مرتضى منصور.. اليد واللسان
لسان تمر عبره الرسائل إلى الخصوم في مصر، والسلطة هناك في مكان خفي وغامض تدير. لسان مرّ بمراحل عدة، منذ سقوط النظام في فبراير/ شباط 2011، وحتى من قبلها في مهام محددة. لسان وصل إلى ذروة الحرب في أيامه الأخيرة، وزير رياضة بالوكالة، لتسوية أمر الألتراس، وقَصّ أظافر الروابط الكروية والألتراس. لسان لديه القدرة على التحول، في الخفاء، إلى يد عند اللزوم أو الطلب، تماماً كآخر أيام سقوط نظام مبارك في 2 فبراير في (موقعة الجمل)، والسلطة هناك، ساعتها، في آخر أنفاسها فوق الأرض، ترتب المذابح، الأداء نفسه، التغطية الإعلامية له من أذرع السلطة الإعلامية، بعدما ازدادت توحشاً وثقةً وحضوراً، وبعدما استطاعت السلطة الحالية التخلص من كل خصوم ميدان التحرير، ووضعهم في السجون والمعتقلات، وفرّغت ميدان التحرير، حتى من محتواه الثوري، بل والأخلاقي أيضاً.
ها هي توجه لسانها ويدها إلى باقي الميادين الأخرى والملاعب الأخرى، غير مكتفية بمذبحة بورسعيد، بل هي تحذر خصومها من شباب الألتراس أن هناك (بور سعيد أخرى) في (ملعب الدفاع الجوي)، وهناك موقعة جمل أخرى في ميدان تحرير آخر بوكيلها الفني والقانوني نفسه، مرتضى منصور.
سنوات أربع، والإعلام هو البوابة الملكية الحامية لمرتضى منصور، على الرغم من أنف نقابة الصحافيين ورئيسها ومجلس إدراتها، حتى وإن ادّعوا غير ذلك. لسان يدخل كل البيوت شاتماً لاعناً، والسلطة هناك من مكان غامض تطل من طرف قرير وناعس، وتدفعه إلى المزيد من خندقها، لا يختلف الأمر، في أيام المجلس العسكري، عن أيام مرسي، فالرجل استطاع أن يمزق في الاستديو دستور البلاد، بعدما ذهبت الملايين إلى صناديقها وأقرته، إذا بمرتضى أمام العالم كله يمزقه، ويلقي به في سلة المهملات، فأي سلطة وراء هذا اللسان الذي يسب من سنوات، وأي سلطة وراء هذه اليد التي مزقت دستور البلاد، ووضعته في الزبالة، في نهاية أيام مرسي. أظن أن من يقول إن هذا الرجل غير مأمور إما ساذج، بل مفرط في سذاجته أو مجنون، لأن سلطة الدولة العميقة التي استطاعت أن تعتقل فتاة تحمل ورقة، أو دبوساً عليه علامة رابعة، كيف بها لم تستطع أن تعتقل رجلاً ظل مطلوباً للعدالة شهرين في بيت زوج ابنته المستشار، وكيف استطاع هذا الرجل، في ما بعد، أن يمزق دستور البلاد ويرميه في صندوق الزبالة أمام عيونها في أيام مرسي؟ وكيف استطاعت هذه السلطة نفسها أن تفض ميداني رابعة والنهضة في ساعات، على الرغم من القتلى والجرحى؟ّ
اليد الآن طليقة، واللسان مباح للخوض في ما حتى لا يباح به. لسان يلوك الجميع من (سما المصري)، قبل أن تترشح لمجلس الشعب، وتبدأ دعايتها من هولندا، ولا أعرف لماذا هولندا بالذات، حتى مذبحة ملعب الدفاع الجوي، هل مرتضى منصور والمطربة والراقصة سما المصري كانا خصوماً من الأصل؟ أم هي نِمَر مطبوخة من هناك، كالتي كانت تتم في تياتروهات (روض الفرج) في أيام الحرب العالمية الأولى، وما بعدها. واضح جداً أن باقي خميرة التياتروهات من بدايات العشرينات ما زالت صالحة للسلطات، وإن استبدل مرتضى تلك النمر المسرحية بسيديهاته الشهيرة، ووثائقة وقنواته التي يمولها رجال الأعمال ليلاً، وهم رجال الأعمال أنفسهم الذين أمدوا مرتضى، وأعوانه، بكسر الرخام والجمال والأحصنة في موقعة الجمل، هذا النطاق الجهنمي ما بين سما المصري ومرتضى ورخام رجال الأعمال وأحصنة كرداسة وجمالها وفلوس رجال الأعمال والليل ووائل الإبراشي وصحبته، كيف استطاعوا أن يجهزوا على ثورة ملأت عيون العالم؟