28 أكتوبر 2024
مسيرة العودة.. أهداف تتحقق
أن تبدأ مسيرات العودة يوم الجمعة الموافق 30 مارس/ آذار، أي في ذكرى يوم الأرض، وهو اليوم الذي يحتفل فيه الفلسطينيون في الأرض المحتلة بتمسكهم بأرضهم ومقاومتهم مصادرتها ومحاولات تهويدها. وأن تنطلق من قطاع غزة المقاوم للحصار والتركيع والاجتياح والحروب. وأن تتصاعد تلك المسيرات أسبوعًا يعقبه أسبوع بقوة واندفاع، وصولًا إلى الخامس عشر من أيار/ مايو الذي يصادف هذا العام الذكرى السبعين للنكبة، حين هُجّر الشعب الفلسطيني من أرضه وطُرد منها. لذلك كله قيمة تفوق الاحتفالات الرمزية التي نقيمها في المناسبات الوطنية، بفرحها وترحها، نحاول أن نتذكّر فيها، وأن نستنبط دروسًا ومعاني حاضرة تتكرّر في كل عام، وتنقضي بانتهاء اليوم الاحتفالي، لنعيد تذكّرها في العام الذي يليه.
هذا العام، ثمّة شيء مختلف تمامًا عمّا سبق. ثمّة ربطٌ ما بين تشبث الفلسطيني بأرضه وتمسّكه بحقه في العودة إليها. وثمّة إعادة اعتبار لحق العودة الذي حاولت مشاريع التسوية والتوطين والمفاوضات العبثية تجاهله، أو التقليل من قدره. هذا العام، يتجلى حق العودة باعتباره جوهر القضية الفلسطينية ومكوّنها الرئيس، ويتضح كذب الوهم الذي بثّه المؤسسون الأوائل لدولة الاحتلال الصهيوني بأنّ الفلسطيني سينسى بعد جيل أو جيلين، ليطل علينا جيلٌ سابع من بعد النكبة يعلن انتهاء الخرافة الصهيونية، وإنهاء الوهم بأنّ بالإمكان تعويض الفلسطيني عن أرضه أو توطينه أو إلهاءه بقضايا جانبية غير مشروعه الأول والأخير بتحرير تراب بلاده.
في غضون جمعتين فحسب، تبيّن أنّ ثمّة أهدافًا من هذه المسيرة الكبرى قابلة للتحقيق، وأنّها تحمل في طياتها أبعادًا أكبر من مجرد تأكيد حق العودة، وأنّ قطاع غزة، على الرغم من الانقسام والحصار والجوع والعقوبات، ما زال يقاوم، وأنّ هذه المسيرة تعيد تشكيل المشروع الوطني الفلسطيني على أسس جديدة مختلفة، ومستندة إلى قاعدة من الحراك الجماهيري الواسع الذي يضم الاتجاهات المختلفة، ويوحد أجزاء شعبنا في غزة مع الضفة الغربية وفلسطين المحتلة عام 1948 والشتات الفلسطيني، ضمن مشروعٍ مقاوم للاحتلال ومتمسّك بالأرض،
وبحق شعبنا في العودة. مشروع يبتعد عن الجدل العقيم بشأن مشاريع التسوية المزعومة، وحل الدولة والدولتين والدولة بنظامين. مشروع يفكك البنية الصهيونية من جذورها، عبر إعلانه أنّ الأرض لنا، والوطن لنا، وسنعود إليه. مشروع يؤكد أنّ حق العودة جوهر الصراع ومبتدأه ومنتهاه.
عبر تصاعد مسيرات حق العودة، تصبح مواضيع، مثل المصالحة والانقسام والعقوبات، ضمن منظومة الفعل الماضي، لا مجال هنا للحديث عن التمكين أو استمرار العقوبات لجمهور يحمل راية النضال والشهادة في كل جمعة، فهنا يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وينكشف من يختبئ وراء أوهام زائفة أو مصالح زائلة، فعلى الجميع أن يدرك أنّ أي خطوةٍ يقوم بها أو يتردّد حولها تحول دون المضي في هذا المشروع المقاوم هي خطوة ستُحسب عليه، وقد تكون ورقة التوت التي ما زالت تستر عورات بعضهم.
