توقع مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن يرد نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قرار إسرائيلي بضم مناطق من الضفة الغربية "بشكل معتدل"، بحيث "لا يؤثر على علاقته الاستراتيجية مع كل من الولايات المتحدة وتل أبيب"، لكنه لم ينف إمكانية التصعيد في حال تم الضم على نطاق واسع، وصولاً إلى احتمال تضرر العلاقات الثنائية بين الطرفين.
وفي ورقة أعدها الباحث عوفر فنتور، أوضح المركز أن "نظام السيسي لن يقدم على أية خطوات يمكن أن تهدد تواصل التعاون الأمني مع إسرائيل تحديدا في كل ما يتعلق بمواجهة "الإرهاب" في سيناء، أو يمكن أن يؤثر سلباً على الدعم الأميركي، والذي تعاظمت قيمته في أعقاب انتشار وباء كورونا".
وحسب المركز، فإن "ما يقلص من فرص إقدام نظام السيسي على خطوات كبيرة ردا على الضم حقيقة أنه يحتاج إلى دعم واشنطن في الصراع الدائر مع إثيوبيا حول بناء سد النهضة، الذي يهدد حصة مصر في مياه النيل".
ويرى معد الورقة أن الرد المصري المتوقع على قرار الضم "لن يختلف عن رد السيسي على قرار الاعتراف الأميركي بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، واعتراف إدارة ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، بحيث لا تتجاوز ردة الفعل المصرية إصدار بيانات التنديد بالخطوة في المحافل الدولية".
واستدرك المركز أنه "في حال أقدمت إسرائيل على ضم مناطق واسعة، وأسفر الأمر عن اندلاع تصعيد أمني مع الفلسطينيين، وأثار الضم غضب الشارع المصري، فإن نظام السيسي يمكن أن يقدم على خطوات تصعيدية ضد تل أبيب".
وحسب المركز، فإن الردود المصرية التي يمكن وصفها بـ"التصعيدية" يمكن أن تتراوح بين تقليص مظاهر السلامة بين الجانبين، وإبطاء وتيرة التعاون الاقتصادي، وحتى استدعاء السفير المصري من تل أبيب.
ويرى المركز أنه في حال أقدمت إسرائيل على ضم مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية فإنه سيكون من الصعب على نظام السيسي مواصلة الحفاظ على "منتدى غاز الشرق الأوسط"، والذي يوفر مظلة إقليمية للتعاون بين تل أبيب والقاهرة في مجال الطاقة، على اعتبار أن كلا من السلطة الفلسطينية والأردن سيجمدان عضويتيهما في المنتدى في أعقاب الضم، وبالتالي لن يسمح السيسي لنفسه بأن يظل متخلفا عن الموقف الأردني.
ولفتت الورقة إلى أن السيسي سبق أن شكك بجدية تعهدات رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضم مناطق في الضفة عشية الانتخابات الأخيرة، على اعتبار أن هذه التعهدات تأتي في إطار الحملة الانتخابية، وأنه سيعدل عن ذلك بعد الانتخابات.
وأوضحت أن نص الاتفاق الائتلافي بين حزبي "الليكود" و"كاحول لفان" على تنفيذ الضم يفترض أن يكون قد أسهم في تغيير تقديرات القاهرة لمدى جدية إسرائيل في تطبيق هذا المخطط.
وأشار معد الورقة إلى أن نظام السيسي ينطلق من افتراض مفاده أن تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس خطة ترامب يسهم في تكريس استقرار المنطقة، وقد يقود إلى تدشين مشاريع اقتصادية ضخمة بمليارات الدولارات على الأراضي المصرية.
وأوضح أن نظام السيسي حرص دائما على لفت الأنظار إلى الطاقة الكامنة في العوائد الاقتصادية في حال تم تطبيق "صفقة القرن"، مشيرا إلى أن "النظام ودولا عربية أخرى يقرّون بوجوب أن تضمن الخطة الأميركية مصالح إسرائيل الأمنية".
وحسب الورقة، فإن القاهرة تخشى أن تسفر ردة الفعل الفلسطينية على قرار الضم عن انفجار انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية "تعزز بيئة التطرف"، وتقوي من حضور "القوى المتشددة" في المنطقة؛ وضمنها حركة "حماس" في قطاع غزة، وجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
ويرى فنتور أن نظام السيسي يخشى أن تقوم قوى مصرية بالرد على الضم بشكل يهدد السياحة والاستثمارات الأجنبية، إلى جانب تأثيره السلبي على تواصل أنماط التعاون القائم بين النظام وإسرائيل، وتحديدا في قطاع الغاز.
وأشار إلى أن "هذه المخاوف تدفع القاهرة إلى محاولة إقناع كل من تل أبيب وواشنطن بالعدول عن قرار الضم وتوفير بيئة لإحياء المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية"، مشيراً إلى أن نظام السيسي يرى، في المقابل، أن على السلطة إبداء "مرونة" والتعامل بإيجابية مع خطة ترامب، بهدف حرمان إسرائيل من المسوغات التي تبرر إقدامها على الضم.
ولاحظ معد الورقة أن وسائل الإعلام المؤسساتية المرتبطة بنظام السيسي عكفت مؤخرا على دعوة الفلسطينيين لاستغلال الضم عبر دفع نحو مشروع "الدولة الواحدة"، من خلال حل السلطة الفلسطينية والموافقة على الحصول على "مساواة في الحقوق" مع اليهود.
ونصحت الورقة صناع القرار في تل أبيب بعدم الإقدام على خطوات أحادية الجانب وإجراء حوار مع نظام السيسي ونظم عربية أخرى بهدف دفعها لإقناع الفلسطينيين بقبول مسار التسوية الذي تعتمده "صفقة القرن".