وفي تقرير أعده الباحثان دفيد سيمنتوف وشموئيل أيفن، حذر المركز من أنه على الرغم من أن موازين القوى في ساحة السايبر تميل حاليا لصالح إسرائيل والولايات المتحدة بسبب تفوقهما التقني والاقتصادي، فإنه من غير المستبعد أن تتكبد إسرائيل أضرارا كبيرة في المستقبل إثر الهجمات التي قد تشنها إيران.
وحث صناع القرار في تل أبيب على الانطلاق من افتراض مفاده بأن إيران ستواصل شن هجمات سايبر على المرافق الحيوية الإسرائيلية بحيث تكون هذه الهجمات في المستقبل أكثر إحكاما من الهجمات التي نفذت حتى الآن، لافتا إلى أن اعتماد إسرائيل المتواصل والمتعاظم على القدرات الرقمية سيزيد فرص استهداف البنى التحتية ويفاقم كلفة تأمين الفضاء الإلكتروني.
وأوضح الباحثان أنه على الرغم من تمكن إسرائيل من مواجهة هجمات السايبر الإيرانية بشكل لم يسمح بإلحاق أضرار كبير ببناها التحتية المدنية، فإن هذه البنى قد تكون عرضة لأضرار أكبر في حال زادت وتيرة سباق التسلح في مجال السايبر وتمكنت إيران من تطوير قدراتها في هذا المجال.
وأضاف المركز أنه يمكن الافتراض أن إسرائيل رأت في هجمات السايبر التي طاولت شبكات المياه تحديدا في ظل مواجهتها وباء كورونا تطورا خطيرا وأنه لا يمكن التغاضي عنه، مشيرا إلى أن كشف وسائل الإعلام الهجمات الإيرانية حث المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن على الرد عليها.
وبحسب المركز، فإن إسرائيل من خلال استهداف ميناء بندر عباس هدفت إلى ردع إيران، مشيرا إلى أن قيادات أمنية إسرائيلية ألمحت إلى طابع الردود الإسرائيلية في مجال السايبر.
وبحسب المركز فإن الهجمات التي طاولت شبكات المياه والمجاري الإسرائيلية في إبريل/ نيسان الماضي تدل على أن إيران لا تتردد في استخدام سلاح السايبر ضد السكان المدنيين، معتبراً ذلك جزءا من المواجهة الإستراتيجية التي تخوضها طهران على عدد من الجبهات وفي مواجهة عدد من الأطراف، على رأسها: الولايات المتحدة، والسعودية، وإسرائيل.
وأشار إلى أن إيران لا ترى في هجمات السايبر بديلا عن العمليات العسكرية بل إضافة لها، مشيرا إلى أنها لم تكتف باستهداف المنظومات المحوسبة لشركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" بهجمات سايبر في ديسمبر/ كانون الأول 2012، بل قامت أيضا بشن هجوم عسكري مباشر على الشركة في سبتمبر/ أيلول 2019 بواسطة الطائرات المسيرة والصواريخ، على اعتبار أن هذه الشركة عوضت النقص في سوق النفط الذي نجم عن العقوبات الأميركية على قطاع الطاقة الإيراني.
وعد التقرير هجمات السايبر الإيرانية جزءا من مواجهة متعددة الجبهات تشنها الجمهورية الإسلامية على إسرائيل، والتي تتمثل في: الدعوات لإبادة إسرائيل، والتمركز العسكري في سورية، ودعم "حزب الله" والمنظمات الإسلامية الفلسطينية بالإضافة إلى السعي للحصول على سلاح نووي.
واعتبر التقرير مهاجمة منظومات التحكم والسيطرة في البنى التحتية المدنية الحيوية درجة خطيرة في سلم الهجمات السايبر، لا سيما عندما تفضي إلى تهديد حياة كثير من الناس، مثل الهجمات التي تهدف إلى تلويث المياه أو تلك التي تقود إلى حوادث طريق إثر مهاجمة المنظومات التي تتحكم في المواصلات العامة.
وأشار التقرير إلى أن "هيئة السايبر الوطني" حذرت من أن الهجمات الإيرانية التي طاولت شبكات المياه في إبريل الماضي كان يمكن أن تقود إلى توقف إمدادات المياه تحديدا في أوج مواجهة انتشار وباء كورونا وتهديد حياة الناس عبر التلاعب بنسبة الكلور أو مواد كيميائية أخرى تستخدم في تطهير المياه، حيث يتم استخدام نسب غير مناسبة منها.
ونقل عن رئيس "هيئة السابر الوطني"، يغآل أونو، قوله إن الهجمات الإلكترونية على شبكات المياه والمجاري تعد "نقطة تحول" في المواجهة الإلكترونية مع إيران.
وبحسب أونو، فإن إسرائيل مستعدة لمواجهة هجمات السايبر ولديها القدرات على الرد بقوة عليها، مشيرا إلى أنه ليس بالضرورة أن تطاول هجمات السايبر الإسرائيلية نفس نطاق الأهداف التي طاولتها هجمات الطرف الآخر.
وأضاف أونو أن هجمات السايبر الإيرانية غطت كثيرا من المجالات، وضمنها هجمات بهدف الحصول على معلومات استخبارية، وهجمات هدفت إلى التأثير على الوعي، مثل مهاجمة مواقع إسرائيلية على الشبكة، بالإضافة إلى هجمات تهدف إلى المس وتدمير منظومات حيوية.
ونقل التقرير عن الرئيس السابق لهيئة الساببر في جهاز المخابرات الداخلية "الشاباك"، آريك بربينغ، قوله إن هناك ما يدل على أن الهجمات التي استهدفت شبكات المياه والمجاري الإسرائيلية تدل على أن من نفذها دولة وأن هذه الهجمات استندت إلى معلومات استخبارية دقيقة.
ولفت المركز إلى أن هجمات السايبر تصلح للاستخدام في إطار استراتيجية "المعركة بين الحروب" لأنها تمكن الدولة التي تنفذها من العمل عن بعد وبسرية من دون أن تسفر عن سقوط ضحايا من الطرفين للحيلولة دون حدوث تصعيد في أعقاب ذلك.
وأشار إلى أن هجمات السايبر تمكن من جمع المعلومات الاستخبارية وممارسة حرب نفسية باستخدام المعلومات وتعزيز قوة الردع وزيادة الضغوط على المنظومات العسكرية والمدنية بهدف تحقيق أهداف أمنية وسياسية إلى جانب توظيفها في تنفيذ عمليات إحباط.
وبحسب المركز فإنه لم يتبين حتى الآن السبب الذي دفع الإيرانيين لشن الهجمات الإلكترونية على شبكات المياه والمجاري الإسرائيلية، مشيرا إلى أن هذه الهجمات يمكن أن تكون ردا على الهجمات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سورية أو أن الهجمات الإيرانية جاءت في إطار استغلال الفرص في المواجهة متعددة الساحات والتي تشمل السايبر.