ذكرت مصادر سياسية في أكثرية "دعم مصر" في البرلمان المصري، أن "هناك اتجاهاً لإدخال تعديل سريع وسطحي على مشروع القانون الذي يتيح للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية، ثم إصداره على الفور قبل بداية شهر مايو/أيار المقبل، حتى يظهر للرأي العام، أن البرلمان استجاب لملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة، واستجاب لملاحظات الهيئات القضائية التي جددت منذ ساعات اعتراضاتها على المشروع".
وأضافت المصادر أن "التعديلات المقترحة تتلخص في إلغاء بعض الشروط التي تبدو مجحفة بحق الهيئات القضائية، ولكن من دون الإخلال بفكرة التشريع الأساسية والتي تمنح رئيس الجمهورية سلطة تقديرية في اختيار رئيس كل هيئة قضائية من بين عدد من المرشحين يسميهم المجلس الأعلى للهيئة".
وتلقى رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، أخيراً، وبصفة رسمية خطابات برفض مجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة للمشروع، للمرة الثانية، وذلك بعدما أعاد مجلس النواب إرسال المشروع في صيغته الحالية (التي يبدو أنها ستعدّل مرة أخرى) إلى الهيئات القضائية، في تطبيق ظاهري للملاحظة الأولى التي أبداها قسم التشريع بمجلس الدولة على المشروع.
واكتنف الغموض أيضاً موقف هيئة النيابة الإدارية، بعد تراجعها الضمني عن معارضتها السابقة للمشروع، بفعل تضمّن مشروع القانون الذي أعدته النيابة لنفسها وأرسلته لمجلس النواب تمهيداً لاعتماده نفس النصوص التي تضمنها المشروع المطروح من دائرة السيسي، خصوصاً بما يتعلق باختيار رئيس الجمهورية لرئيس الهيئة من بين 3 مرشحين يختارهم المجلس الأعلى للهيئة، وهو ما يعتبر ارتداداً عن موقف الهيئة السابق برفض المشروع.
وقالت مصادر بالنيابة الإدارية إن "هناك مؤشرات وصلت للمجلس الأعلى للهيئة، بأن المشروع سيتم إقراره بالتأكيد في القريب العاجل، وبالتالي يرى رئيس الهيئة وبعض كبار أعضائها أنه لا قيمة لافتعال أزمة مع البرلمان، أو إبلاغه برفض الهيئة للمشروع المعدل، وأن من مصلحة الهيئة حالياً التركيز على تمرير مشروعها الخاص الذي وضعته لقانونها".
وكانت "العربي الجديد" قد كشفت منذ أيام عن تحركات يقودها بعض النواب المقربين من جهات وأجهزة نافذة في الدولة، على رأسهم النائب مصطفى بكري، تمارس على نطاق واسع بعيداً عن عيون الإعلام، لإقناع نواب الأكثرية النيابية "دعم مصر" بعدم التصويت لصالح هذا المشروع، وتأييد رأي قسم التشريع بمجلس الدولة الذي رفض المشروع وأكد وجود شبهات عدم دستوريته.
أما دائرة السيسي فتروّج بين نواب البرلمان بأن دكروري ليس هو المستهدف أصلاً من المشروع وأن حكم تيران وصنافير لن يؤثر على فرص توليه رئاسة مجلس الدولة، لا سيما وأنه معروف بتأييده المبدئي للنظام الحالي لدرجة تعيينه عضواً بمجلس إدارة المصرف المركزي. وتروج الدائرة ذاتها أيضاً لأنه في حال صدور هذا القانون فإن السيسي سوف يستبعد شخصاً واحداً فقط من تولي رئاسة هيئته القضائية، هو المستشار أنس عمارة، الذي تؤهله أقدميته لرئاسة محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى.
يذكر أن نادي القضاة سبق وطلب مقابلة السيسي لعرض اعتراضاته على المشروع، إلاّ أن رئاسة الجمهورية لم تحدد موعداً لهذا اللقاء، حتى الآن، كما أن مجلس الدولة هو الهيئة الوحيدة التي اعترضت رسمياً 3 مرات على المشروع، بينما لم تصدر المحكمة الدستورية العليا أي موقف إزاء المشروع نظراً لعدم مساسه بها.