بينما يسعى زعيم "التحالف الوطني" الحاكم في العراق عمّار الحكيم، للمّ شتات التحالف، وكسب زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر للبقاء بتحالف موحّد لخوض الانتخابات المحلية المقبلة، أثار الأخير جدلاً جديداً بعد أن هدّد بعدم المشاركة في الانتخابات، الأمر الذي أربك التحالف، وأدخله حالة من الإنذار القصوى.
وهدّد الصدر، أمس الجمعة، خلال كلمة أمام أتباعه الذين خرجوا بتظاهرة وسط بغداد، بعدم المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة، والمقرّرة في سبتمبر/ أيلول المقبل، في حال لم يتم تغيير مفوضية الانتخابات التي يتهمها بـ"عدم الحيادية".
وقال نائب رئيس الهيئة السياسية للتيّار الصدري جعفر الموسوي، في تصريح متلفز، اليوم السبت، إنّ "الصدر تعرّض لتهديدات داخلية وخارجية"، ولم يكشف عن نوع هذه التهديدات ولم يحدّد مصادرها.
وأشار إلى أنّ "الصدر لم يخشَ هذه التهديدات، وقد خرج أمس الجمعة في التظاهرة التي طالبت بالإصلاح، وتحقيق المطالب المشروعة بتغيير المفوضية وقانونها"، محذراً من أنّه "في حال لم تتغيّر المفوضية سنمتثل، كتيار صدري، لقرار الصدر بمقاطعة الانتخابات المقبلة".
ودعا الموسوي، الحكومة والبرلمان، لـ"الخضوع للإصلاح، وتنفيذ مطالب الجماهير بتغيير مفوضية الانتخابات الحالية".
وعقب تهديد الصدر بمقاطعة الانتخابات، سارع زعيم "التحالف الوطني" عمّار الحكيم، لإجراء اتصالاته مع قادة التيّار، محاولاً تدارك الموقف المتأزّم، ولمّ شتات التحالف.
وقال نائب قريب من التحالف، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "الصدر أربك صفوف التحالف الوطني وقادته، وأدخلهم حالة من الخوف الشديد عقب تهديده بمقاطعة الانتخابات، الأمر الذي ينذر بخسارة كبيرة للتحالف فيها".
وكشف النائب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ "الحكيم سارع للاتصال بقادة التيّار، ولم يحصل على إجابة مباشرة من قبل الصدر، من أجل ثنيه عن هذه الخطوة الخطيرة على مستقبل التحالف الوطني".
وأضاف أنّ "الحكيم بدأ اليوم بالتحرّك مع قادة التحالف لترتيب الأوراق، محاولاً التنسيق للقاء قريب مع الصدر، وبحث موضوع تهديده بمقاطعة الانتخابات، وما سترافقه من نتائج سلبية تنعكس على التحالف ذاته، وقد تتسبّب له بخسارة كبيرة في الانتخابات".
كما لفت إلى أنّ "الصدر قد لا يقبل أي لقاء مع قادة التحالف، وإذا اضطر للقاء فلن يقدّم أي تنازل إلّا في حال القبول بشروطه وعزل المفوضية".
وأوضح أنّ "ذلك يعقّد الحلول، ويحتّم على الحكيم لعب دور جديد، يكون فيه وسيطاً بين الصدر وقادة التحالف المتمسكين ببقاء مفوضية الانتخابات".
كما اعترف بأنّ "جهود الحكيم قد تواجه الفشل على الأرجح، ما يعني تشرذم التحالف الوطني وانتهاءه بشكل كامل، لأنّ الصدر لا يقدّم أي تنازل، بينما الكتل المنتفعة من بقاء المفوضية، لن تتنازل لأنّ ذلك يعني خسارتها بالانتخابات، ما يعقد ويؤزّم المشهد داخل التحالف الوطني".
ويعدّ تهديد الصدر بمقاطعة الانتخابات، التحدّي الأكبر الذي يواجهه التحالف الوطني، والذي لم يستطع تجاوز أزماته الداخلية طوال عدّة سنوات، الأمر الذي يراه مراقبون بمثابة "رصاصة الرحمة" على التحالف، المسيطر على الحكم في البلاد، بعد دورات انتخابية عدّة.