21 فبراير 2018
مفاتيح لألغاز الشرق الأوسط
الشرق الأوسط قصة محيرة، ألغازه عصيّة على الحل. كل يوم تتغير موازين القوى، كل أسبوع يظهر لاعبون جدد، كل شهر تنهار معادلات وتقوم أخرى، حتى إن المواطن، من شدة حيرته، استسلم لنشرات الأخبار، ورمى نفسه إلى تيار الأحداث التي لا يعرف إلى أين تقوده.
ثلث العراق في يد داعش، وثلث في يد إيران، والثلث الباقي في يد الأكراد. بعثت حكومة حيدر العبادي في بغداد الحشد الشعبي لقتال داعش في الشمال، فإذا بالحشد الحقيقي هو الذي يخرج في الجنوب، يطالب بإسقاط الفساد وإنهاء المحاصصة الطائفية ومحاكمة وزراء حكومات الطائفية المتعاقبة. هل تستطيع الحكومة، التي تصرف مليارات الدولارات، ولا تستطيع تأمين الكهرباء لشعبها، محاربة داعش وطردها خارج الحدود؟
لم يعد بشار الأسد يراقب إلا 20٪ من أراضي الجمهورية العربية السورية، ولولا دعم إيران وحزب الله لانهار نظامه منذ سنتين. الآن، بدأ يترنح، بفعل تقدم المعارضة ميدانياً، وبفعل تحرك إيران مع روسيا، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في سورية. زيارات وليد المعلم إلى موسكو وطهران ومسقط تدل على أن المبادرة الإيرانية لحل سياسي في المنطقة بدأت تنضج على نار هادئة. إيران كانت الطرف المتشدد في الأزمة السورية، وأصبحت الأكثر اعتدالا بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب. تغيّرت قواعد اللعب، قبل التوقيع، كانت إيران دولة مارقة تدعم الاٍرهاب. اليوم، يقول وزير خارجية فرنسا في طهران إن على إيران أن تساعدنا على محاربة الاٍرهاب، وفي مقدمته داعش، وهذه تعيش على إيقاع تحولات كبيرة بعد دخول تركيا على خط المواجهة، وفتح قاعدة إنجلريك أمام الطائرات الأميركية. أردوغان الذي كان يخشى التورط في المستنقع السوري، قبل إجراء الانتخابات التشريعية، أخيراً، أصبح متحمسا لضربة مزدوجة ضد داعش وحزب العمال الكردستاني، والهدف المرجح هو الذهاب إلى انتخابات جديدة، وخطب ود الأصوات القومية المصابة بحساسية كردية، بعد أن فشل حزب العدالة والتنمية في الحصول على أغلبية في البرلمان، تسمح له بتغيير شكل نظام الحكم، والاستمرار في خطة بناء تركيا الجديدة.
تخوض السعودية، التي كانت لا تلعب إلا في الساحة الدبلوماسية، اليوم، ثلاث حروب على واجهات متحركة. الأولى في اليمن، حيث تحالف حليفها القديم، علي عبد الله صالح، مع عدوها الجديد، الحوثي، والهدف استئصال النفوذ الإيراني من العمق الاستراتيجي لآل سعود. الثانية ضد داعش داخل الحدود وخارجها. الثالثة ضد بقايا بشار الأسد في سورية. أما الواجهة الأكبر أمام اللاعب السعودي فهي السباق لإيجاد بديل للحماية الأميركية التي رفع أغلبها عن الخليج.
مع كل هذه التعقيدات والتشابكات، هناك ثلاثة مفاتيح تساعد على قراءة خارطة المنطقة حتى سنوات قليلة مقبلة:
الأول: لم تعد أميركا اللاعب الأكبر في الشرق الأوسط. الأطراف الإقليمية، وفي مقدمتها إيران والسعودية وتركيا وإسرائيل، وإلى حد ما مصر، هم اللاعبون الأكثر تأثيراً في المنطقة، وهذا ما سماه أستاذ العلاقات الدولية، غسان سلامة، عولمة الاقتصاد وأقلمة السياسة.
الثاني: لا الثوابت ولا تحالفات ولا موازين قوى قارّة في المنطقة، السيولة الشديدة سمة الوضع في الخليج. من هنا فصاعداً، سيصبح الزمن السياسي الإقليمي متسارعا والمتغيرات متلاحقة، والذي لا يتكيّف سيجد نفسه على الهامش.
