لليوم الثاني على التوالي، تستمر القوات العراقية مدعومة بطيران التحالف الدولي والمدفعية الأميركية، بعمليات الضغط المتواصل في الموصل، على جيوب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وخطوطه في مناطق التماس الثلاث مع التنظيم، في المحور الجنوبي الشرقي، والمحور الشرقي، والمحور الشمالي الشرقي. وذلك، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر محلية مطلعة من داخل الموصل، أن "تنظيم داعش بدأ ينقل السكان جماعياً بين حي وآخر، وشدّد العقوبات على من يحاول الفرار من المدينة". كما كشفت تسريبات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي، مساء أمس الإثنين، إلى مشارف الموصل ولقاءه بقيادة الجيش هناك، ركّزت على إجراء تعديلات جديدة على خطة الهجوم يكون للتحالف الدولي دور أكبر فيها".
وقال مصدر عسكري في القيادة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العبادي بحث مجريات المعركة التي ستنهي شهرها الثاني"، مضيفاً أن "القادة أكدوا للعبادي أنّ وجود المدنيين هو السبب الرئيس وراء تأخر سير المعركة". وبيّن أنّ "العبادي طرح خطة جديدة على القيادة يكون تنفيذها بالتنسيق مع قيادة التحالف الدولي الذي ستزيد حجم مشاركته من خلال المدفعية وسرب المروحيات القتالية المرابطة في أربيل". وذكر أنّ "العبادي وجه القيادات العسكرية بعقد اجتماعات متواصلة اليوم والأيّام المقبلة لدراسة الخطة وتطبيقها بأسرع وقت"، مشيراً إلى أن "الخطة تقتضي إنهاء المرحلة الأولى من سير معركة الموصل، والبدء بمرحلة ثانية يفترض أن تكون أقوى وأسرع من الأولى". غير أن ضابطاً رفيعاً في الموصل كشف لـ"العربي الجديد" نية العبادي الزج بـ"مزيد من التعزيزات العسكرية إلى مناطق شرق وجنوب مدينة الموصل لدفع عملية السيطرة على المدينة قدماً". وأكد أن "هذه التعزيزات قد تشمل إشراك فصائل محددة من مليشيات الحشد الشعبي في عملية اقتحام مركز مدينة الموصل، كما حصل سابقاً في معركة الفلوجة لا سيما أن فصائل في مليشيات الحشد تمارس ضغوطا كبيرة على رئيس الحكومة لإشراكها في معركة الموصل".
وفي أول معارك متواصلة امتدت يومي السبت والأحد الماضيين، في أحياء النور شرق الموصل، والوحدة جنوب شرقي الموصل، والزهور شمال شرقي الموصل، سعت القوات العراقية للإمساك بتلك المناطق وبناء محطات صدّ لمنع تسلل "داعش" للأحياء المحررة سابقاً.
في غضون ذلك، أفاد العقيد الركن سعدون الطائي من قيادة عمليات نينوى لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم يسعى لإطالة عمر المعركة بأي شكل، فهو يجد تأخر النصر عليه، نصرا بحد ذاته، بسبب الحملة العسكرية الكبيرة التي أطلقت منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما زالت".
وأضاف أنه "بالنسبة لنا، نحن بتنا على ثقة من النصر مهما ابتعد، لأن الرصاصة التي يُطلقها داعش لن يتمكن من جلب غيرها، والمقاتل الذي يخسره لن يتمكن من تعويضه. لذلك فهو في حالة استنزاف مستمر على مدار الساعة". ولفت إلى أن "معارك الموصل ليوم أمس، كانت عبارة عن إنهاك للعدو وتطهير مناطق وتثبيت أقدام قواتنا في مناطق أخرى".
من جهته، ذكر المتحدث الرسمي لجهاز مكافحة الإرهاب صباح النعماني في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "قوات جهاز مكافحة الإرهاب تمكنت أمس من الانتهاء من المرحلة الأولى من عمليات تحرير الساحل الأيسر من مدينة الموصل، وحررنا نحو 30 حياً من أحياء شرق الموصل، أي ما مساحته أكثر من 145 كيلومتراً مربعاً".
وأضاف النعمان أن "قطعات جهاز مكافحة الإرهاب تواصل عمليات تفتيش الأحياء المحررة وتطهيرها وتدقيق هويات سكان هذه المناطق، بحثاً عن المطلوبين والمتهمين بالانتماء لتنظيم داعش، أو المتعاونين معه". وأكد أن "قوات مكافحة الإرهاب ستباشر قريباً المرحلة الحاسمة من عملياتها العسكرية، لتطهير ما تبقى من الأحياء في هذا الجانب من الموصل، وصولاً إلى الضفة الشرقية من نهر دجلة".
تجدر الإشارة إلى أن الساحل الأيسر من مدينة الموصل يتكوّن من 56 حياً سكنياً، تمكنت قوات مكافحة الإرهاب التي تتولى عمليات تحرير هذا الجانب من الموصل، أن تحرر أكثر من 40 في المائة من مساحته بعد مضي أكثر من شهر ونصف الشهر على بداية معركة الموصل. وفي سياق متصل، كشف مصدر عسكري في الفرقة التاسعة التابعة للجيش العراقي لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الجيش العراقي صدّت هجوماً شنّه عشرات العناصر من تنظيم داعش، استهدف منطقة كوكجلي شرق مدينة الموصل".
وأضاف المصدر أن "عناصر التنظيم شنّوا هجومهم في وقت مبكر من صباح أمس، انطلاقاً من حي القدس المجاور لحي كوكجلي، الذي ما يزال تحت سيطرتهم، مستخدمين في هجومهم أسلحة خفيفة ومتوسطة". ونوّه إلى أن "قوات الجيش العراقي تمكنت من إفشال الهجوم الذي انتهى بتراجع عناصر داعش من المناطق التي انطلقوا منها في حي القدس".