عكست نتائج الانتخابات البلدية في دولة الاحتلال الإسرائيلي التي أجريت أمس الثلاثاء، وأسفرت عن هزيمة مروعة لمرشح "الليكود" في انتخابات بلدية القدس، التحولات داخل المجتمع الإسرائيلي، لجهة تعزيز التعاون والتحالفات بين اليمين العلماني الأكثر تطرفاً، الذي يمثله حزب "يسرائيل بيتينو" برئاسة أفيغدور ليبرمان، واليمين الأرثوذكسي الحريدي الشرقي، الذي تمثله حركة "شاس".
فقد بيّنت هزيمة زئيف إلكين، وزير ما يسمى بشؤون القدس في حكومة الاحتلال، والمدعوم من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن القدس المحتلة حافظت على توجهات اليمين المتطرف فيها، ولكن عبر تبدلات في التحالفات الداخلية، إذ حظي رجل الأعمال المتدين الحريدي، مشيه ليئون، بدعم من حزب "يسرائيل بيتينو" بقيادة ليبرمان، وحزب "شاس" لليهود السفارديم بقيادة أريه درعي، وحصد 33.3 في المئة من أصوات المشاركين في الانتخابات.
وأهلت هذه الأصوات ليئون للصعود إلى الجولة الثانية من الانتخابات بعد 14 يوماً، مقابل مرشح علماني مغمور يدعى عوفر بيركوفيتش، أسّس مؤخراً حركة "هتعورروت" التي يمكن ترجمتها "الصحوة"، وحصد 28.8 في المئة من الأصوات، بينما حلّ إلكين في المرتبة الثالثة مع 19.8 في المئة من الأصوات. أما مرشح التيار الإشكنازي للحريديم في القدس، يوسي دايتش، فحصد 17.2 في المئة من الأصوات.
وتعني هذه النتائج مع وجود مرشح رابع من تيار الحريديم الغربيين، هو دايتش، أن اليمين المسيطر في القدس، لم يعد محسوباً على اليمين العلماني التقليدي، وأن زحف التيارات الدينية الحريدية، الشرقية منها (سفاردايم) والغربية، بات صاحب الكلمة في القدس المحتلة وبلديتها، لاسيما أن نسبة المشاركة في الانتخابات كانت متدنية، ما عزّز من قوة أصوات الأوساط التقليدية القريبة من "شاس" من جهة، وكسر في الوقت ذاته الاعتقاد بأن اليمين المتطرف العلماني بقيادة ليبرمان، لا يستطيع التصويت أو التحالف خارج نطاق "الليكود".
لكن الأثر الآخر للانتخابات البلدية في "دولة" الاحتلال، والنتيجة الأبرز في هذا السياق المتمثلة بفوز امرأة في مدينة حيفا، هي عنات كاليش، تحقق أيضاً بفعل أصوات الحريديم في المدينة، الذين أبرموا إلى جانب أحزاب يمينية علمانية مثل حزب ليبرمان، وحزب التيار الديني الصهيوني "البيت اليهودي"، صفقة مع كاليش، التي فاخر حزب "العمل" ممثلاً برئيسه أفي غباي بتأييده لترشيحها، وتحقيق انقلاب في المدينة، عبر الإطاحة بالرئيس السابق للبلدية، يونا ياهف، الذي قضى ردحاً كبيراً من حياته السياسية في حزب "العمل".
في المقابل، فإن باقي النتائج اعتبرت طبيعية، مثل تمكن رئيس بلدية تل أبيب - يافا، رون حولدائي، من البقاء في المنصب لولاية رابعة، رغم منافسة نائبه له.
واتسمت المعركة الانتخابية للبلديات في دولة الاحتلال، بشكلٍ عام، بغياب مرشحين حزبيين، باستثناء بعض المواقع التي ترشح فيها ممثلون عن "الليكود"، مثل جاكي ليفي في بيسان (بيت شان)، وسفير إسرائيل لدى الاتحاد الأوروبي كرميل شامه هكوهين، الذي تأهل للجولة الثانية في رمات غان.
أما في البلدات الفلسطينية في الداخل، والتي أجريت فيها الانتخابات، فقد كرس رئيس بلدية الناصرة علي سلام، موقعه في رئاسة البلدية بعدما تغلب على منافسه، رجل الأعمال وليد عفيفي، الذي حظي بدعم ومساندة "الجبهة" و"التجمع"، كما حققت "الجبهة الديمقراطية" فوزاً في خمس بلدات ومدن على الأقل، هي الطيرة، سخنين، عرابة، دير حنا، وكفر ياسيف. وأستعادت الحركة الإسلامية رئاسة بلدية رهط في النقب، فيما تستعد أم الفحم لخوض جولة انتخابية ثانية بين الرئيس الحالي خالد حمدان، المحسوب على التيار الإسلامي، ومنافسه سمير محاميد.
وقد كان لافتاً في انتخابات البلديات في الأراضي المحتلة هذا العام، استمرار مشاركة متدنية للمجتمع الإسرائيلي اليهودي لم تتعد الـ55 في المئة، مقابل مشاركة مرتفعة نسبيا في البلدات والقرى العربية الفلسطينية، تراوحت بين 75 و83 في المئة.
لكن يمكن القول إنه في غياب منافسة حزبية حقيقية هذا العام، رغم وجود بعض المرشحين باسم "الليكود"، فإنه لا يمكن استقراء تأثيرات أو تداعيات لنتائج الانتخابات الحالية على الخريطة الحزبية الإسرائيلية، خاصة في ظل حالات دعم فيها نتنياهو مثلاً، مرشحين محليين ضد مرشحي "الليكود"، كما في حالة بات يام، المحاذية لمدينة يافا.