أكّد القيادي في "التحالف الوطني" الحاكم في العراق، بهاء الأعرجي، ما سبق لـ"العربي الجديد" أن أشارت إليه من ناحية وجود محاولات لاستبدال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أو تشكيل حكومة إنقاذ وطنية، وذلك عندما قال، أخيراً، إن هناك "تفاهمات تجري في غرف مظلمة لتغيير العبادي". وتشير مصادر سياسية رفيعة المستوى، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الكتل الداعية لاستبدال العبادي هي من داخل حزب "الدعوة" وجميعها محسوبة على الجناح الموالي لإيران داخل "التحالف الوطني"، وحتى الآن لم تحرز أي تقدم في هذا المشروع، بحسب المصادر.
وكشف الأعرجي، في حوار تلفزيوني، عن وجود تفاهمات داخل "الغرف المظلمة" وضمن دوائر ضيقة في "التحالف الوطني" لتغيير العبادي، موضحاً أنّ الحلّ الوحيد يكمن في تشكيل حكومة إنقاذ، وتعطيل بعض مواد الدستور لإيقاف الانتهاكات، ومحاسبة المجرمين والإرهابيين، بعدما خذل "التحالف" العبادي وعرقل الإصلاحات التي أعلنها، على حدّ تعبير الأعرجي.
في السياق ذاته، يؤكد مصدر مطلع في "التحالف الوطني"، لـ"العربي الجديد"، وجود انشقاقات كبيرة بين مؤيدي حكومة العبادي ومعارضيها داخل التحالف، موضحاً أنّ "المعارضين يطالبون باستجواب رئيس الوزراء في البرلمان وحجب الثقة عن حكومته، بسبب فشلها في إنجاز الإصلاحات، التي أطلقتها قبل خمسة أشهر، وتأخرها في حسم الملف الأمني، في تحقيق النصر على تنظيم داعش".
ويشير المصدر إلى أنّ اجتماع الرئاسات الثلاث الأخير، شهد مشادات كلامية بين بعض قادة الكتل السياسية الشيعية والعبادي، على خلفية تأخر صرف رواتب منتسبي مليشيا "الحشد الشعبي"، مؤكداً تلويح بعض قادة "الحشد" بالانسحاب من جبهات القتال في حال عدم صرف رواتبهم. ويتوقّع المصدر ذاته أن "تشهد المرحلة المقبلة ظهور تحالفات جديدة بين بعض مكونات التحالف مع أحزاب كردية وقيادات في تحالف القوى العراقية".
من جانبه، يقول القيادي في "التحالف الكردستاني"، مجيد كركوكلي، لـ"العربي الجديد"، إن "لوبياً إيرانياً داخل التحالف الوطني، بزعامة نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي، يستخدم ورقة سحب الثقة أو تغيير العبادي كتهديد للأخير لتحقيق مكاسب سياسية لصالح إيران، من بينها عدم تسليح العشائر السنية أو تخصيص نسبة من المساعدات العسكرية الغربية للجيش العراقي لصالح الحشد، ورفع موازنة تلك المليشيات، فضلاً عن إبقاء العلاقة بين أربيل وبغداد في هذا الشكل المتأزم".
ويضيف كركوكلي أنّ "هذا الأمر أصبح واضحاً، والعبادي أقرب إلى المعسكر الغربي من إيران، وهو السبب الرئيسي في التلويح أو التهديد بإقالته كلّما استجدّت مشكلة بين الطرفَين"، واصفاً اختطاف الأميركيين الثلاثة ومهاجمة المليشيات ديالى، أخيراً، بأنها "إحدى وسائل إفشال أو إحراج العبادي من قبل طهران". ويستبعد القيادي ذاته تأزيم الوضع بين أربيل وبغداد، "لأنّ الأكراد وعلى الرغم من خلافاتهم مع العبادي وتحفظهم على كثير من سياسته مع الإقليم، لن يكونوا عاملاً مساعداً لتمرير الأجندة الإيرانية، والأمر نفسه بالنسبة لاتحاد القوى العراقية".
من جهته، يقول عضو "التيار الصدري"، حسين البصري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أربع كتل داخل التحالف ترغب في استبدال العبادي وتضغط في اتجاه ذلك، أبرزها كتلة دولة القانون، وحزب الدعوة تنظيم الداخل، وحزب الفضيلة، وكتلة بدر، بينما تُعارض كتل التيار الصدري، والمستقلون، والمجلس الأعلى ذلك بشدّة".
ويوضح البصري أنّ "الموضوع لا يتعلق فقط بالتحالف بل بالكتل الأخرى في البرلمان، إذ يجب أن يحظى المشروع بغالبية الثلثَين داخل المجلس النيابي، والأكراد والسنّة يرفضون أي مشروع يصدر من المالكي وكتلته لقربه من إيران"، على حدّ تعبيره. ويستبعد البصري نجاح مشروع الاستبدال، "كون العبادي لا يزال مسنوداً من واشنطن التي بدورها تمتلك نفوذاً على الكتل السنية والكردية وبعض كتل التحالف"، على ذمته، واصفاً الحراك بأنه "مجرد تخويف".
بدوره، يقول القيادي في "جبهة الحراك"، محمد المشهداني، إن "الخلافات بين إيران وحكومة العبادي باتت علنية حتى وإن حاول الطرفان إخفاءها". ويضيف، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "أبرز الملفات الخلافية تكمن في وجود القوات الأميركية على الأراضي العراقية، وفتح العبادي الباب لزيادة هذا التواجد بشكل مستمر، فضلاً عن تسليح العشائر، وهو البند المرفوض إيرانياً، وقانونَي الحرس الوطني والعفو العام". ويوضح المشهداني، أنّ "إقدام العبادي على إلغاء وتغيير عدد من اللجان العراقية المخصصة للتفاوض بمسألة الحدود وحقول النفط المشتركة، أثار غضب إيران، وخصوصاً أن أعضاء اللجنة تمت تسميتهم من قبل المالكي، ويوصفون بأنهم من الجناح الموالي لإيران".
في المقابل، يقلّل تحالف القوى العراقيّة من "أهميّة الحديث عن استبدال العبادي خلال الفترة الحاليّة". ويقول النائب عن التحالف، عذّال الفهداوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحديث عن استبدال العبادي خلال هذه الفترة، هو مجرّد محاولات من قبل بعض الجهات داخل التحالف الوطني التي تسعى إلى تحقيق بعض الأهداف من خلال إطلاق تصريحات كهذه". ويضيف أنّ "التحالف الوطني، وخلال هذه الفترة تحديداً، لا يريد أن يطرح بديلاً للعبادي، خصوصاً وأن الوضع السياسي في البلد لا يتحمل طروحات وأزمات جديدة".