وفي السياق نفسه، يصف النائب ضياء داود، الضغط الشعبي المصاحب لمناقشة البرلمان للاتفاقية بـ"الضرورة بشرط ألا يكون استغلالاً لمواقف سياسية من قبل بعض الحركات والجماعات بعد مطالبات إسقاط النظام"، معتبراً تلك الدعوات "أمراً غير مبرر ولا مفهوم، ولا سيما في ظل وجود مؤسسات منتخبة من المواطن للدفاع عن حقوقه واستجلاء الحقائق".
ووفقاً لداود فإنّ "البلاد ليست في ظرف اعتيادي يسمح بأن يكون هناك تصعيد شعبي ضد السلطة الحاكمة، لأننا لسنا في معركة تخوين مع أجهزة الدولة ومؤسساتها، بل نختلف مع تقديرات اللجنة التي شكلت لترسيم الحدود بين البلدين، والأمر الحاكم في النهاية هو الحفاظ على أرض الوطن"، على حد قوله. كما يشير داود إلى "صعوبة السيطرة على التظاهرات ذات الأعداد الكبيرة، وعدم قدرة منظميها على ضبط الإيقاع، واندساس عناصر محسوبة على جماعة الإخوان"، على حد قوله.
وبحسب داود فإن "القضية (ترسيم الحدود البحرية) صوتها مسموع داخل مجلس النواب، الذي تقدم عدد كبير من أعضائه بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة موجهة للحكومة، بشأن الكشف عن الوثائق التي استندت إليها في قرار التنازل عن الجزيرتين"، مشيراً إلى أن القضية بها خلافات تاريخية، فهناك دراسات تؤكد مصرية الجزيرتين، وأخرى تؤكد أنها مصرية، إضافة إلى تباين الموقف المصري عبر عهوده السابقة.
ولم تكن رؤية النائب، هيثم الحريري، لأهمية الضغط الشعبي مختلفة، إذ دعا المواطنين إلى مواصلة الضغط على البرلمان والحكومة، إلى حين الفصل في قضية ترسيم الحدود حول ملكية جزيرتي تيران وصنافير، مؤكداً أن "التظاهر السلمي حق مشروع، لكن من المهم أن يسبقه خلق حالة من الوعي الشعبي بأهمية القضية، بعيداً عن الموقف من النظام". وكتب الحريري، على صفحته الشخصية في موقع "فيسبوك"، يوم السبت، أنّ "الضغط الشعبي هو الطريق الوحيد للحفاظ على حقوق الشعب في جميع القضايا، المتمثلة في العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني"، معترفاً بأنّ "البرلمان الحالي لا يمثل إرادة الشعب المصري بشكل حقيقي، لذا فهناك ضرورة في الضغط الشعبي مثلما حدث في قانون الخدمة المدنية".
ووفقاً للحريري، فإن "هناك قضايا لا يمكن أن نتركها تمرّ مرور الكرام، لأن هناك أخطاء إذا حدثت قد يكون من الصعب أو المستحيل تصحيحها... هذا ليس قانوناً أو دستوراً يمكن إعادة تشريعه أو إعادة كتابته... دي أرضك وعرضك وحق ولادك". ولم يغفل الإشارة إلى أن "المواطن المصري هو الظَّهر والسند، والقضية وطنية بامتياز، باختلاف التوجهات والانتماءات، سواء المؤيد للنظام أو المعارض له"، مشدداً على "عدم التنازل عن شبر واحد من الأرض المصرية بدون يقين كامل، واستنفاد كافة الطرق الممكنة للحفاظ على الأرض بالدستور والقانون والتحكيم الدولي والاستفتاء الشعبي".
من جهته، يقول النائب، أحمد الطنطاوي، في تصريح خاص، إن استمرار الضغط الشعبي يعد الضمانة في عدم تنازل السلطة الحالية على أي شبر من الأراضي المصرية، ولا سيما في ظل تلكؤ الحكومة في إحضار الوثائق، التي تستند إليها في ملكية السعودية للجزيرتين، إلى البرلمان، الذي سيطلب بدوره مثول المسؤولين عن لجنة تعيين الحدود، وعقد جلسات استماع مطولة، بحضور أساتذة مختصين في القانون الدولي والتاريخ والجغرافيا من المشهود لهم بالاستقلالية.
ويلفت الطنطاوي إلى اتجاه الأغلبية تحت القبة النيابية إلى الموافقة على الاتفاقية، تماهياً مع الحكومة والسلطة الحاكمة، وهو ما سيقبله المعارضون احتراماً للآلية الديمقراطية، مستدركاً بأن النواب المعارضين سيتمسكون بطرح الاتفاقية للاستفتاء الشعبي، وفقاً لنص المادة 151 من الدستور.
وتنص المادة 151 على أنه "يمثّل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة".
بدوره، يرى النائب عن الحزب المصري الديمقراطي، خالد شعبان، أن تظاهرات يوم الجمعة جاءت متحضرة وسلمية، وفي إطار التعبير عن الرأي المكفول دستورياً لجميع المصريين، مشيراً إلى أن ضرورة استمرار التظاهر، بشرط عدم الخروج عن السلمية. ويؤيد شعبان حق الشعب في حسم الجدل حول الاتفاقية من خلال طرحها للاستفتاء، وعدم الاكتفاء برأي البرلمان، الذي سيؤدي دوره بتشكيل لجان مختصة والاستماع إلى المعنيين قبل حسم قراره النهائي.