بدأت معركة جديدة بين مجلس النواب الأردني والحكومة على خلفية القانون المعدل لقانون المواصفات والمقاييس الذي يتضمن بنوداً في غاية الحساسية يرى نواب وبعض الجهات أنها تؤثر على جودة السلع الموردة إلى الأردن وتفتح المجال لتسويق بضائع رديئة تضر بسلامة المستهلكين.
ويحاول أعضاء في مجلس النواب تشكيل أغلبية لرد تعديلات القانون المفترض أن تعرض عليهم للمناقشة الأحد، وهو ما طالبت به الجمعية الوطنية لحماية المستهلك، فيما تحاول الحكومة تخفيف حدة الاعتراضات ضد التعديلات، وشرح تفاصيلها معتبرة أنها لا تمس بجودة السلع.
رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب النائب خيرو صعيليك قال لـ"العربي الجديد" إن اللجنة من خلال جلسة نقاشية مع الحكومة تمكنت من إلغاء تعديل خطير على القانون يسمح بأن يقوم المستورد بالتبرع بالبضاعة المخالفة للمواصفات للجمعيات الخيرية رغم عدم مطابقتها للشروط الخاصة بسلامة وجودة السلع.
ورفض النواب مقترحاً من قبل القطاع التجاري قدمه رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي بالإبقاء على هذه المادة كونها تخدم التجار. وسأل أبو صعيليك: "كيف يقبل التاجر التبرع ببضاعة سيئة للفقراء؟ ولماذا يقوم باستيرادها أصلاً؟".
واعتبر الدكتور محمد عبيدات رئيس جمعية حماية المستهلك أن القانون المعدل للمواصفات والمقاييس يتضمن بنوداً تضر بالمستهلكين. ودعا إلى إلزام التاجر بإعادة البضاعة المخالفة إلى بلد المنشأ حصراً، لا إعادة تصديرها إلى بلد آخر كما تشير التعديلات المقدمة من الحكومة.
وشرح أنه من غير المعقول أن يعاود المستورد تصدير بضاعة غير مستوفية الشروط الصحية والتجارية إلى بلد آخر قد يتعرض فيه المواطنون إلى أضرار وخطورة على حياتهم "لا بل ما ما هي الضمانات المتوافرة لكي لا يتم إدخال هذه البضائع مرة أخرى إلى الأسواق المحلية بعد القيام بالتحايل على القوانين واستيرادها هي ذاتها من مناطق حرة مجاورة، بعد تصديرها إليها؟".
من جهة أخرى، أوضح عبيدات أن السماح للتجار بالقيام بالإجراء التصحيحي على السلع المخالفة سيمكنهم من إدخالها إلى الأسواق وبيعها بأسعار تقل عن السلع الأصلية أو الخالية من أية عيوب، وهذا سيسبب أضراراً بالغة بالتجار الذين يستوردون السلع غير المخالفة، ما يفرض منافسة غسر مشروعة، إضافة إلى تعريض صحة المستهلكين للخطر.
وأشار عبيدات إلى أن السماح للمستورد القيام بالإجراء التصحيحي على بطاقة البيان للبضائع، يعارض المنطق. إذ إن هذا الإجراء ممكن أن يقوم به المصنع المحلي، الذي يمتلك قدرة سحب البضائع من السوق وإجراء التعديلات اللازمة عليها حتى تصبح آمنة وسليمة للاستخدام من قبل المواطنين.
واستغرب عبيدات الاستهتار بحياة المواطنين من خلال السماح بتوزيع السلع المخالفة لقواعد المنشأ مجاناً. "إذ إن هذه البضائع قد تكون خطيرة على سلامة الإنسان، وهذا الأسلوب يعتبر تعدياً مباشراً على أبرز حقوق المستهلك الثمانية التي كفلتها له هيئة الأمم المتحدة عام 1985 ووقعت عليها حكومة المملكة الأردنية الهاشمية آنذاك، ألا وهي حقه في الحصول على سلع آمنة وسليمة".
من جانبه، قال وزير الصناعة والتجارة والتموين طارق الحموري لـ "العربي الجديد" إن التعديلات على قانون المواصفات والمقاييس لا تمس إطلاقاً بجودة السلع أو سلامتها "إذ إن بلدنا من أكثر الدول تشدداً في مواصفات السلع". وأضاف أنه شطب التعديل الذي كان يسمح بالتبرع بالبضائع المخالفة للمواصفات للجمعيات الخيرية في حال كانت سليمة للاستخدام فيما تم الإبقاء على التعديل الذي يتيح للتاجر إعادة تصدير بضاعته إلى أي بلد في العالم وليس فقط بلد المنشأ كما هو الحال حاليا.
وفي ما يتعلق ببطاقة البيان أوضح أن التعديل يتعلق ببعض البنود الشكلية مثل اللغة، من دون التدخل إطلاقاً بمواصفات السلعة التي لن تتغير ولا يُسمح بتغيير بطاقة البيان.
وأكد أن الحكومة حريصة على جودة السلع وهناك رقابة مشددة على كل سلعة تدخل إلى السوق، سواء مصنعة محلياً أو مستوردة من الخارج. وتعاني السوق الأردنية من انتشار السلع المقلدة التي تدخل البلاد بطرق غير مشروعة وتقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات.