استمرت، معاناة مئات المواطنين المصريين، الذين اضطروا للنزوح من بعض قرى مدينة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، التي سيطر عليها تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش" قبل أسبوعين، نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشونها لعدم توافر مسكن بديل، أو مساعدات حكومية. ورفض هؤلاء المساعدة المالية التي قدمتها المحافظة لهم، والتي بلغت 500 جنيه (31 دولاراً أميركياً) فقط، في حين أنّ الاحتياج الأولي لهم يفوق ذلك بأضعاف، ما دفعهم لتجديد مطلبهم بضرورة سعي الدولة إلى إعادتهم إلى قراهم من خلال طرد تنظيم "داعش" منها، بواسطة قوات الجيش المصري التي لم تحاول دخول القرى سوى مرة واحدة ولم تحقق الهدف.
وفي تفاصيل القرار الحكومي، نقلت وسائل إعلام محلية أنّ وزارة التضامن الاجتماعي خصصت مبلغ مليوني جنيه مصري (125 ألف دولار) كمساعدات عاجلة من صندوق الإغاثة لإنفاقها كتعويضات للأسر التي تضررت بسبب الحرب على الإرهاب بقرى بئر العبد في شمال سيناء. ووفقاً لحديث اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، فإنّه يتم صرف مبلغ 500 جنيه (31 دولاراً) لكلّ أسرة تضررت بسبب الحرب علي الإرهاب في مختلف قرى مركز بئر العبد من وزارة التضامن الاجتماعي، مضيفاً أنّه تم تجهيز مدارس "بئر العبد" و"6 أكتوبر" و"الشهداء" و"رمانة" و"الشيخ زايد" بـ450 بطانية و100 مرتبة، لإقامة الأسر التي تضررت في قرى بئر العبد، إلى جانب توزيع 1350 صندوق مواد غذائية من إدارة بئر العبد الاجتماعية و500 صندوق من "مؤسسة مصر الخير" وطنّ ونصف طنّ من اللحوم على المتضررين. ولفت إلى تقديم مساعدات مالية لـ250 أسرة فقيرة بقرية رابعة من مؤسسة صنّاع الحياة في صورة حوالات بريدية لكلّ أسرة، إلى جانب التنسيق لإدخال 1000 صندوق مواد غذائية في إطار حملة "تحيا مصر" بالتنسيق مع فرع الهلال الأحمر المصري بشمال سيناء.
في تعليقه على كلّ ذلك، يقول أحد أعيان قرية قاطية التي نزحت غالبية سكانها لـ"العربي الجديد" إنّ الدولة، بعد غياب دام أكثر من أسبوع، عن معاناة مئات المصريين، جاءت من خلال المحافظة لتوزيع مبلغ مالي زهيد لا يكفي أجرة نقل الحاجيات الأساسية، واعتبار ذلك دعماً كافياً للأسر التي نزحت، بينما مطلب الأهالي في ظل هذا التقصير الحكومي لم يعد سوى إعادتهم إلى منازلهم وقراهم، وطرد تنظيم "داعش" الإرهابي منها، و"هذا ما لم تفعله الدولة حتى الآن، ولا يبدو أنّها تسعى لذلك، تخوفاً من ردة فعل التنظيم الذي بدأ يؤسس لتواجده الدائم في قرانا التي اضطررنا للنزوح منها، ويمارس نشاطاته فيها بكل راحة، ما يدفع المواطنين للقلق على مصيرهم، والتفكير في مصير النازحين من مدن رفح والشيخ زويد والعريش ووسط سيناء، والذين تبين أنّ نزوحهم الاضطراري سابقاً استمر طويلاً، ما يعني أنّ هذا النزوح سيكون بلا عودة أيضاً".
ويوضح أنّ النازحين من قرى بئر العبد، يعيشون في ظروف غير إنسانية في ظل عدم توافر الحد الأدنى من مقومات الحياة وانقطاعهم عن مصادر رزقهم، فيما تغيب الرعاية الطبية والاجتماعية عن عشرات المواطنين المحتاجين لذلك، بخلاف القلق الذي يتملكهم على مصير منازلهم وأراضيهم في ظلّ القصف الجوي على القرى، بينما تتوارد الأنباء حول هدم عشرات المنازل والمحال التجارية والوحدات الصحية والتعليمية والبنى التحتية، ما يعني عدم صلاحية القرى للسكن مجدداً. وبينما يشدد على ضرورة تعويض الدولة المتضررين من هذه الأحداث، فليست هناك بوادر على قيام الدولة بواجباتها وهذا ما ظهر من خلال ضعف الدعم الأولي للمتضررين، وغياب الاهتمام بمطلب المواطنين بالعودة إلى منازلهم، وهو وضع سيستمر طويلاً في حال استمرت عملية الجيش المصري على الوتيرة الحالية.
حملة اعتقالات
هاجم تنظيم ولاية سيناء، التابع لتنظيم "داعش"، قبل أسبوعين، معسكراً وعدة كمائن للجيش المصري بقرية رابعة، غربي مدينة بئر العبد، في شمال سيناء، ما أدى لمقتل وإصابة عسكريين، ثم سيطر على قرى جنوب رابعة، وهي أقطية وقاطية والمريح والجناين، ورفع علمه، وشنّ حملة اعتقالات بحق المواطنين للبحث عن المتعاونين مع الأمن، ما اضطر عشرات الأسر للنزوح خارج القرى، بحثاً عن الأمان.