك، وضعت الجهات الرسمية المسؤولة في تطوان مخططاً مستقبلياً للحفاظ على نسيج المدينة وإعادة الاعتبار إليها، بناء على معايير معمارية واجتماعية، إلّا أنّ إعادة ترميم المدينة وأسوارها واجهت عقبات جعلت العملية بطيئة.
يعزو المدير الإقليمي للثقافة أحمد اليعلاوي، أسباب إهمال المدينة العتيقة سنوات طويلة حتى بعد تصنيفها، إلى "الإمكانيات المادية الضئيلة لوزارة الثقافة التي تخص التراث وحاجتها إلى خبراء آثار، إذ لم يكن علم الآثار يُدرّس في الجامعات حتى عهد قريب، وقد جرى إنشاء معهد للعلوم والآثار والتراث. وكان المغرب محطاً لدراسات الأجانب الأثرية وتنقيبهم، وكانوا يحتفظون بنتائج دراساتهم، إلّا أن يقظة مغربية جديدة حدثت وتوجهت نحو حماية التراث. كذلك، لعبت مؤسسات المجتمع المدني دوراً ضاغطاً للحفاظ على التراث".
تتدخل عدة جهات رسمية ووزارات في ترميم المدن العتيقة في المغرب، أما في حالة تطوان العتيقة التي تعاني بعض أماكنها من وضعية سيئة تسبب بها تقادمها الزمني، فيشرح اليعلاوي لـ"العربي الجديد": "تشرف وزارة الثقافية حالياً على مشروع إعادة إصلاح السباطات (الممرات المسقوفة) والأقواس في عدة أحياء. كذلك، تتدخل وزارة السكن والتخطيط لصيانة أرضية الأزقة. هناك أيضاً عقارات تعود ملكيتها إلى الدولة، وعقارات تعود إلى وزارة الأوقاف، أما الأملاك الخاصة فيفتقر أهلها إلى الموارد المالية المطلوبة للصيانة، أو هي موزعة بين ورثة مهاجرين أو ماتوا ولا يمكن ترميم منازلهم. كذلك، فضّل كثيرون النزوح من المدينة العتيقة للعيش في بيوت جديدة".
دار بن مرزوق العربية، أي المبنية وفق طراز أندلسي - شامي، هجرها الورثة، ولم يعد يسكنها أحد، فتحولت إلى خراب. وبذلك، تحاول وزارة الثقافة ترميم الدار. تقول إحدى الوريثات، وقد انتقلت إلى العيش في بيت آخر: "أمضيت حياتي هنا في دار بن مرزوق. كان هذا البيت جميلاً". تنتقل بعكازها من المطبخ إلى غرفة أخرى وعيناها تدمعان: "لقد استضفنا فيه أفراح الجميع وأحزانهم. هنا المطبخ وهنا غرفة الاستقبال وذلك الدرج. لقد هجر الجميع الدار ولم أستطع البقاء وحدي لترميمه والاهتمام به. يصعب علينا الترميم الآن لأنّ الدار موزع بين ورثة عديدين بعضهم مسافر إلى كندا أو إسبانيا".
اقــرأ أيضاً
تهمَل المدينة العتيقة أيضاً بسبب موجات النزوح من الداخل إلى خارج أسوارها بسبب البرودة والرطوبة وصعوبة الترميم والصيانة، وكذلك التهديدات التي تطاول منازل صالحة للسكن بسبب منازل تحوّلت إلى خراب. تقول إحدى السيدات من أهالي المنطقة لـ"العربي الجديد": "نعاني من بيت خرب إلى جانب بيتنا منذ تسع سنوات. في ذلك البيت يسكن ثلاثة أشخاص لا يريدون التخلي عنه بالرغم من أنّه غير صالح للسكن. نحن مهددون دائماً بالقوارض والروائح الكريهة والتشققات التي تطاول منزلنا".
في هذا الصدد، توضح المسؤولة الثقافية إجلال التونسي، لـ"العربي الجديد": "هناك قانون يخوّلنا كسلطات أن نسحب ملكية العقارات الخربة، لأنّها تهدد المنازل المجاورة لها، فإما أن يجري هدمها أو يعاد توظيفها وتحويلها إلى مكان ذي نفع عام".
يشير اليعلاوي إلى "مساهمة وزارة الثقافة في إعادة إصلاح بعض الدور العربية ذات المساحات الكبيرة حماية لها من الإهمال، كما حدث في دار بريشة ومحاولة إصلاح دار بن مرزوق". ويقول إنّ المبالغ الضخمة التي يحتاجها ترميم مثل هذه الدور قد يدفع أصحابها إلى بيعها للأجانب من أجل الاستثمار أو السكن فيها، وهي ظاهرة بدأت تنتشر في مختلف المدن القديمة بالمغرب.
تحتفي المدينة في إبريل/ نيسان المقبل، بعشرين عاماً على تصنيفها من التراث العالمي بمهرجان من تنظيم وزارة الثقافة والجماعة الحضرية لتطوان وغيرهما. يقول مستشار الجماعة علي الدقداقي، لـ"العربي الجديد": "نسعى إلى ترسيخ هذا الاحتفال سنوياً، وهي فرصة لنا كسكان لهذه المدينة العربية الأندلسية لتربية الأجيال الجديدة على الموروث الحضاري لتطوان من خلال برنامج فعاليات ثقافية واجتماعية وترفيهية. وكذلك، التسويق للمدينة سياحياً داخل تطوان وخارجها". ويلفت إلى أنّ "ثلاثة ملايين مغربي يزورون شواطئ تطوان سنوياً، لكنّ قليلين منهم يزورونها ثقافياً وتراثياً".
