ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين مطلعين أن الوثيقة المشتركة أرسلت لعواصم الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة، لحشد الدعم لمثل تلك العقوبات التي ستحتاج إلى موافقة حكومات كل الدول الأعضاء في التكتل.
ويأتي الاقتراح في إطار استراتيجية من الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق الذي وقعته قوى عالمية لكبح قدرات طهران على تطوير أسلحة نووية. وتركز الاستراتيجية على أن تظهر للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن هناك سبلاً أخرى يمكن من خلالها مواجهة نفوذ إيران في الخارج.
وحدد ترامب، في 12 يناير/ كانون الثاني، مهلة للدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي للموافقة على "إصلاح عيوب مروعة في الاتفاق النووي الإيراني" الذي أبرم في عهد سلفه باراك أوباما، وإلا سيرفض تمديد تعليق العقوبات الأميركية.
وستستأنف الولايات المتحدة تطبيق العقوبات المعلقة في 12 مايو/ أيار، إلا إذا أصدر ترامب تأجيلاً جديداً بحلول ذلك التاريخ.
وجاء في الوثيقة: "لذلك سنوزع في الأيام المقبلة قائمة بأشخاص وكيانات نعتقد بضرورة استهدافها، نظراً إلى دورها المعلن"، في إشارة إلى اختبارات أجرتها إيران لصواريخ باليستية ودور طهران في دعم الحكومة السورية في الحرب الأهلية الدائرة هناك منذ أكثر من سبع سنوات.
وقال دبلوماسيون إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون الاقتراح في اجتماع مغلق الإثنين في بروكسل.
ويقول محللون إن الاتفاق النووي، الذي اعتبر وقت إبرامه انفراجة كبرى قلت بموجبها أخطار نشوب حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، قد ينهار إذا انسحبت منه واشنطن.
وقالت الوثيقة إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا أجرت "محادثات مكثفة مع إدارة ترامب للحصول على تأكيد واضح ومستمر على دعم الولايات المتحدة للاتفاق (النووي) بعد 12 مايو/ أيار".
وكشف دبلوماسيون أن قوى أوروبية عقدت جولات عدة من المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن هذا الملف خلال الأسبوع المنصرم.
وتشير الوثيقة إلى عقوبات "ستستهدف جماعات مسلحة وقادة"، وتقترح البناء على قائمة عقوبات مفروضة بالفعل من الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بسورية، تشمل حظراً على السفر وتجميد أصول لأفراد وحظراً على الأعمال أو تمويل شركات عامة وخاصة، لكن الملف حساس جداً، لأن الاتفاق النووي الموقع في 2015 بين إيران وست قوى عالمية، هي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، رفع عقوبات دولية مؤلمة فرضت على اقتصاد إيران المعتمد على النفط.
وبينما أبقى الاتحاد الأوروبي على بعض العقوبات المفروضة على إيرانيين في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، إلا أنه رفع في 2016 عقوبات اقتصادية ومالية كانت مفروضة على طهران، ولا يريد أن يظهر بصورة من ينقض تعهداً شمله الاتفاق.
ووافقت إيران على وضع قيود على أنشطتها الخاصة بتخصيب اليورانيوم التي قالت مراراً إنها لأغراض سلمية، وهي توليد الطاقة، وليس لصنع قنابل نووية، لكنها رفضت طرح برنامجها الصاروخي للنقاش، وتقول إنه دفاعي بحت.
وفي الوثيقة المشتركة، تحدّد بريطانيا وفرنسا وألمانيا أسئلة وإجابات تهدف إلى إظهار أن القوى الأوروبية لن تنتهك بذلك بنود الاتفاق النووي من الناحية القانونية.
وقالت الوثيقة إن الدول "مخولة بفرض عقوبات إضافية على إيران"، طالما أنها لا تتصل بالنشاط النووي، وألا تكون من العقوبات التي رفعت من قبل بموجب الاتفاق.
وأضافت أن فرض عقوبات جديدة مبرر لأن إيران "لا تلتزم بوقف الأنشطة المزعزعة للاستقرار الخاصة بالصواريخ الباليستية" بموجب الاتفاق النووي. ولم تشمل بنود الاتفاق النووي أنشطة الصواريخ الباليستية.
مباحثات أوروبية أميركية
إلى ذلك، أجرت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الجمعة مباحثات "جيدة جداً" بشأن التوصل لاتفاق "تكميلي" للاتفاق النووي الإيراني بحلول 12 مايو/ أيار المقبل، حسب ما قال مسؤول أميركي رفيع المستوى.
وقال المسؤول الرفيع في وزارة الخارجية، بريان هووك، بعد مباحثات في برلين وفيينا، إن ترامب يريد التوصل لاتفاق "تكميلي" مع الموقعين الأوروبيين للاتفاق النووي. وتابع أن الاتفاق التكميلي سيشمل برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وأنشطة طهران الإقليمية، وانتهاء صلاحية بعض بنود الاتفاق النووي في منتصف سنوات الـ 2020، وتفتيشاً أكثر صرامة من الأمم المتحدة.
وأضاف هوك: "نناقش المسائل لأسبوع في كل مرة، نجري مباحثات جيدة جداً في لندن وباريس وبرلين". وذكر أن "هناك الكثير الذي نوافق عليه، وحين يحدث اختلاف نعمل على إزالته".
والمحادثات في فيينا الجمعة مراجعة روتينية للاتفاق، تشارك فيها إيران والمسؤول الأميركي هوك وممثلون عن روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.
وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن هوك زار برلين الخميس للقاء نظرائه البريطاني والفرنسي والألماني، سعياً إلى الاتفاق على موقف مشترك.
وقال دبلوماسي أوروبي: "لدينا جميعاً المخاوف المتعلقة بالصواريخ وعدم الاستقرار الإقليمي ودعم الإرهاب والنشاطات الخبيثة لإيران". وأضاف: "نحن على استعداد لاتخاذ خطوات للرد على تلك المخاوف"، لكنه أضاف: "نحن بحاجة لضمان عدم ارتكاب خطأ يمكن تجنبه من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي ونتحرك حيال المسائل الأخرى بالتوازي... إن الاستخفاف بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) يضعنا جميعاً في أسوأ موقع للرد على المخاوف الأخرى".
واعتبر قرار ترامب هذا الأسبوع إقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون واستبداله بمايك بومبيو، خبراً سيئاً بالنسبة للاتفاق. وكان تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس قد حضّا ترامب على الإصغاء للأوروبيين للحفاظ على الاتفاق. ويعرف عن بومبيو، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، تأييده موقفاً أكثر تشدداً إزاء إيران.
(رويترز، فرانس برس)