ينبغي، في هذا المجال أيضًا، الانتباه إلى كل ما يعمّق الانقسام أو يمنع وحدة الشعب الفلسطيني بجميع قواه وفي جميع أماكن وجوده. لذا، على رئيس المجلس الوطني الفلسطيني أن يبادر فورًا إلى تأجيل اجتماع المجلس، المزمع عقده في 30 إبريل/ نيسان الجاري، والدعوة إلى عقد مجلس وطني يُمثَّل فيه الجميع على قاعدة من الشفافية والديمقراطية والوحدة؛ فالشعب الفلسطيني بحاجة إلى خطوات توحّده، ولا تعمق انقسامًا مفتعلًا ضمن صفوفه.
ستكون ذروة هذا التحرك في ذكرى النكبة في 15 مايو/ أيار، في اليوم نفسه الذي ستنقل فيه الإدارة الأميركية سفارتها إلى القدس المحتلة. يُفترض أن يكون هذا اليوم هو الرد العملي على مشروع دونالد ترامب، وعلى صفقته المشبوهة، وعلى القوى الإقليمية التي تسعى إلى تمريرها. في هذا اليوم، سيعمّ الغضب فلسطين كلها، من أقصاها إلى أقصاها، وستزدحم الشوارع العربية والعالمية بالمنادين بحق الشعب الفلسطيني في التحرّر والاستقلال، ستحلّق القضية الفلسطينية في سماء العالم وتملأه ضجيجًا، بحيث تتهاوى كل محاولات الإدارة الأميركية والصهيونية للاحتفال بنصر زائف.
ينبغي، في هذا اليوم، أن ينكشف للعالم كله عمق سياسة الأبارتهايد والتمييز العنصري الذي يمارسه الكيان الصهيوني على جميع شرائح شعبنا في الداخل، حيث الاحتلال والتمييز ومصادرة الأراضي وسنّ قوانين الدولة اليهودية. وفي الشتات، حيث يُمنع الفلسطيني، صاحب الأرض، من العودة إلى بلده، في حين يُتاح لأي يهودي في العالم الهجرة الفورية إلى فلسطين، للعيش في منزل الفلسطيني اللاجئ. هذا اليوم يجب أن يكون يومًا عالميًا للنضال ضدّ الاحتلال والأبارتهايد والتمييز العنصري.
على السلطة الفلسطينية أن تتخلى عن تردّدها، وأن تستفيد من هذه الموجة الانتفاضية العارمة، ومن انكشاف القناع عن وجه الجيش الصهيوني الذي يطلق النار على متظاهرين عزّل لأنهم يطالبون بالعودة إلى بلادهم التي طُردوا منها. وعلى السلطة الفلسطينية أن تعلن رفضها العملي المستوطنات ومصادرة الأراضي الفلسطينية، من خلال إحالتها مجرمي الحرب الصهاينة إلى
محكمة الجنايات الدولية فورًا ومن دون إبطاء، وهو أمر أصبح متاحًا بعد أن أعلنت المدعية العامة للمحكمة اعتبار الاستيطان جريمة حرب. وعلى الرئيس محمود عباس أن يتراجع عن تعهده الذي قدّمه أمام مجلس الأمن الدولي بعدم الانضمام إلى 22 منظمة دولية.
ثمّة حذرٌ واجبٌ من محاولة أطراف عربية مقايضة وقف المسيرة الكبرى بوعود وهمية لرفع الحصار عن غزة عبر فتح معبر رفح بشكل دائم. لقد جرّب شعبنا مثل هذه الوعود التي انطلقت قبل أشهر، وقيل حينها إنّ المعبر سيُفتح بعد إعادة تأهيله، أو بعد وصول الحرس الرئاسي، أو بعد مصالحة محمد دحلان مع حركة حماس، ولم يتحقق شيء من ذلك، فهذا وهمٌ بدأ الحديث عنه بعد أن اكتشف العدو الصهيوني آثار هذا الحراك، وتلك المسيرة، عبر تصاعدها الذي سيستمر، أكان ذلك في فلسطين أم المنطقة العربية أم العالم.
