لم يبد الاقتصاد المصري اي مؤشرات على التحسن على الرغم من ضخ دول مجلس التعاون الخليجى أكثر من 12 مليار دولار في شرايين الاقتصاد المصري خلال السبعة أشهر الماضية، كما لم يشعر المواطن بأي عائد عليه من هذه المليارات، بل تزداد تخوفات الاقتصاديين من مدى القدرة على مواجهة السياسة التوسعية التي تنفذها الحكومة الحالية ومنها تطبيق الحد الأدنى للأجور الذى يزيد مصروفات الموازنة العامة للدولة في بند الأجور سنويا بنحو 24 مليار جنيه الامر الذي أدى الى تراجع الحكومة عن تطبيقه في بداية يناير/كانون الثاني الماضي كما وعدت.
وقد اختتم أعضاء من الحكومة المصرية أمس الأربعاء زيارتها للمملكة العربية السعودية دون الإعلان عن نتائج ملموسة، خاصة في ظل ترقب الكثيرين الإعلان عن حزمة مساعدات جديدة من المملكة تضاف إلى المليارات التي حصلت عليها منذ عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي بداية شهر يوليو/ تموز الماضى.
وكان وزير التخطيط والتعاون الدولي أشرف العربي قد أكد في تصريحات له قبيل زيارته السعودية، أن حكومة بلاده تنظر إلى أن المساعدات الإماراتية نموذج تسعى إلى أن تطبقه الكويت والسعودية، في إشارة منه إلى حزمة المساعدات الإماراتية الثانية البالغة قيمتها 3.9 مليارات دولار منها مليار دولار منتجات بترولية و2.9 مليار دولار استثمارات في مشروعات تنموية في البلاد.
زيادة عجز الموازنة
الحكومة الحالية تستهدف الوصول إلى معدلات نمو لا تقل عن 3 في المئة خلال العام المالى الجاري 2013 -2014، وخفض عجز الموازنة بنحو 4 في المئة ليصل إلى 10 في المئة وتقليص دعم المواد البترولية ليصل إلى 99 مليار جنيه بدلا من نحو 128 مليار جنيه.
تلك المستهدفات شككت فيها بنوك الاستثمار، فالمجموعة المالية هيرمس، قالت في آخر تقرير لها إن الحزمة المالية المقدمة إلى مصر ستساعد الحكومة على المحافظة على مستوى عجز الموازنة عند 13.4 في المئة خلال العام المالي الجاري، وقالت إنها وضعت في الاعتبار عن حساب تقديرها للعجز تراجع تكلفة اقراض الحكومة.
وجاءت تصريحات المسؤولين المصريين ايضا لتشير إلى أن مستهدفاتهم لتحسين الاقتصاد لم تتحقق، فقال وزير البترول المصري شريف اسماعيل إن دعم المواد البترولية قد يتجاوز خلال العام المالي الجاري نحو 140 مليار جنيه، بزيادة قدرها 10 في المئة عن العام المالي الماضي، وذلك مقارنة بمستهدف كانت تسعى للوصول إليه قيمته 99 مليار جنيه.
وتأتي تصريحات المسؤول المصرى رغم حصول الحكومة على مساعدات في صورة منتجات بترولية من الكويت والسعودية والإمارات بقيمة 4 مليارات دولار (28 مليار جنيه) في العام 2013.
وفي ستة أشهر فقط حصلت الحكومة على نحو 10.93 مليارات دولار من دول الخليج منها 3.93 مليارات دولار في شكل وقود، ومنحة من الإمارات قدرها مليار دولار، وستة مليارات دولار ودائع لدى البنك المركزي المصري. إلى جانب 2.9 مليار دولار حزمة مساعدات اماراتية لمشروعات وتلك المساعدة تمثل حزمة التحفيز الثانية. ومن المنتظر أن تحصل مصر على منحة أخرى من السعودية في العام 2014 بقيمة مليار دولار الى جانب دعم مالي مباشر 4 مليارات دولار ومليار دولار آخر من الكويت.
حزم تحفيز غير مؤثرة
عندما بدأت الحكومة حديثها عن حزم التحفيز قالت إنها ستعتمد في حزمة التحفيز الأولى على الأموال القادمة من الخليج بعد عزل الرئيس مرسي، ولكن بعد اعتماد تلك الحزم وصدور قرار جمهوري بها، جاءت الحكومة بعد مرور أكثر من شهر لتقول إن حزمة التحفيز الأولى كانت ممولة من وديعة حرب الخليج المودعة لدى البنك المركزي منذ 1991-1992، وكانت قيمة تلك الوديعة 8.78 مليارات دولار أميركي.