اقــرأ أيضاً
يعزو المدير الإقليمي للثقافة أحمد اليعلاوي، أسباب إهمال المدينة العتيقة سنوات طويلة حتى بعد تصنيفها، إلى "الإمكانيات المادية الضئيلة لوزارة الثقافة التي تخص التراث وحاجتها إلى خبراء آثار، إذ لم يكن علم الآثار يُدرّس في الجامعات حتى عهد قريب، وقد جرى إنشاء معهد للعلوم والآثار والتراث. وكان المغرب محطاً لدراسات الأجانب الأثرية وتنقيبهم، وكانوا يحتفظون بنتائج دراساتهم، إلّا أن يقظة مغربية جديدة حدثت وتوجهت نحو حماية التراث. كذلك، لعبت مؤسسات المجتمع المدني دوراً ضاغطاً للحفاظ على التراث".
تتدخل عدة جهات رسمية ووزارات في ترميم المدن العتيقة في المغرب، أما في حالة تطوان العتيقة التي تعاني بعض أماكنها من وضعية سيئة تسبب بها تقادمها الزمني، فيشرح اليعلاوي لـ"العربي الجديد": "تشرف وزارة الثقافية حالياً على مشروع إعادة إصلاح السباطات (الممرات المسقوفة) والأقواس في عدة أحياء. كذلك، تتدخل وزارة السكن والتخطيط لصيانة أرضية الأزقة. هناك أيضاً عقارات تعود ملكيتها إلى الدولة، وعقارات تعود إلى وزارة الأوقاف، أما الأملاك الخاصة فيفتقر أهلها إلى الموارد المالية المطلوبة للصيانة، أو هي موزعة بين ورثة مهاجرين أو ماتوا ولا يمكن ترميم منازلهم. كذلك، فضّل كثيرون النزوح من المدينة العتيقة للعيش في بيوت جديدة".
دار بن مرزوق العربية، أي المبنية وفق طراز أندلسي - شامي، هجرها الورثة، ولم يعد يسكنها أحد، فتحولت إلى خراب. وبذلك، تحاول وزارة الثقافة ترميم الدار. تقول إحدى الوريثات، وقد انتقلت إلى العيش في بيت آخر: "أمضيت حياتي هنا في دار بن مرزوق. كان هذا البيت جميلاً". تنتقل بعكازها من المطبخ إلى غرفة أخرى وعيناها تدمعان: "لقد استضفنا فيه أفراح الجميع وأحزانهم. هنا المطبخ وهنا غرفة الاستقبال وذلك الدرج. لقد هجر الجميع الدار ولم أستطع البقاء وحدي لترميمه والاهتمام به. يصعب علينا الترميم الآن لأنّ الدار موزع بين ورثة عديدين بعضهم مسافر إلى كندا أو إسبانيا".
تهمَل المدينة العتيقة أيضاً بسبب موجات النزوح من الداخل إلى خارج أسوارها بسبب البرودة والرطوبة وصعوبة الترميم والصيانة، وكذلك التهديدات التي تطاول منازل صالحة للسكن بسبب منازل تحوّلت إلى خراب. تقول إحدى السيدات من أهالي المنطقة لـ"العربي الجديد": "نعاني من بيت خرب إلى جانب بيتنا منذ تسع سنوات. في ذلك البيت يسكن ثلاثة أشخاص لا يريدون التخلي عنه بالرغم من أنّه غير صالح للسكن. نحن مهددون دائماً بالقوارض والروائح الكريهة والتشققات التي تطاول منزلنا".
في هذا الصدد، توضح المسؤولة الثقافية إجلال التونسي، لـ"العربي الجديد": "هناك قانون يخوّلنا كسلطات أن نسحب ملكية العقارات الخربة، لأنّها تهدد المنازل المجاورة لها، فإما أن يجري هدمها أو يعاد توظيفها وتحويلها إلى مكان ذي نفع عام".
يشير اليعلاوي إلى "مساهمة وزارة الثقافة في إعادة إصلاح بعض الدور العربية ذات المساحات الكبيرة حماية لها من الإهمال، كما حدث في دار بريشة ومحاولة إصلاح دار بن مرزوق". ويقول إنّ المبالغ الضخمة التي يحتاجها ترميم مثل هذه الدور قد يدفع أصحابها إلى بيعها للأجانب من أجل الاستثمار أو السكن فيها، وهي ظاهرة بدأت تنتشر في مختلف المدن القديمة بالمغرب.
تحتفي المدينة في إبريل/ نيسان المقبل، بعشرين عاماً على تصنيفها من التراث العالمي بمهرجان من تنظيم وزارة الثقافة والجماعة الحضرية لتطوان وغيرهما. يقول مستشار الجماعة علي الدقداقي، لـ"العربي الجديد": "نسعى إلى ترسيخ هذا الاحتفال سنوياً، وهي فرصة لنا كسكان لهذه المدينة العربية الأندلسية لتربية الأجيال الجديدة على الموروث الحضاري لتطوان من خلال برنامج فعاليات ثقافية واجتماعية وترفيهية. وكذلك، التسويق للمدينة سياحياً داخل تطوان وخارجها". ويلفت إلى أنّ "ثلاثة ملايين مغربي يزورون شواطئ تطوان سنوياً، لكنّ قليلين منهم يزورونها ثقافياً وتراثياً".