الثالث: لم تعد الدول وحدها الفاعل الرئيسي في المشهد الإقليمي. صارت الجماعات والحركات والتنظيمات، وخصوصاً المتطرفة، فاعلا مؤثراً في الحرب والسلم. اليوم أبو بكر البغدادي (تنظيم الدولة) وحسن نصر الله (حزب الله) وأبو محمد الجولاني (جبهة النصرة) وقاسم سليماني (فيلق القدس) فاعلون سياسيون وعسكريون، في أزمات المنطقة وحروبها، أكثر من بعض الدول. أسلحتهم غير تقليدية، ولخططهم تداعيات على وحدة الدول واستقرارها.
لم يعد بشار الأسد يراقب إلا 20٪ من أراضي الجمهورية العربية السورية، ولولا دعم إيران وحزب الله لانهار نظامه منذ سنتين. الآن، بدأ يترنح، بفعل تقدم المعارضة ميدانياً، وبفعل تحرك إيران مع روسيا، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في سورية. زيارات وليد المعلم إلى موسكو وطهران ومسقط تدل على أن المبادرة الإيرانية لحل سياسي في المنطقة بدأت تنضج على نار هادئة. إيران كانت الطرف المتشدد في الأزمة السورية، وأصبحت الأكثر اعتدالا بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب. تغيّرت قواعد اللعب، قبل التوقيع، كانت إيران دولة مارقة تدعم الاٍرهاب. اليوم، يقول وزير خارجية فرنسا في طهران إن على إيران أن تساعدنا على محاربة الاٍرهاب، وفي مقدمته داعش، وهذه تعيش على إيقاع تحولات كبيرة بعد دخول تركيا على خط المواجهة، وفتح قاعدة إنجلريك أمام الطائرات الأميركية. أردوغان الذي كان يخشى التورط في المستنقع السوري، قبل إجراء الانتخابات التشريعية، أخيراً، أصبح متحمسا لضربة مزدوجة ضد داعش وحزب العمال الكردستاني، والهدف المرجح هو الذهاب إلى انتخابات جديدة، وخطب ود الأصوات القومية المصابة بحساسية كردية، بعد أن فشل حزب العدالة والتنمية في الحصول على أغلبية في البرلمان، تسمح له بتغيير شكل نظام الحكم، والاستمرار في خطة بناء تركيا الجديدة.
تخوض السعودية، التي كانت لا تلعب إلا في الساحة الدبلوماسية، اليوم، ثلاث حروب على واجهات متحركة. الأولى في اليمن، حيث تحالف حليفها القديم، علي عبد الله صالح، مع عدوها الجديد، الحوثي، والهدف استئصال النفوذ الإيراني من العمق الاستراتيجي لآل سعود. الثانية ضد داعش داخل الحدود وخارجها. الثالثة ضد بقايا بشار الأسد في سورية. أما الواجهة الأكبر أمام اللاعب السعودي فهي السباق لإيجاد بديل للحماية الأميركية التي رفع أغلبها عن الخليج.
مع كل هذه التعقيدات والتشابكات، هناك ثلاثة مفاتيح تساعد على قراءة خارطة المنطقة حتى سنوات قليلة مقبلة:
الأول: لم تعد أميركا اللاعب الأكبر في الشرق الأوسط. الأطراف الإقليمية، وفي مقدمتها إيران والسعودية وتركيا وإسرائيل، وإلى حد ما مصر، هم اللاعبون الأكثر تأثيراً في المنطقة، وهذا ما سماه أستاذ العلاقات الدولية، غسان سلامة، عولمة الاقتصاد وأقلمة السياسة.
الثاني: لا الثوابت ولا تحالفات ولا موازين قوى قارّة في المنطقة، السيولة الشديدة سمة الوضع في الخليج. من هنا فصاعداً، سيصبح الزمن السياسي الإقليمي متسارعا والمتغيرات متلاحقة، والذي لا يتكيّف سيجد نفسه على الهامش.
الثالث: لم تعد الدول وحدها الفاعل الرئيسي في المشهد الإقليمي. صارت الجماعات والحركات والتنظيمات، وخصوصاً المتطرفة، فاعلا مؤثراً في الحرب والسلم. اليوم أبو بكر البغدادي (تنظيم الدولة) وحسن نصر الله (حزب الله) وأبو محمد الجولاني (جبهة النصرة) وقاسم سليماني (فيلق القدس) فاعلون سياسيون وعسكريون، في أزمات المنطقة وحروبها، أكثر من بعض الدول. أسلحتهم غير تقليدية، ولخططهم تداعيات على وحدة الدول واستقرارها.