تقدم شقيق الراهب المصري أشعياء المقاري، صموئيل سعد تواضروس، ببلاغ إلى النائب العام المستشار نبيل صادق، حمل رقم 3122 لسنة 2019، يتهم فيه أحد المحققين بتسريب فيديو اعتراف شقيقه بقتل أسقف ورئيس دير "الأنبا مقار" في وادي النطرون، الأنبا إبيفانيوس، مطالباً بفتح التحقيق مع من صوّر الفيديو ونشره عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وكان قد صدر حكم أول درجة بإعدام الراهب المصري. وقضت الدائرة الثانية في محكمة جنايات دمنهور المصرية، السبت الماضي، بإحالة أوراق وائل سعد تواضروس (أشعياء المقاري سابقاً)، والراهب فلتاؤس المقاري، إلى مفتي الديار للنطق بحكم إعدامهما، في جلسة 24 إبريل/ نيسان المقبل، بتهمة الضلوع في واقعة قتل رئيس الدير. وهما أول راهبين يواجهان مقصلة الإعدام في تاريخ القضاء المصري، علماً بأن الأول جرّد من الرهبنة قبل محاكمته، ولم يجرد الثاني انتظاراً لحكم المحكمة النهائي.
وطالب مقدم البلاغ صموئيل سعد تواضروس، بالتحقيق في واقعة تصوير اعتراف الراهب، من دون علمه أو وجود هيئة الدفاع عنه، وأسباب عدم تقديم الفيديو إلى المحكمة باعتباره دليلاً للإدانة، ونشره بعد صدور قرار المحكمة بإحالة أوراق القضية إلى المفتي، موضحاً أن فيديو الاعتراف جاء في دقيقة واحدة و37 ثانية، ولم يتعرض لحديث المتهم قبل أو بعد هذه المدة، لتبيان ما إذا كان وقع تحت إكراه أو تعذيب أو ضغط على شقيقه من عدمه.
ووفقاً للبلاغ، فإن مقطع الفيديو احتوى على بعض الأخطاء، منها أن المتهم الأول في القضية حاول قتل المجني عليه مرتين بضربه 3 ضربات على رأسه، فضلاً عن إلقائه أداة الجريمة في مكان الحادث، مطالباً باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة نحو التحقيق مع مصدر التصوير، والشخص الذي حقق مع شقيقه، للتوصل إلى حقيقة مكان وتوقيت وملابسات تصوير الفيديو.
وانتشر مقطع الفيديو على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط ردود فعل مسيحية غاضبة من قطاع واسع، لكونه يظهر أشعياء المقاري وهو يسرد بعض أحداث ارتكاب الجريمة، قائلاً: "الأحد السابق للحادث، نزلت مع فلتاؤس للأنبا ولم نجده"، ليسأله المحقق: "أنت اللي ضربته ولا فلتاؤس؟"، فأجاب المتهم: "أنا اللي ضربته، فلتاؤس غلبان، وأنا كمان غلبان، بس كنت مغلول أكتر".
وأضاف: "إحنا نزلنا 5 دقائق، وكان الأنبا بيولع النار، وهايدخل الحمام. ولما نزل وقفت ورا الشجرة، والدنيا كانت عتمة، وماقدرش يشوفني عشان نظره ضعيف". وسأل المحقق عن عدد الضربات التي وجهها للمجني عليه، فأجاب المتهم: "3 خبطات، والموضوع انتهى يا باشا".
وحسب التحقيقات الأمنية، فإن وائل سعد تواضروس مثّل جريمة قتل رئيس الدير بعد اعترافه بارتكابها نهاية يوليو/ تموز الماضي، بقضيب حديدي عُثر عليه في مخزن خردة في الدير، مؤكداً اشتراك الراهب فلتاؤس المقاري في الجريمة، بعد تجهيزه قضيباً مجوفاً طوله 90 سنتيمتراً ووزنه 2 كيلوغرام، وتربصه والمتهم الآخر بالأنبا إبيفانيوس أمام القلاية (سكن الراهب) الخاصة به ليلاً، أثناء خروجه للصلاة في الدير.
سبق أن أنكر أمام المحكمة تهمة قتل المجني عليه، أو اعترافه باشتراك فلتاؤس في جريمة القتل، مشيراً إلى أنه تعرض لضغوط نفسية ومادّية لإجباره على الاعتراف بالقتل. وهو ما أنكره وكيل الإدارة العامة للمباحث الجنائية في وزارة الداخلية، اللواء خالد عبد الحميد، في شهادته أمام المحكمة، قائلاً: "لو كان تعرض لضغوط لكان ذكرها أمام النيابة العامة".
وتوفي الراهب زينون المقاري في دير المحرق في محافظة أسيوط، وهو أب لاعتراف المتهم الأول وائل سعد تواضروس قبل تجريده من الرهبنة، متأثراً بالسم الذي وجد في أحشائه، ولم يقطع بوجود شبهة جنائية في واقعة انتحاره، وذلك بعد قرار نقله من دير "أبو مقار" ضمن 6 رهبان آخرين استبعدوا من الدير، بناءً على قرار بابا الكنيسة الأرثوذكسية تواضروس الثاني، لضبط الرهبة في الدير بعد الحادث.
والراهب الراحل كان ضمن مجموعة المعارضين لرئيس دير "الأنبا مقار"، وذكر اسمه في تحقيقات النيابة ضمن مجموعة الرهبان المشتبه في تورطهم في واقعة قتل رئيس الدير. الأمر الذي سبقه محاولة انتحار الراهب فلتاؤس بقطع شرايين يديه، بعد القبض على المتهم الأول أشعياء، على خلفية اكتشاف رئيس الدير الراحل تورط الراهب في صفقات تجارية، وشراء أراض وعقارات بالمخالفة لشروط الرهبنة.