عام مر على مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، لكن الوقت لم يُنسِ المعارضين أن مطالبهم لا تزال قائمة، وأن الانقلاب العسكري على الرئيس المعزول محمد مرسي، مستمر ويتفاعل حتى أحكم العسكر سيطرته على الحكم في مصر.
إلا أن هذا الواقع المرير، لم يثنِ المعارضين عن الاستمرار في تحركاتهم وصولاً الى تحقيق أهدافهم بإسقاط حكم العسكر، رغم ما يواجهونه من قمع أدى اليوم الخميس، إلى سقوط سبعة قتلى في التظاهرات التي جابت مختلف المحافظات المصرية في الذكرى السنوية الأولى لمجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
وكانت أعنف المواجهات التي جرت اليوم بين الشرطة والمتظاهرين في منطقة "المطرية"، شرقي القاهرة، وراح ضحيتها ثلاثة مواطنين قتلوا بطلقات قوات الشرطة، وهما الطالبان محمد أحمد شحات وايمان أحمد، اضافة الى عمر رمضان الذي يبلغ من العمر 24 عاماً، والذي صودف مروره وقت اعتداءات الشرطة على المتظاهرين، بحسب شهود عيان.
كما سقط قتيلان نتيجة اعتداءات قوات الشرطة على مسيرة لرافضي الانقلاب العسكري في منطقة المهندسين في محافظة الجيزة، وهما خيري الشوادفي وشخص آخر لم يتم التعرف على هويته.
ولم تكتفِ قوات الأمن بذلك، بل اعتقلت شقيق الشوادفي وصديقه من مستشفى بولاق الدكرور في الجيزة، بعد وصولهما لإنهاء إجراءات دفن الشوادفي. وجرى حجزهما في قسم بولاق الدكرور.
وسقط الطالب في كلية الآداب، إسلام جمال، قتيلاً نتيجة اعتداءات قوات الشرطة على إحدى المسيرات في منطقة المعادي، جنوب القاهرة. كما سقط قتيل آخر، ليلاً، خلال الاعتداء على مسيرة بمنطقة "6 أكتوبر" بالجيزة.
من جهتها، قالت وزارة الداخلية المصرية، في بيان لها اليوم، إن أحد أفرادها قتل وأصيب آخر خلال الاشتباكات مع رافضي الانقلاب، فيما قالت حركة أطلقت على نفسها "كتائب حلوان"، إنها قتلت عنصراً من الشرطة في منطقة حلوان، جنوبي القاهرة، صباح اليوم، خلال توجهه الى عمله لمشاركته في قتل المتظاهرين، على حد قولها.
وفي سياق متصل، ألقت قوات الشرطة القبض على 4 مصورين صحافيين ينتمون الى صحف "المصري اليوم"، "الشروق"، "اليوم السابع"، و"البديل"، في منطقتي المعادي وحلوان، جنوبي القاهرة، قبل أن تفرج عنهم بعد الاعتداء بالضرب عليهم.
وخرج المعارضون منذ صباح اليوم إلى الشارع منددين بحكم العسكر ومطالبين بعودة مرسي إلى الحكم، بينها مسيرة حاشدة نظمت لمعارضي الانقلاب في حي مدينة نصر شرقي القاهرة، فيما أعلنت حركة "طلاب ضد الانقلاب" قطع الطريق أمام منزل مساعد وزير الداخلية في مدينة نصر. كما قطعت مجموعة أخرى الطريق الموصل للحي السابع في المنطقة نفسها.
كما شهدت مناطق شرق القاهرة، حوادث عدة في الساعات الأولى من صباح اليوم، إذ ألقى مجهولون زجاجات مولوتوف على مبنى حي عين شمس، مما تسبب في إحراق واجهته، وبعض الطوابق به، وتكرر الأمر ذاته في مبنى حي المرج المجاور.
وفى مصر الجديدة، أحرق مجهولون سيارة نقيب الشرطة هشام محمد، الضابط في قسم مدينة نصر، كما أحرق آخرون برج اتصالات لاسلكية في مدينة نصر.
