تتسارع التحركات للبدء في التفاوض في إطار عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب "العمال الكردستاني"، بعد دعوة زعيم "العمال" عبد الله أوجلان الحزب لعقد مؤتمر استثنائي لإعلان "نهاية النضال المسلّح" والبدء بالنضال الديمقراطي، وتأكيده على ذلك في خطابه الذي قُرئ في احتفالات عيد النوروز يوم السبت.
في غضون ذلك، تصعّد الأحزاب القومية التركية معارضتها للعملية برمتها شكلاً ومضموناً، إذ أصر حزب "الحركة القومية" التركي على عقد مؤتمره الحادي عشر في مدينة أنقرة، تزامناً مع احتفالات نوروز في محاولة للتغطية على خطاب أوجلان.
واتهم رئيس الحزب دولت بهجلي، في كلمته التي وجهها إلى 15 ألفاً من أنصار الحزب الذين حضروا المؤتمر، حكومة حزب "العدالة والتنمية" بالخيانة، قائلاً: "إن حزب العدالة والتنمية يخون علناً التاريخ التركي والأمة التركية والجمهورية التركية"، مضيفاً: "يجلسون على طاولة المفاوضات مع مجرم إمرالي لتقسيم الأمة التركية على أساس العرق، ولتقسيم الجمهورية التركية".
بهجلي، الذي أعيد انتخابه لرئاسة الحزب بعد أن كان المرشح الوحيد للمنصب، وجّه نداء إلى أنصاره، قائلاً: "يجب ألا يكون لديكم أي تسامح مع من حاصر البلاد، يجب أن تكونوا مستعدين لمحو عصر العدالة والتنمية برمته، هذا العصر الذي طعن قلوبكم كخنجر".
ولم تتوقف الاعتراضات عند "الحركة القومية"، إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أيضاً عن معارضته لآخر التطورات في العملية التفاوضية، مثل إقامة المؤتمر التاريخي المشترك الذي عقدته الحكومة مع حزب "الشعوب الديمقراطي" في نهاية فبراير/شباط الماضي، والذي شهد قراءة لرسالة من أوجلان دعا فيها لوقف النضال المسلح، محدداً عشرة بنود للتفاوض مع الحكومة.
وقال أردوغان: "لا أجد الاجتماع خطوة صحيحة، فأن يكون نائب رئيس الوزراء إلى جانب أعضاء حاليين في البرلمان ليقوموا بمؤتمر صحافي، أمر لا أجده صحيحاً، في الماضي كان أصدقاؤنا يقومون باللقاءات عند الضرورة، ليقوموا هم بإعلان تصريحاتهم"، مضيفاً: "لا يوجد أي نداء للديمقراطية في البيان الذي احتوى عشرة بنود، وإذا تم التمعّن في الطلبات الموجودة في البيان فإنه لا علاقة لها بالديمقراطية، وكلما تمّت تلبية طلبات خرجوا علينا بطلبات جديدة، ثم إذا نظرتم إلى البيان الذي ألقاه نائب رئيس الوزراء فإنكم ستجدونه مختلفاً تماماً، وبالتالي ألا يحق لنا أن نتساءل عن جدوى هكذا مؤتمر صحافي مشترك".
اقرأ أيضاً: أوجلان يكرّس مرحلة السلام في عيد النوروز
كما عارض أردوغان استجابة الحكومة لطلب أوجلان بتكوين لجنة المتابعة التي تم الاتفاق عليها بين هيئة "الشعوب الديمقراطي" والحكومة في وقت سابق، على الرغم من الخلافات حول عدد أعضائها وأسمائهم الذين من المرجح أن يكونوا من أعضاء هيئة العقلاء التي شكلتها الحكومة في العام الماضي للترويج لعملية السلام. وقال الرئيس التركي للصحافيين الذين رافقوه في الزيارة الرسمية التي قام بها إلى أوكرانيا: "أنا من شكّلت هيئة العقلاء، لكني أرى أن إرسال هكذا لجنة إلى جزيرة إمرالي أمر خاطئ، بل إنها كارثة، إذ لا تعدو عن كونها خطوة لمنح المزيد من الشرعية لأوجلان".
وحول مطالب "العمال الكردستاني" بإقرار الحكومة حق التعلم باللغة الأم أي الكردية، أبدى أردوغان أيضاً معارضة شديدة لهذه الطلبات، قائلاً: "لقد انتهى الأمر بإقرار التعليم باللغة الأم كدروس اختيارية، إن لهذه البلاد لغة رسمية".
كما أعرب الرئيس التركي عن انزعاجه الشديد من أن الحكومة لا تقوم بالتشاور مع رئاسة الجمهورية قبل اتخاذ القرارات المهمة، قائلاً: "لا تظنوا بأن الحكومة تتشاور مع رئاسة الجمهورية في كل شيء، لأن مقاربة الأمر بهذه الطريقة شيء خاطئ، لا يمكن أن يحصل هذا من دون تمرير النظام الرئاسي، ومن حقي أن أعبّر أيضاً عن عدم ارتياحي لعدم التشاور الحاصل حالياً".
تأتي هذه التصريحات بينما أكد نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج، في وقت سابق يوم السبت، أن الحكومة تقوم باطلاع رئيس الجمهورية على تفاصيل مسيرة السلام باستمرار، لافتاً إلى أن تعبير أردوغان عن قناعته الشخصية من خلال شاشات التلفزة قد يُفهم على أنه انتقاد للحكومة، ويمكن أن يؤدي إلى إضعاف الحكومة، مشيرا إلى أن قنوات التواصل مفتوحة أمام رئيس الجمهورية ليعبّر عن آرائه للحكومة بشكل مباشر، بعيداً عن الإعلام.