محمد نزال لـ"العربي الجديد": لا يتوقّع أن تحقق المفاوضات حال استئنافها أي نتائج

21 نوفمبر 2024
نزال في الدوحة، 2 أغسطس 2024 (محمود همص/فرانس برس)
+ الخط -

يكشف القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، محمد نزال، في حوار مع "العربي الجديد"، عن الترتيبات الجديدة الخاصة بقيادة المكتب السياسي، بعد استشهاد قائد الحركة يحيى السنوار، وعن الجديد في المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والحديث عما يسمّى "ترتيبات اليوم التالي"، وإدارة القطاع. ويرد على تساؤلات وتسريبات عن انتقال قيادات من الحركة إلى خارج العاصمة القطرية الدوحة، وكذلك على ورود اسمه مع خمسة آخرين من القيادات الحمساوية في "لائحة اتهامات"، من وزارة الخزانة الأميركية.
*إلى ماذا تشير العقوبات الأميركية الجديدة؟
قائمة العقوبات الأميركية الجديدة، التي أصدرتها وزارة الخزانة الأميركية، بحق ستة من المسؤولين في حركة حماس تؤكد من جديد التحالف الاستراتيجي المطلق بين الإدارة الأميركية، ومنظومة الحكم في الكيان الصهيوني، أيّاً كانت هذه الإدارة، وأيّاً من كان على رأس الحكم في الكيان الصهيوني. والحقيقة المؤسفة أن هذه القوائم تعدّ في مطابخ جهاز الاستخبارات الخارجية للكيان "الموساد"، وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك"، وتصدرها الإدارة الأميركية عبر الجهة الرسمية الأميركية التي تختارها، لغايات محاصرة المقاومة، وإرهاب وردع العاملين في صفوفها، مهما كانت طبيعة المواقع التي يشغلونها، سواء مواقع سياسية أو إعلامية أو عسكرية أو أمنية أو اجتماعية أو غيرها.
*كيف، وبماذا تردّون عليها في حركة حماس؟

محمد نزال: العقوبات الأميركية بحق قيادات حماس وسام شرف

أتحدّى الإدارة الأميركية أن تقدّم الأدلة القانونية، التي استندت إليها في إدراجي ضمن القائمة التي أصدرتها، بالإشارة الضمنية إلى دور لي في إمداد المقاومة بالسلاح أو المال، فهذا شرف لا أدّعيه. وإنني منذ انخراطي في حركة حماس، قبل سبعة وثلاثين عاماً، أي منذ نعومة أظفاري، وتدرّجت في المواقع التنظيمية فيها، حتى أصبحت عضواً في هيئاتها القيادية، كنت وما زلت أعمل في المجالات السياسية والإعلامية، وغيرها من مجالات الفضاء العام والعلني.
وعلى أي حال، فإن وضعي في هذه القائمة وسام شرفٍ لي، وهو كذلك وسام لكل من أُدرجوا من إخواني، في هذه القائمة أو القوائم التي سبقتها، لأننا فخورون بأن الله سبحانه وتعالى هدانا لحمل راية الجهاد في سبيل الله، دفاعاً عن أرض فلسطين المباركة، وإن أي عمل نقوم به هو عمل مشروع، تجيزه الشرائع السماوية والأرضية، وإن التهديد والوعيد والابتزاز، الذي يمارسه الكيان الصهيوني بشكل مباشر، أو من خلال الإدارة الأميركية وغيرها، ضد قيادات الحركة وكوادرها، لن يخيفنا أو يردعنا عن مواصلة هذا الدور المقدّس والعظيم في مقاومة الاحتلال، بمختلف الوسائل التي تجيزها الشرائع السماوية والأرضية.
*خرجت خلال الفترة الأخيرة تسريبات وتقارير إعلامية تتحدّث عن إبعاد حماس من قطر، فكيف تعلّقون عليها؟
إن حملة التسريبات السياسية والأمنية المكثّفة، التي تتم عبر وسائل الإعلام، ومنها إبعاد قادة حركة حماس من قطر، تندرج ضمن حملة منظّمة وممنهجة، تتم عبر فريق سياسي وإعلامي وأمني، يقوده (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو شخصيّاً، من أجل الضغط على حركة حماس، حتى تستسلم وترفع الرايات البيضاء، في معركتها الشريفة والعادلة، التي تخوضها ضد العدوان الصهيوني المتواصل على شعبنا الفلسطيني وأرضه ومقدّساته، خصوصاً في قطاع غزّة. فما عجز عن تحقيقه بالقوّة العسكرية الوحشية والإجرامية، يُريد تحقيقه عبر المسار السياسي، وذلك بشن حرب نفسية على حماس، والعمل على حصارها، وتقليص خياراتها، ومساحات تحرّكها، وهذا ما سنواجهه بصمود وثبات وإباء، مستعينين بالله سبحانه وتعالى من قبل ومن بعد، ثم بجماهير شعبنا وأمتنا.
*ما حال المفاوضات مع الاحتلال حول وقف إطلاق النار. هل هناك جديد في هذا الشأن؟

محمد نزال: حملة التسريبات ومنها إبعاد قادة حماس من قطر تهدف للضغط على الحركة حتى تستسلم