الحفاظ على سلمية هذا التحرّك شرط لنجاحه. لذا، الحذر، كل الحذر، من التطرّف والمزايدات والشعارات الطفولية البراقة. ونقل هذا الحراك إلى باقي أجزاء فلسطين في الأسابيع المقبلة هدف رئيس لا بد منه لتحقيق جميع الأهداف المرجوة. أمّا يوم الذروة، فهو يوم عالمي للشعب الفلسطيني ولأمتنا العربية ولأحرار العالم، نرسخ فيه بداية جديدة لمرحلة أخرى في نضال شعبنا، ونثبت فيه كم نحن أقوياء، وكم هو عدونا ضعيف، إذا وجدت الإرادة لمواجهته.
هذا العام، ثمّة شيء مختلف تمامًا عمّا سبق. ثمّة ربطٌ ما بين تشبث الفلسطيني بأرضه وتمسّكه بحقه في العودة إليها. وثمّة إعادة اعتبار لحق العودة الذي حاولت مشاريع التسوية والتوطين والمفاوضات العبثية تجاهله، أو التقليل من قدره. هذا العام، يتجلى حق العودة باعتباره جوهر القضية الفلسطينية ومكوّنها الرئيس، ويتضح كذب الوهم الذي بثّه المؤسسون الأوائل لدولة الاحتلال الصهيوني بأنّ الفلسطيني سينسى بعد جيل أو جيلين، ليطل علينا جيلٌ سابع من بعد النكبة يعلن انتهاء الخرافة الصهيونية، وإنهاء الوهم بأنّ بالإمكان تعويض الفلسطيني عن أرضه أو توطينه أو إلهاءه بقضايا جانبية غير مشروعه الأول والأخير بتحرير تراب بلاده.
في غضون جمعتين فحسب، تبيّن أنّ ثمّة أهدافًا من هذه المسيرة الكبرى قابلة للتحقيق، وأنّها تحمل في طياتها أبعادًا أكبر من مجرد تأكيد حق العودة، وأنّ قطاع غزة، على الرغم من الانقسام والحصار والجوع والعقوبات، ما زال يقاوم، وأنّ هذه المسيرة تعيد تشكيل المشروع الوطني الفلسطيني على أسس جديدة مختلفة، ومستندة إلى قاعدة من الحراك الجماهيري الواسع الذي يضم الاتجاهات المختلفة، ويوحد أجزاء شعبنا في غزة مع الضفة الغربية وفلسطين المحتلة عام 1948 والشتات الفلسطيني، ضمن مشروعٍ مقاوم للاحتلال ومتمسّك بالأرض،
عبر تصاعد مسيرات حق العودة، تصبح مواضيع، مثل المصالحة والانقسام والعقوبات، ضمن منظومة الفعل الماضي، لا مجال هنا للحديث عن التمكين أو استمرار العقوبات لجمهور يحمل راية النضال والشهادة في كل جمعة، فهنا يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وينكشف من يختبئ وراء أوهام زائفة أو مصالح زائلة، فعلى الجميع أن يدرك أنّ أي خطوةٍ يقوم بها أو يتردّد حولها تحول دون المضي في هذا المشروع المقاوم هي خطوة ستُحسب عليه، وقد تكون ورقة التوت التي ما زالت تستر عورات بعضهم.
ينبغي، في هذا المجال أيضًا، الانتباه إلى كل ما يعمّق الانقسام أو يمنع وحدة الشعب الفلسطيني بجميع قواه وفي جميع أماكن وجوده. لذا، على رئيس المجلس الوطني الفلسطيني أن يبادر فورًا إلى تأجيل اجتماع المجلس، المزمع عقده في 30 إبريل/ نيسان الجاري، والدعوة إلى عقد مجلس وطني يُمثَّل فيه الجميع على قاعدة من الشفافية والديمقراطية والوحدة؛ فالشعب الفلسطيني بحاجة إلى خطوات توحّده، ولا تعمق انقسامًا مفتعلًا ضمن صفوفه.
