الرابح
مجموعة قطّاع طرق تهجم على مدينة ميكسكاتلي. وبعد أن أصبحت غنيمة الحرب في حوزتهم يشرعون في الانسحاب. الخطة تقتضي الإيواء إلى الجانب الآخر من الحدود، لكن في غضون ذلك يقضون ليلتهم في بيت مهجور ومتهالك على الطريق. يلعبون الورق على ضوء الشموع. كل واحد يراهن بالأشياء الثمينة التي نهب.
جولة بعد أخرى، كان الحظ حليف البيثكو، الذي كان يراكم في كل جولة الأرباح تحت الطاولة: نقود، ساعات يد، قطع حلي.... في الصباح الباكر يضع البيثكو كل ما ربح في كيس يحمله على كتفيه، وهو منهوك تحت ذلك الحمل يتبع زملاءه الذين يسيرون صوب الحدود وهم يغنّون. يعبرون الحدود ويصلون سالمين معافين إلى الملتقى حيث اتفقوا على الافتراق وهناك يقتلون البيثكو. تركوه يربح لينقل لهم الغنيمة الثقيلة.
السجين
حين أودعوا لويس أوغوستو بيانكي في زنزانة بدَفعة واحدة تأخّر عدة أيام ليتفطّن أن بإمكانه الذوبان في الهواء، الهروب مثل شهاب من كوّة السقف، واستعادة شكله الجسدي في الجانب الآخر، المشي في الشوارع وعيش حياته المعتادة.
كان هناك مانع واحد: في كل مرة كان يقترب فيها أحد الحراس من الزنزانة لتفقدها، كان على بيانكي، حيث ما كان، أن يترك كل شيء ويعود كالبرق ويسترجع هيئة السجين. مسألة ضمير! إذا انشغل السجانون، كانت حرية بيانكي تتجدّد.
دَرَسَ مواعيد جولات الحراس التفقدية لكي يتجوّل في المدينة بين الساعات الآمنة تقريباً فقط، دون الخوف من أن يقاطعوه. كان يسهر. ولكن مع ذلك، كثرت في السجن الجولات التفقدية غير المتوقعة. أكثر من مرة واحدة أحسّ بقرب الحراس من زنزانته وكان عليه التلاشي بين ذراعي امرأة والعودة إلى الزنزانة. وبعد أن شعر بانزعاج شديد، شيئاً فشيئاً بدأ يتخلّى عن قدرته على التلاشي وبعد مدة من الزمن تخلّى عن الهرب نهائياً.
سادية ومازوشية
مشهد في الجحيم. يقترب زاخر مازوخ من الماركيز دي ساد وبطريقة مازوشية يترجاه:
- اضربني، اضربني! اضربني بقوة، هذا يعجبني!
يرفع الماركيز دي ساد قبضته، يستعدّ لضربه، لكنّه يتوقف في آخر لحظة. وبلهجة ونظرة قاسيتين يقول له بطريقة سادية:
- لا.
* Enrique Anderson Imbert روائي وقاص وناقد أرجنتيني (1910 - 2000).
** ترجمة عن الإسبانية: إبراهيم اليعيشي