ويعدّ النائب مشعان الجبوري، أحد أبرز تلك الشخصيات. والجبوري المرشّح عن "تحالف بغداد"، الذي يتزعمه جمال الكربولي، كان قد فرّ من العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية، واستقر في سورية، قبل أن يعود إلى البلاد عقب الاحتلال الأميركي عام 2003، حيث قام بتأسيس قناة "الزوراء" التي كانت تدعو لقتال الأميركيين. ولجأ الجبوري مجدداً إلى سورية بعد أن اتهم بالتعاون مع مجموعات معادية للدولة، فأنشأ فيها قناة "الرأي" التي كانت ضد السياسة العراقية ورئيس حكومتها حينذاك، نوري المالكي، غير أنّ السلطات السورية أغلقتها، ليعود مجدداً إلى العراق بعد أن تمّت تسوية التهم الموجهة إليه وحصل على عفو، لينضم إلى صفوف البرلمان ويكون من أشدّ المدافعين عن المالكي.
ويخوض نجل الجبوري، يزن، السباق الانتخابي أيضاً وليس لديه أي توجه واضح. قام يزن بتشكيل فصيل مسلّح بالتعاون مع والده، إبان سيطرة تنظيم "داعش" على محافظة صلاح الدين، وارتبط بمليشيات "الحشد الشعبي" وهو من أشد المدافعين عنها وعن قياداتها. تبنى يزن نهجاً مماثلاً لنهج أبيه، محاولاً أن يفرض نفسه على الساحة السياسية، من خلال حديثه المستمر عن ملفات فساد كبيرة واتهام مسؤولين في محافظة صلاح الدين بها.
النائب فائق الشيخ علي، رئيس تحالف "تمدن"، هو أيضاً إحدى الشخصيات المرشحة الجريئة. اكتسب الشيخ شهرته من خلال ترشّحه لرئاسة الجمهورية في الدورة البرلمانية المنتهية، محاولاً إخراج المنصب من المحاصصة، لكنه فشل بذلك، إذ بقي المنصب من حصة الأكراد. أسّس الشيخ علي تحالف "تمدّن" لخوض الانتخابات البرلمانية كتيار مدني ليبرالي، ويعرف بتصريحاته الجريئة والاستهزائية، التي ينكّل بها بأغلب السياسيين بدون قيود، خصوصاً برجال الدين وبالأحزاب الدينية، لكنّ تصريحه الأخير الذي أطلقه قبل نحو أسبوع أصبح مثار جدل كبير في الأوساط السياسية والشعبية، إذ نعت نفسه بـ"المدافع عن العركجية"، أي من يشربون الكحول. ودعا من أسماهم بـ"العركجية والتنكجية والقندرجية"، إلى ردّ الجميل له والتصويت لصالحه، باعتباره مدافعاً عنهم تشريعياً في البرلمان.
ومن بين الأسماء اللافتة أيضاً، اسم الصحافي منتظر الزيدي، الذي قذف الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش بالحذاء، قبل عقد من الزمن. ونال الزيدي شهرة واسعة، بعد أن تناقلت وسائل إعلام محلية وعالمية حادثة الحذاء، الذي قذفه على بوش خلال مؤتمر صحافي في بغداد في 14 ديسمبر/كانون الأول 2008، فأصاب الحذاء الأول علم الولايات المتحدة بعدما تفاداه الرئيس الأميركي، ليصدّ رئيس الحكومة العراقية حينذاك، نوري المالكي، الحذاء الثاني. وقد حكم على الزيدي إثر ذلك بالسجن عاماً واحداً، بتهمة الاعتداء على رئيس دولة في زيارة رسمية، وتعرّض خلال سجنه للضرب المبرح والتعذيب.
ويؤكد الزيدي، المرشح ضمن تحالف "سائرون"، المدعوم من قبل التيار الصدري، أنّ هدفه من الترشح هو "القضاء على الفساد الذي استشرى بقوة في البلاد"، ويعد في برنامجه الانتخابي بـ"خفض المعاشات التقاعدية للنواب العراقيين".