المفاوضات غير المباشرة بيننا وبين الاحتلال متوقّفة حالياً، لأن نتنياهو لا يريد تحقيق أي اتفاق في عهد (الرئيس الأميركي) جو بايدن، منتظراً تسلّم دونالد ترامب سلطاته الرئاسية. لذا عمل طوال فترة المفاوضات على المماطلة والتسويف وإضاعة الوقت، حتى يصل إلى موعد الانتخابات الأميركية، مراهناً على فوز ترامب فيها، وهو ما كان، وهو الآن ينتظر تسلّم ترامب سلطاته الدستورية في العشرين من شهر (يناير) كانون الثاني 2025، أي بعد شهرين من الآن، لذا لا يتوقّع أن تسفر المفاوضات حال استئنافها عن أي نتائج.
*ما رؤية حماس لوقف إطلاق النار؟ وهل تغيّرت باغتيال القائد يحيى السنوار؟
أبدت حركة حماس خلال جميع المراحل التفاوضية إيجابية عالية، ومرونة كبيرة، وتعاونت مع الوسيطين المصري والقطري، في تذليل العقبات، وكانت مصالح قضيتنا وشعبنا دائماً نصب أعيننا، وإن الوفد المفاوض الذي يمثّل حركة حماس وفصائل المقاومة جميعها كان يتحرّك مستنداً إلى ركائز وأسس، متفق عليها ومعتمدة من قيادة الحركة وفصائل المقاومة عموماً. وأثبتت الوقائع والأحداث أن كل ما قيل عن أن القرار النهائي للمفاوضات محكوم حصراً بالأخ يحيى السنوار غير صحيح، فما يزال موقفنا هو ذاته قبل استشهاده، وبعد استشهاده، لأن القرار في حركة حماس هو قرار مؤسّسي، تتخذه الحركة وفق آليات تستند إلى أنظمتها ولوائحها، ولا يعكس موقف شخص بعينه، مهما بلغت مكانته.


*كيف تتوزع قيادة حماس في ظل هذه المرحلة؟ وماذا عن انتخاب الرئيس الجديد للحركة؟

قيادات حركة حماس موزّعة بين الداخل والخارج، انعكاساً لتوزّع أبناء شعبنا، الذي بلغت أعداده وفق الإحصائيات الأخيرة نحو خمسة عشر مليون نسمة، 55% منهم في الخارج، و45% منهم في الداخل. وقد راعت أنظمة الحركة ولوائحها التوزّع المذكور، ولم تحصر نفسها في مكان واحد، وهذا أحد مكامن القوة التي تتميّز بها حركة حماس، فإذا حوصرت في مكان، أمكن لقيادات الحركة في أمكنة أخرى إدارة الأمور وتسييرها. وما يُشاع عن انتقال قيادات الحركة إلى عواصم معيّنة بحد ذاتها، ورسم سيناريوهات وقصص وروايات حول ذلك، إنما يندرج في سياق الحرب النفسية التي أشرت إليها، وعلى أي حال، كان رئيس المكتب السياسي للحركة، الأخ خالد مشعل، يقيم في عمّان، ثم انتقل إلى الدوحة، وبعدها إلى دمشق، ثم عاد إلى الدوحة، وبعد انتخاب الأخ إسماعيل هنية خلفاً له، كان مقيماً في قطاع غزة، ثم انتقل للإقامة بحكم الضرورة إلى الدوحة، إلى أن استشهد خلال زيارة رسمية إلى طهران، فجاء بعده الأخ يحيي السنوار، الذي كان يقاتل ويقود المعركة في قطاع غزة، ولكنه لقي الله شهيداً بإذن الله، بعد شهرين ونيّف، والآن تدرس الهيئات القيادية في الحركة خياراتها في ملء الشواغر القيادية التي نتجت عن استشهاد أصحابها، وهي تتمهّل في ذلك، آخذة بعين الاعتبار جميع الظروف والحيثيّات المحيطة بالحركة والمنطقة. وإننا إذ نشكر جميع الدول التي استضافت وتستضيف قيادات الحركة، فإنه لا بد لي من أن أخصّ دولة قطر وقيادتها بالشكر الجزيل، إذ استضافت بعض قيادات الحركة، وفي مقدّمتها رئيس المكتب السياسي للحركة، منذ ربع قرن تقريباً، مستندة في ذلك إلى إرثها التاريخي أنها كانت دائماً "كعبة المضيوم"، التي يفيء إليها المظلومون والملهوفون والمستجيرون. وإن ما فعلته قطر سيبقى ديناً علينا لن ننساه، وسنكون أوفياء له.

محمد نزال: موقفنا بشأن المفاوضات هو ذاته قبل استشهاد السنوار وبعد استشهاده

*كيف تنظر حماس إلى المعركة في لبنان وتأثيراتها؟

العدوان على لبنان الشقيق هو عدوان على فلسطين، ونحن نقف بقوّة ووضوح وحزم إلى جانب المقاومة اللبنانية التي يقودها حزب الله... وإن الإبادة الجماعية التي مارسها وما يزال العدو في قطاع غزّة هي ذاتها التي يمارسها الآن في لبنان، وإن اختلفت الدرجة، بحكم الخصوصيات السياسية والجغرافية لكل من غزّة ولبنان.

 

المساهمون