واعتدت قوات الأمن المصرية، بمعاونة عناصر من البلطجية، على مسيرة نظمها مناهضو الانقلاب العسكري في حي الشرباصي في محافظة دمياط، مما أسفر عن إصابة متظاهرين بأعيرة نارية وتم اعتقال العشرات.
يأتي ذلك في الوقت الذي قطع فيه مجهولون الطريق الدولي الساحلي المؤدي لمدينة دمياط الجديدة وطريق السكك الحديدية، الذي يربط محافظتي دمياط والدقهلية، مما تسبب في تعطيل حركة القطارات.
وفي محافظة الدقهلية، نظم أعضاء "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" مسيرة في مدينة المنزلة. أما في محافظة البحيرة، شمالي مصر، فنظم نشطاء حركة "عفاريت ضد الانقلاب" مسيرتين. كما قام مجهولون بقطع الطريقين الزراعي والدولي الساحلي في مدينة دمنهور في المحافظة نفسها، مرددين هتافات منددة بالانقلاب ومذبحة الفض.
وفي محافظة الشرقية، نظمت أسر قتلى ومصابي مذبحة رابعة سلاسل بشرية على طريق كفر صقر أبو كبير. وفي محافظة القليوبية، نظم مناهضو الانقلاب في قرية عرب العليقات، التابعة لمركز الخانكة، سلسلة بشرية أكدوا خلالها مواصلة حراكهم السلمي حتى إسقاط الانقلاب.
أما في الإسكندرية، اعتقلت قوات الأمن سبعة معارضين بعدما فرقت بالقوة مسيرتين للمعارضة في شرق المدينة، فيما خرجت تظاهرات أخرى في عدة مناطق في المحافظة.
كما رفعت الأجهزة الأمنية حالة الطوارئ استعداداً لتظاهرات اليوم، وشهدت المحافظة تعزيزات أمنية مكثفة حول المنشآت الحيوية ومراكز وأقسام الشرطة وجميع المصالح الحكومية.
وخلال المسيرات التي انطلقت في عدد من مناطق شرق وغرب المدينة، رفع المشاركون صور مرسي وإشارات رابعة العدوية مطالبين برحيل السيسي وعودة المسار الديمقراطي للبلاد والإفراج الفوري عن المعتقلين كافة.
وكانت قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات في الإسكندرية، أبطلوا مفعول قنبلتين عثر عليهما بمزلقان "باكوس" على خط قطار "أبوقير" وفي منطقة المنشية وسط المدينة.
خطة تحرك للتحالف في تركيا
هذه التحركات على الأرض، قابلتها خطة تحرك وضعها "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" في تركيا، في ذكرى فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
وكشف منسّق فعاليات التحالف في تركيا، مصطفى البدري، عن ترتيب زيارة العديد من سفارات دول العالم، وشرح اﻷوضاع في مصر من خلال وفود سياسية وشعبية، مع تسليمهم ملفاً كاملاً موثقاً لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر على يد الجيش والشرطة.
وقال البدري لـ"العربي الجديد"، إنه "سيتم عرض خروقات الإعلام المتمثلة في التحريض على قتل المتظاهرين السلميين، فضلاً عن الاعتداء القضائي السافر على القانون ومخالفته لمعايير العدالة الدولية".
ولفت البدري، إلى أن الزيارات ستكون لنحو أربعين سفارة وقنصلية، مع إرسال الملف نفسه عبر البريد الإلكتروني لسفارات جميع دول العالم في أنقرة، مرفقاً به رسالة سياسية لوزير خارجية كل دولة.
وقال منسق فعاليات التحالف في تركيا، "إنه تم تنظيم عدد من الفعاليات لإحياء ذكرى رابعة، منها ما سيتم تنفيذه اليوم الخميس، فضلاً عن بعض التحركات خلال الفترة المقبلة".
(شارك في التغطية: محمد علي، حبيبة عبد العزيز، إبراهيم يحيى، محمد محسن، أيمن المصري، محمد أحمد).