واستخدمت الحكومة النصف الأول من تلك الأموال في حزمة التحفيز، والباقي اضيف إلى أرصدة وزارة المالية لدى البنك المركزي المصري لتخفيض عجز الموازنة العامة للدولة.
وبذلك يكون اجمالي ما اتيح من أموال للحكومة الحالية نحو 19.93 مليار دولار، وتنتظر تنفيذ مشاريع من الإمارات قيمتها 2.9 مليار دولار، إلى جانب المنح الجديدة المنتظرة من الكويت والسعودية.
وتلك الأموال التي ستحصل عليها الحكومة أكثر بخمسة أضعاف من قرض صندوق النقد الدولي الذى كان من المقرر أن تحصل عليه مصر بقيمة 4.8 مليارات دولار، وهو الأمر الذي اعتبره خبراء فشلا كبيرا للحكومة التي لم تستطع استخدام تلك الأموال في إظهار أية مؤشرات ايجابية.
حكومة عاجزة
واذا كان رجل الشارع لم يلمس تحسنا مع تدفق مليارات الخليج فان ايهاب الدسوقي أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية قال إن "الحكومة الحالية لم تفعل شيئا حتى الآن، وإنها بصمتها عن الأداء الاقتصادي غير موجودة، ولديها القدرة الحالية على تيسير مناخ الاستثمار وجذب استثمارات لكن لم يحدث شيء حتى الآن رغم أن لدى رئيس الجمهورية المؤقت سلطة اصدار مرسوم بقانون ينفذ".
وتابع: "يبدو أن الوزراء لم يقترحوا عليه شيئا".
وقال رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن الحكومة الحالية خائفة ولم نر لها سياسات محددة، وكل ما اتخذته عبارة عن اجراءات وليست سياسات، مؤكدا أنه لولا المساعدات الخليجية لمرت مصر بأزمات طاحنة.
وفى المقابل تؤكد علياء مبيض كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط في بنك باركليز - لندن أن الأشخاص الذين تم اختيارهم لقيادة إدارة السياسة الاقتصادية لديهم مصداقية كافية لوضع المقترحات، وليس لتنفيذ الحلول، من أجل تمهيد الطريق للحكومة المقبلة المنتخبة لدفع الإصلاحات بصورة أسرع وأكثر تنسيقا.
أما رجال الأعمال في مصر فلديهم رؤية متباينة، فبينما يشعر البعض منهم بحالة من التفاؤل مع ثقتهم في استقرار الأوضاع في البلاد بعد اقرار الدستور، إلا أنهم يرون أيضا أن أداء الحكومة الحالية ضعيف كما يقول وليد جمال الدين رئيس المجلس التصديري لمواد البناء.
ويعطي جمال الدين مثالا على ما يواجهه المصدرون، ويقول: مثلا تتشدد المملكة العربية السعودية في دخول المنتجات المصرية إلى أسواقها، ويقومون بعمل اختبارات جودة للمنتجات المصرية، ولا يطبقون تلك الاختبارات على الواردات من الدول الأخرى، وعندما قدمنا شكوى للحكومة في هذا الأمر لم تتدخل لحل مشاكلنا.
ويرى جمال الدين أن الحكومة الحالية ضعيفة.
وتابع: لم تتخذ أي قرارات لدعم المستثمرين حتى الآن..لا نرى سوى وزيرين في الحكومة مهتمين بالشأن الاقتصادي والباقي يتحدث عن السياسية.
مؤشرات الاقتصاد المصرى بعد 3 شهور من عزل مرسى
|
خلال الربع الأول 2013-2014 |
خلال الربع الرابع 2012-2013 |
الدين الخارجي |
47.017 مليار دولار |
43.233 مليار دولار |
الدين المحلي |
1.593 تريليون جنيه |
1.5273 تريليون جنيه |
حصيلة الصادرات |
5.939 مليار دولار |
6.152 مليار دولار |
واردات بترولية |
2.955 مليار دولار |
2.898 مليار دولار |
معدل النمو الاقتصادي |
1 في المئة |
1.5 في المئة |
* الربع الأول: أول ثلاثة أشهر بعد عزل محمد مرسي
* الربع الرابع: آخر ثلاثة أشهر لحكم محمد مرسي