ستكون ذروة هذا التحرك في ذكرى النكبة في 15 مايو/ أيار، في اليوم نفسه الذي ستنقل فيه الإدارة الأميركية سفارتها إلى القدس المحتلة. يُفترض أن يكون هذا اليوم هو الرد العملي على مشروع دونالد ترامب، وعلى صفقته المشبوهة، وعلى القوى الإقليمية التي تسعى إلى تمريرها. في هذا اليوم، سيعمّ الغضب فلسطين كلها، من أقصاها إلى أقصاها، وستزدحم الشوارع العربية والعالمية بالمنادين بحق الشعب الفلسطيني في التحرّر والاستقلال، ستحلّق القضية الفلسطينية في سماء العالم وتملأه ضجيجًا، بحيث تتهاوى كل محاولات الإدارة الأميركية والصهيونية للاحتفال بنصر زائف.
ينبغي، في هذا اليوم، أن ينكشف للعالم كله عمق سياسة الأبارتهايد والتمييز العنصري الذي يمارسه الكيان الصهيوني على جميع شرائح شعبنا في الداخل، حيث الاحتلال والتمييز ومصادرة الأراضي وسنّ قوانين الدولة اليهودية. وفي الشتات، حيث يُمنع الفلسطيني، صاحب الأرض، من العودة إلى بلده، في حين يُتاح لأي يهودي في العالم الهجرة الفورية إلى فلسطين، للعيش في منزل الفلسطيني اللاجئ. هذا اليوم يجب أن يكون يومًا عالميًا للنضال ضدّ الاحتلال والأبارتهايد والتمييز العنصري.
على السلطة الفلسطينية أن تتخلى عن تردّدها، وأن تستفيد من هذه الموجة الانتفاضية العارمة، ومن انكشاف القناع عن وجه الجيش الصهيوني الذي يطلق النار على متظاهرين عزّل لأنهم يطالبون بالعودة إلى بلادهم التي طُردوا منها. وعلى السلطة الفلسطينية أن تعلن رفضها العملي المستوطنات ومصادرة الأراضي الفلسطينية، من خلال إحالتها مجرمي الحرب الصهاينة إلى
ثمّة حذرٌ واجبٌ من محاولة أطراف عربية مقايضة وقف المسيرة الكبرى بوعود وهمية لرفع الحصار عن غزة عبر فتح معبر رفح بشكل دائم. لقد جرّب شعبنا مثل هذه الوعود التي انطلقت قبل أشهر، وقيل حينها إنّ المعبر سيُفتح بعد إعادة تأهيله، أو بعد وصول الحرس الرئاسي، أو بعد مصالحة محمد دحلان مع حركة حماس، ولم يتحقق شيء من ذلك، فهذا وهمٌ بدأ الحديث عنه بعد أن اكتشف العدو الصهيوني آثار هذا الحراك، وتلك المسيرة، عبر تصاعدها الذي سيستمر، أكان ذلك في فلسطين أم المنطقة العربية أم العالم.
الحفاظ على سلمية هذا التحرّك شرط لنجاحه. لذا، الحذر، كل الحذر، من التطرّف والمزايدات والشعارات الطفولية البراقة. ونقل هذا الحراك إلى باقي أجزاء فلسطين في الأسابيع المقبلة هدف رئيس لا بد منه لتحقيق جميع الأهداف المرجوة. أمّا يوم الذروة، فهو يوم عالمي للشعب الفلسطيني ولأمتنا العربية ولأحرار العالم، نرسخ فيه بداية جديدة لمرحلة أخرى في نضال شعبنا، ونثبت فيه كم نحن أقوياء، وكم هو عدونا ضعيف، إذا وجدت الإرادة لمواجهته.