أثارت مضامين بعض الكتب والمقررات المدرسية بالمغرب، التي وردت فيها أخطاء لغوية أو معرفية أو إساءات للسيادة الوطنية، جدلا وسط التلاميذ وأولياء أمورهم، بل وصلت القضية إلى الحكومة وقبة البرلمان، من خلال دعوة حزب سياسي لوزير التعليم للتدخل لحماية التلاميذ من تداعيات هذه الأخطاء والتجاوزات التربوية.
ومن مضامين الكتب المدرسية التي أثارت انتقادات آباء وتلاميذ وتربويين متخصصين، ما ورد في مقرر مادة التربية الإسلامية للسنة الثانية من التعليم الابتدائي، حيث جاء فيه سؤال بخصوص القبول بـ"الضجيج" الذي يحدثه أطفال يصلون في حديقة، وهو الأمر الذي رفضه آباء اعتبروا ذلك إشارة ضمنية لتنفير الأطفال من الصلاة.
يقول عبد اللطيف بلعصام، والد تلميذ يدرس في مؤسسة تعليمة عمومية بالرباط، في تصريح لـ"العربي الجديد"، تعليقا على هذا الموضوع، إنه فوجئ لإدراج محور يتحدث عن الضجيج الذي يحدثه الأطفال بأداء الصلاة، مضيفا أنه كان من الأجدر تخصيص دروس تحث على ضرورة أداء فريضة الصلاة، وليس ربطها بالضجيج والتنفير منها.
ومن جهته، يقول الواعظ الديني إبراهيم بن الكراب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ الحديث عن الضجيج في الصلاة حمّال أوجه، فإذا كان المقصود من الكتاب المدرسي هو إظهار أن الصلاة في حد ذاتها تثير الجلبة والضجيج عندما تقام في فضاء عام مثل الحديقة، فهذا خطأ تربوي وبيداغوجي ويتضمن تنفيرا من الصلاة، ويتعين إصلاح الخطأ بإعادة مراجعة المقرر المدرسي.
ويضيف المتحدث "لكن إذا كان المقصود هو إبراز خطأ إحداث الضجيج من طرف الأطفال قبل أداء الصلاة، وفقدان تركيزهم عند أداء هذا الواجب الديني، بهدف التحسيس بأهمية الصلاة في هدوء وروية، فهذا مطلوب ومحبذ تربويا وبيداغوجيا"، على حد تعبيره.
ونالت الأخطاء اللغوية والنحوية المبثوثة في بعض الكتب المدرسية تذمر وامتعاض الكثيرين، من قبيل عبارة تقول "يملك مصطفى 9 قصةً وتملك أخته سعاد 6 قصةً أخرى"، وهو ما اعتبره أساتذة اللغة العربية اعتداء على اللغة العربية، مطالبين وزير التعليم بإعادة النظر في الكتاب وإصلاح ما يمكن إصلاحه من أخطاء لغوية فادحة.
مقرر دراسي آخر نال حصته من الانتقادات يتمثل في رواية باللغة الفرنسية عنوانها "الأسد"، فرضته مؤسسات تعليمية خاصة على التلاميذ لقراءته في الموسم الدراسي الجديد، بسبب أنها تتضمن خريطة للمغرب مبتورة من صحرائه، الشيء الذي اعتبره متابعون بأنه خطأ فادح لكون الرواية تدرس خريطة المغرب ناقصة لأجيال ناشئة من المفترض تربيتها على التمسك بالوحدة الترابية للوطن.
لا تحتاج في المغرب الى الحنكة والحكمة حتى تتعرف على تلف المنظومة التعليمية بالمغرب ،فقط نظرة الى المقررات سيتضح المقال ... — hakim ibno lwady (@aboutahahakim1) ٢٣ سبتمبر، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
">
|
مفتش تربوي بالمديرية الإقليمية بمدينة فاس، رشيد شاكري، أوضح من جانبه في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن مضامين الكتاب المدرسي غير مفروضة على الأستاذ، لأن عملية اختيار المحتويات وتنظيمها من مهام هذا الأخير، الذي له صلاحية اعتماد أنشطة أخرى مستقاة من كتب مدرسية أخرى ومن مصادر أخرى ورقية أو رقمية وفق حاجات المتعلمين وطبيعة الأهداف المحددة.
وأبرز شاكري أن الكتب المدرسية المقررة في المدارس المغربية تخضع لزوما لمصادقة الوزارة الوصية من خلال لجان مختصة تخضعها للفحص على عدة مستويات: معرفية ولغوية وقيمية وديدكتيكية، مشيرا إلى إحداث اللجنة الدائمة للتجديد وملاءمة البرامج والمناهج، غير أنها لم تر النور إلى حد الآن.
ولفت الخبير التربوي إلى أن "كل مؤسسة تعليمية تتوفر على مجلس تعليمي يتدارس الكتب المدرسية ويرفع تقريرا حولها، بما في ذلك الأخطاء التي قد يصادفونها"، متابعا أن "مديرية المناهج تتلقى تقارير المفتشين التربويين، وتتابع ما ينشر في الجرائد في ما يخص بعض الأخطاء التي قد تكون تسربت إلى الكتب المدرسية وتراسل دور النشر المعنية لتصحيحها وإعادة طبعها".
واستدل شاكري في هذا الصدد بمراجعة كتب التربية الإسلامية في السنة الدراسية الجديدة، موردا أن "الكتب المدرسية تحتاج دوما إلى مراجعة سنوية، لأن المعارف تتطور والأحداث تتغير، لذا على الكتب المدرسية أن تواكب هذه المستجدات"، وفق تعبيره.