في هذا الإطار، كشفت مصادر لـ "العربي الجديد" عن وجود اتصالات بوساطة مصرية، للتفاوض حول تثبيت وقف إطلاق النار ورفع الحصار.
ولوحت حركة "حماس" على لسان عضو مكتبها السياسي، محمود الزهار، بأنّ إنهاء الحصار كاملاً، هو الثمن المطلوب لتثبيت وقف إطلاق النار مع الاحتلال، الذي لم يجر تثبيته، ولا العمل بمقتضياته منذ انتهاء العدوان في 26 أغسطس/آب الماضي.
اقرأ أيضاً: إسرائيل تُطمئن عباس: لا اتصالات مع "حماس" للتهدئة
وقال الزهار، في احتفال تخريج لمخيمات صيفية نظمتها كتائب "عز الدين القسام" الجناح العسكري للحركة، إن "رسالتنا للعدو واضحة: المعادلة الجديدة القائمة اليوم، أننا لن نقبل بالحصار، وأن معادلة تثبيت وقف إطلاق النار، لا تعني الحديث عن هدنة ولا عن غيرها، بل تثبيت وقف إطلاق النار، الذي تم الاتفاق عليه بعد معركة العصف المأكول التي وضعنا فيها بصمات نصرنا واضحة على كل العالم، ثمنها رفع الحصار".
وشهد الحصار الإسرائيلي، وفي بعض الأحيان المصري، على قطاع غزة، مراحل متعددة كالمد والجزر، منها ما كانت تتغلب عليه غزة جزئياً، ومنها ما كان يخنقها، ويخنق ما يقارب مليوني إنسان يعيشون فيها، أكثر فأكثر.
ولم تساعد الظروف الإقليمية "حماس" في إنهاء الحصار. فيما بدت السلطة الفلسطينية وكأنها رفعت يدها عن القطاع، ورهنت أيّ تدخل في حلّ أزماته ومشاكله، بتسليم "حماس" الأرض والمعابر والأمن، في خطوة ترفضها الحركة الإسلامية، التي تقول إنّه جرى الاتفاق على شراكة وطنية، وليس تفرّداً في الحكم.
وكان يفترض عقب انتهاء العدوان، وتوقيع وقف إطلاق النار، عقد جولات تفاوض غير مباشرة بين وفد فلسطيني مشترك يمثل المقاومة والسلطة، من جهة، والاحتلال الإسرائيلي، من جهة ثانية، عبر وسيط مصري. غير أنّ مصر رفضت استضافة هذا التفاوض بدعاوى مختلفة.
وتؤكّد مصادر لـ "العربي الجديد" وجود اتصالات مع مصر بدأت قبل أيام، في سبيل استئناف مباحثات التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار، وأنّ هناك تجاوباً محدوداً من القاهرة في هذا السياق، وربما يغادر وفد فلسطيني في وقت قريب لبحث التفاصيل.
وفي هذا الإطار، يوضح الكاتب والمحلل السياسي، حسام الدجني، لـ "العربي الجديد"، أنّ مسألة رفع الحصار عن غزّة تتوقف على عاملين اثنين، هما الموقف الإسرائيلي الذي يدرك أن انفجار غزة أصبح مسألة وقت، في ظل تفاقم الأزمات العديدة، بالإضافة إلى الموقف الإقليمي والدولي الذي يريد هو الآخر هدوءاً في غزة.
ويلفت الدجني إلى أنّ الواقع حالياً مهيأ للتوصل لاتفاق يرفع الحصار عن غزة، ويخفف المعاناة اليومية للغزيين، لضمان هدوء جبهة غزة وعدم اشتعالها مجدداً في وجه الاحتلال.
ويؤكد أنّ الموقف الإسرائيلي الرسمي لا يريد الذهاب باتجاه تصعيد جديد، بعد نتائج الحرب الماضية، والذي كبدته خسائر سياسية وعسكرية واقتصادية، عدا عن اهتزاز صورة الاحتلال في المحافل الدولية، فهو الآن يريد بشكل أو بآخر، بقاء حالة الهدوء في غزّة.
ويوضح أنّ الاحتلال وأطرافاً فلسطينية ودولاً إقليمية، سعت إلى إسقاط حكم حركة "حماس" في القطاع، سواء بالحصار أو بالحروب المتلاحقة، وهم مجتمعون من أعاقوا رفع الحصار في السنوات التسع الماضية.
ويشير الدجني إلى وجود سلسلة من الاتصالات والرسائل التي تتم عبر أطراف على علاقة مع "حماس"، وجهود يبذلها مبعوثون أمميون من أجل التوصل لاتفاق هدنة طويل الأمد، بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي يضمن منح غزة حرية التنقل والحركة ورفع للحصار، وفتح كامل للمعابر.
ويبين أنّ الواقع حالياً حال استمرت المماطلات في رفع الحصار على غزة، سيدفع باتجاه انفجار غزة في وجه الاحتلال مجدداً، والدخول في مواجهة مفتوحة لا يرغبها أي من الطرفين.
أما المحلل السياسي، طلال عوكل، فيقول لـ "العربي الجديد"، إنّ حركة "حماس" بإمكانها فرض معادلة رفع الحصار مقابل الهدوء، لكن ذلك مرتبط بثمن سياسي، واتفاق شامل، بوساطات دولية، تريدها إسرائيل والحركة، من أجل تعزيز الثقة للاتفاق بين الجانبين.
ويشير عوكل إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يريد تفاهمات شفوية، بينه وبين حركة "حماس"، بل يريد أن تدفع الحركة ثمناً سياسياً مقابل أي اتفاق يرفع الحصار عن غزة، مؤكداً أنّ هناك فرصة أخرى من الممكن أن تستغلها الحركة؛ وهي التوجه لاتمام المصالحة الفلسطينية كون الكثير من المبادرات والرؤى التي قدمت لها تشترط الهدوء مقابل التنمية، وتريد أن تسقط خيار المقاومة، وفرض شروط ترفضها الحركة وجناحها العسكري.
ويلفت عوكل إلى أنّ الانقسام الفلسطيني كان أحد العوائق التي اعترضت رفع الحصار عن غزة، بالإضافة للموقف الإسرائيلي الذي يريد سحق حركة "حماس"، عدا عن الموقف الدولي المتمثل في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الذين دفعوا باتجاه الحصار في محاولاتهم لإسقاط الحركة أو دفعها للاعتراف بإسرائيل.
ويؤكد أنّ التفاهمات غير المباشرة التي تمت بين الوفد الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية صيف 2014 هشة للغاية، ولم تلب الطموحات التي أردات "حماس" والمقاومة تحقيقها، مبيناً أنّ حجم الاستعداد العسكري الذي تقوم به الحركة يدلل على أنها من الممكن أن تتجه لكسر التفاهمات، وتفعيل المقاومة إذا استمر الحصار.
وعن إمكانية رفع الحصار في المستقبل القريب، استبعد الكاتب والمحلل السياسي إمكانية التوصل لاتفاق هدنة أو تفاهمات في المرحلة الحالية، مشدداً على أن الأمر يحتاج إلى الكثير من الوقت في ظل وجود بعض الملفات العالقة كملف الأسرى الإسرائيليين، وبعض تفاصيل الحرب الأخيرة.
اقرأ أيضاً: زيارة ثانية لمشعل إلى السعودية...ومصر تتوسّط لتطبيع العلاقة بـ"حماس"