بينما تقترب المباراة النهائية لمونديال روسيا 2018، يذكر كثيرون مونديال 1990 كآخر بطولة عالمية لدول اتحادية تفككت بعدها، ودولة واحدة عاودت الاتحاد. أشهر الدول هو الاتحاد السوفياتي الذي خرج من الدور الأول، ثم تشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا اللذان وصلا إلى ربع النهائي. وبينما توحدت ألمانيا الغربية مع الشرقية بعد المونديال بأشهر، تفكك الاتحاد السوفياتي إلى 15 دولة عام 1991، وتشيكوسلوفاكيا إلى دولتين عام 1993، واستمر تفكك يوغسلافيا طويلاً بعد عدة حروب حتى وصل في وقتنا الحالي إلى سبع دول، واحدة منها تلعب نهائي المونديال الحالي وهي كرواتيا.
في لبنان، كنّا نعيش تفككاً أيضاً بين قوى داخلية وقوى إقليمية ودولية اختصمت وجعلت من المليشيات دولاً تحكم أزقة. لكنّ المونديال جمع الكلّ مجدداً على شاشاته الصغيرة، خصوصاً بعدما تمكن تلفزيون لبنان يومها من نقل عدد أكبر من المباريات مقارنة بالبطولات السابقة.
لكنّ إمكانية مشاهدة اللبنانيين المونديال كانت أقرب إلى إمكانية سفر الأغلبية الساحقة من السوفيات إلى الخارج بعدما استعادوا جنسياتهم الأولى في أعقاب التفكك، إذ باتت لهم الحرية في السفر لكن ليس معهم المال الكافي لذلك. هكذا كان مونديال 1990 في لبنان، إذ ينقل التلفزيون الرسمي أغلب المباريات لكن لا كهرباء متوافرة تسمح للبنانيين بمشاهدتها.
يذكر كثيرون التلفزيونات الصغيرة، الأبيض والأسود، ذات الأربع عشرة بوصة، التي تشتغل على بطارية السيارة والتي لا تتوافر كهرباء لشحنها فتكتفي بالدينامو، فإن لم يتوافر الوقود لتشغيل السيارة لم تُشحَن البطارية، وذابت شيئاً فشيئاً بينما تصغر الشاشة تدريجياً وتمتلئ باللون الرمادي الغامق حتى تختفي بالكامل.
للغرابة، كانت فترة المونديال هدنة من المعارك، بل إنّ إحدى الصور التي نشرتها مجلة "الوطن الرياضي" تكشف عن مسلحين يضعون تلفزيوناً من ذاك النوع فوق دبابتهم السوفياتية الصنع، بينما يجلسون أمامه لمشاهدة مباراة الافتتاح.
اقــرأ أيضاً
هكذا كان سكان الحيّ بأكمله يتجمعون أمام تلك الشاشات الصغيرة على سطح من السطوح. لكن قبل المباراة يبحثون عمّن يمكن أن يحلّوا ضيوفاً عليه، برجالهم ونسائهم وأطفالهم. وإذا وجدوا مكاناً، أخذوا مستلزمات السهرة إليه، كهدية غالباً ما يظفرون هم أنفسهم بتناول القسم الأكبر منها، أكانت من البزورات أو المشروبات أو الحلويات.
في مونديال 1990، كان صاحب البيت الذي يملك تلفزيوناً أبيض وأسود، 14 بوصة، يشتغل على بطارية سيارة، ويستضيف أهل الحيّ على سطح بيته، هو الملك المتوج على عرش المونديال، ولم يكن لوثر ماتيوس الذي رفع الكأس وأبكى دييغو مارادونا.
في لبنان، كنّا نعيش تفككاً أيضاً بين قوى داخلية وقوى إقليمية ودولية اختصمت وجعلت من المليشيات دولاً تحكم أزقة. لكنّ المونديال جمع الكلّ مجدداً على شاشاته الصغيرة، خصوصاً بعدما تمكن تلفزيون لبنان يومها من نقل عدد أكبر من المباريات مقارنة بالبطولات السابقة.
لكنّ إمكانية مشاهدة اللبنانيين المونديال كانت أقرب إلى إمكانية سفر الأغلبية الساحقة من السوفيات إلى الخارج بعدما استعادوا جنسياتهم الأولى في أعقاب التفكك، إذ باتت لهم الحرية في السفر لكن ليس معهم المال الكافي لذلك. هكذا كان مونديال 1990 في لبنان، إذ ينقل التلفزيون الرسمي أغلب المباريات لكن لا كهرباء متوافرة تسمح للبنانيين بمشاهدتها.
يذكر كثيرون التلفزيونات الصغيرة، الأبيض والأسود، ذات الأربع عشرة بوصة، التي تشتغل على بطارية السيارة والتي لا تتوافر كهرباء لشحنها فتكتفي بالدينامو، فإن لم يتوافر الوقود لتشغيل السيارة لم تُشحَن البطارية، وذابت شيئاً فشيئاً بينما تصغر الشاشة تدريجياً وتمتلئ باللون الرمادي الغامق حتى تختفي بالكامل.
للغرابة، كانت فترة المونديال هدنة من المعارك، بل إنّ إحدى الصور التي نشرتها مجلة "الوطن الرياضي" تكشف عن مسلحين يضعون تلفزيوناً من ذاك النوع فوق دبابتهم السوفياتية الصنع، بينما يجلسون أمامه لمشاهدة مباراة الافتتاح.
هكذا كان سكان الحيّ بأكمله يتجمعون أمام تلك الشاشات الصغيرة على سطح من السطوح. لكن قبل المباراة يبحثون عمّن يمكن أن يحلّوا ضيوفاً عليه، برجالهم ونسائهم وأطفالهم. وإذا وجدوا مكاناً، أخذوا مستلزمات السهرة إليه، كهدية غالباً ما يظفرون هم أنفسهم بتناول القسم الأكبر منها، أكانت من البزورات أو المشروبات أو الحلويات.
في مونديال 1990، كان صاحب البيت الذي يملك تلفزيوناً أبيض وأسود، 14 بوصة، يشتغل على بطارية سيارة، ويستضيف أهل الحيّ على سطح بيته، هو الملك المتوج على عرش المونديال، ولم يكن لوثر ماتيوس الذي رفع الكأس وأبكى دييغو مارادونا.