"خوَنة"، "عملاء لدول خارجية"، "أجندات دولية"، "مخربون"... كلمات لا شكّ حفظها المصريون عن ظهر قلب، تحديداً منذ ثورة 25 يناير وحتى اليوم.
كلمات استخدمها الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بكثرة، لتخوين عدد كبير من الثوار والناشطين. ولا تزال أصداء هذه الكلمات تتردّد حتى الساعة، وقد نجحت بالفعل في إقصاء عدد كبير من هؤلاء الذين لمع نجمهم بعد الثورة، عن الإعلام، وعن مخاطبة الجمهور. أما القسم الآخر من الثوار فلا يزالون يظهرون، لكن من وراء القضبان! إنها ببساطة السياسة الإعلامية التي أرسيت قواعدها في الأشهر الأخيرة للإطاحة بأي صوت منتقد للنظام. فماذا يقول هؤلاء الناشطون عن عملية التهميش الإعلامي التي يتعرّضون لها؟
مصطفى شوقي يفسّر هذا الاختفاء بعودة نظام المخلوع حسني مبارك من جديد الى الساحة السياسية، كما يقول. مؤكداً أنّ قرارات الإفراج المتوالية عن رموز النظام السابق هي أكبر دليل على عودة دولة الفساد التى قامت الثورة ضدها. ويضيف بأن هؤلاء "هم أول من اطلق مصطلحات التخوين التى لا اساس لها من الصحة، كي يتخلّصوا من الثوريين ومن ظهورهم الإعلامي الذي يخاطب الناس".
أسماء محفوظ بدورها، وهي التي كانت عضواً في "حركة 6 إبريل" اتّهمت بالعمالة مراراً في الإعلام، وبعد كل إطلالة تلفزيونية لها، كانت تتهم بتقاضي مبالغ مالية من دول أجنبية. لكن فجأة ابتعدت أسماء عن الإعلام. لماذا؟ "الأسباب عديدة، لكن أهمّها ارتفاع نبرة التخوين بين صفوف الثورة". وتتحدّث عن خوفها على اسرتها وعلى ابنها، وأسباب شخصية وسياسية كثيرة دفعتها إلى الابتعاد عن الساحة حالياً.
من جهته يقول خالد عبد الحميد، عضو المكتب السياسي لـ"ائتلاف شباب الثورة" سابقاً إنّ " الإعلام هو من بدأ بتجنب دعوتنا إلى البرامج السياسية. خصوصاً نحن الشباب المحسوبون على التيار المعارض. فضلاً عن أنهم أصبحوا لا يرغبون إلا في إذاعه صوت واحد فقط وهو صوت المؤيدين للسلطة".
وأضاف "وإذا استضافوا أحد الشباب المعارضين فهم يعرفون من يختارون... هؤلاء الذين يعرفون حدودهم جيداً، ولا يتخطون الخطّ الأحمر المرسوم للمعارضة". ويؤكد بحسرة أن "أغلب القنوات الفضائية الآن أصبحت تشتم الثورة ومن قام بها".
أما اختفاء القسم الآخر من أبرز الناشطين الذين كانوا يملأون الشاشات فسببه وجودهم... خلف القضبان. وهنا نتحدّث عن أحمد دومة، احمد ماهر، علاء عبد الفتاح... وغيرهم.
هذه هي الصورة في الإعلام المصري حالياً. إعلام الصوت الواحد، واحياناً كثيرة، إعلام الضيف الواحد.