وهناك أيضاً النائبة حنان الفتلاوي، التي تعد شخصية "طائفية بامتياز"، إذ أثار تصريح سابق لها في أحد اللقاءات المتلفزة قالت فيه إن التوازن يقتضي أن كل سبعة مقاتلين من "الشيعة" يقتلون يجب أن يموت مقابلهم سبعة من "السنّة" موجة استياء في الشارع العراقي، الذي عدّه تكريساً للطائفية فيما حاولت الفتلاوي أن تدافع عن نفسها في وقت لاحق قائلةً إن حديثها أتى في معرض شرح فكرة "العدالة والمساواة في السراء والضراء".
وتعدّ الفتلاوي من أكثر المدافعين عن رئيس تحالف "دولة القانون"، نوري المالكي، وتقف بالضد من رئيس الحكومة، حيدر العبادي. شكّلت الفتلاوي حركة "إرادة"، وترأستها، وتخوض الانتخابات من خلالها، ومن المتوقّع أن تتحالف مع المالكي بعد الانتخابات.
الشيخ رعد سليمان هو الآخر أحد هؤلاء المرشحين. ويعدّ سليمان أحد رموز السنة عن محافظة الأنبار، وهو معروف بمواقفه المتشددة ضد حكومة المالكي السابقة، ويصفه سياسيون بأنه رمز للطائفية عن المكوّن السني. كان سليمان رافعاً لشعار إسقاط العملية السياسية، وكان منتهجاً خط المعارضة، ولم يعترف بالحكومة والبرلمان، قبل أن يشمل بالمصالحة الوطنية ويدخل التنافس الانتخابي ضمن قائمة "تضامن" التي ترأسها وضاح الصديد، وهو أيضاً من المعارضين الذين عادوا إلى العراق بعد مؤتمر اسطنبول.
ومن بين الفنانين، يترشّح المطرب فاضل عواد، الذي يعدّ أوّل مطرب يترشّح للانتخابات البرلمانية في العراق، ويعتبر دخوله هذا التنافس بحدّ ذاته، مثيراً للجدل، فلا أحد يستطيع التكهّن بفوزه أو خسارته، ذلك لأن تجربة اختيار المطربين كبرلمانيين تعتبر تجربةً جديدةً على الشارع العراقي. ومما يميّز عواد، وهو من مواليد عام 1942، أنه حاصل على شهادة دكتوراه في الأدب العربي، ويدرّس في إحدى الجامعات العراقية. ويخوض عواد الانتخابات ضمن قائمة "الوطنية" التي يتزعمها إياد علاوي.
يترشّح أيضاً لهذه الانتخابات الإعلامي العراقي وجيه عباس، وهو من مواليد عام 1964 ويعمل في الوسط الإعلامي منذ فترة طويلة. وتثير التوجهات السياسية لعباس الجدل، إذ إنه كان منتمياً لصفوف حزب البعث في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، قبل أن يتحوّل إلى الطرف الآخر، ويكون مناصراً للمليشيات المرتبطة بإيران من خلال عمله بقناة تابعة لها. تميّزت خطاباته بالضرب على وتر الطائفية وإثارة الفتن.
أخيراً هناك ليث الدليمي، وهو عضو مجلس محافظة بغداد. اتهم الدليمي بالإرهاب، في عهد حكومة المالكي وتعرّض للضرب المبرّح خلال التحقيق معه، لكنه حصل على البراءة في عهد حكومة العبادي، واتضح أنّ اتهامه بالإرهاب تمّ وفقاً لمعلومات من مخبر سري. ويخوض الدليمي الانتخابات ضمن تحالف بغداد، الذي يتزعّمه جمال الكربولي، وهو يستخدم صوره داخل السجن للترويج لحملته الانتخابية. ولاقى الدليمي تعاطفاً في الشارع العراقي عندما بكى أمام الكاميرات وخلال مؤتمر صحافي، ورفض أن يعترف بارتكاب جرائم إرهابية ألصقت به.