تفرض مليشيات الحشد الشعبي سيطرتها على العديد من مصافي النفط في العراق ومنها بيجي، أكبر مصفى في البلاد، ما يعيق عملها ويكبّد القطاع خسائر باهظة.
وقالت أوساط اقتصادية إن المليشيات حلّت بدلاً من "داعش" في نهب ثروات البلاد من النفط، إذ فرضت المليشيات وجودها، مانعة دخول أية قوة أو جهة سياسية مهما كان وزنها إلى المصفى.
الأسبوع الماضي حاول وفد من وزارة النفط العراقية يضم مسؤولين كبارا في الوزارة الدخول إلى المصفى لأجل بدء العمل بإعادة تأهيله، لكنه لم يتمكن من الدخول، فعاد أدراجه، وفقاً لما كشف عنه مسؤول في مجلس الوزراء العراقي لـ"العربي الجديد".
المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم كشف هويته، وهو مطلع على قضايا مهمة تطرح في مجلس الوزراء، قال إن وجود الحشد الشعبي ما زال يمثل عقبة أمام عمل المؤسسات الحكومية، موضحاً أن المليشيات تستغل قوتها ونفوذها للكسب غير المشروع.
وتابع: "فضلاً عن الإتاوات التي تفرضها المليشيات على شركات ومقاولين يعملون في مشاريع داخل البلاد، فإنها ما زالت تسيطر على عدة مواقع حكومية وأخرى تابعة لمواطنين، بعد أن تحررت من تنظيم داعش"، مشيراً إلى أن "مصفى الدورة (جنوب بغداد) واحد من هذه المواقع التي سيطرت عليها بالإضافة إلى مصفى بيجي وغيرها". وأضاف: "تعتبر المصافي والمؤسسات التي تسيطر عليها المليشيات مصدراً لجني المال".
وقال: "منذ 2015، حيث تحرر المصفى من داعش، تسيطر عليه فصائل من المليشيات، وتفرض وجودها بقوة السلاح، وتمتنع القوات الحكومية عن إخراجهم بالقوة؛ لعدم وجود قرارات من قبل القيادات العليا بإخراجهم".
وكانت بداية ظهور المليشيات في العراق عقب غزوه في 2003، تقف خلفها جهات سياسية، وانضمت هذه المليشيات إلى "الحشد الشعبي" التي تأسست بناءً على فتوى للمرجع علي السيستاني لمقاتلة "داعش" في 2014، ثم امتد نشاطها ليشمل السيطرة على ثروات البلاد النفطية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي علي الزبيدي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن مصفى بيجي يحتاج لأكثر من عامين لعودة عمله بشكل طبيعي مثلما كان في السابق. وأضاف أن "المصفى لا يحتاج إلى إعادة تأهيل فقط، بل إلى بناء كامل من الصفر"، موضحاً أن عمليات النهب لم تبقِ شيئاً في المصفى".
وتابع الزبيدي: "لم يعد خافياً على أحد الأضرار الكبيرة التي تعرض لها المصفى، وهناك تأكيدات من قبل مختصين في وزارة النفط وسياسيين أنه جرى تجريده بالكامل من معداته والأنابيب الناقلة وجميع الآليات التي تمكّن الفنيين من العمل".
وأضاف الزبيدي: "هذا يعني أن وزارة النفط عليها البدء بإنشاء مصفى جديد على هذه الأرض، قد تبدأ مرحلة التشغيل الأولية بعد عام، لكن إعادة الحياة للمصفى لن تنتهي في أقل من عامين".
وبيّن أن "خسائر فادحة تلقاها العراق منذ أن سيطر داعش على المصفى، هناك ما لا يقل عن ربع مليون برميل من النفط ينتج يومياً في هذا المصفى، ومنذ نحو ثلاثة أعوام انقطعت واردات الدولة منه". وأشار الزبيدي إلى أن "خسارة أخرى كبيرة تضاف إلى ما تكبدته الدولة في هذا المصفى، في حال صحت الأخبار بأن المليشيات تعمل على تهريب النفط، مستفيدة من قوتها وسطوتها، وبالتالي لا تذهب العائدات إلى خزينة الدولة".
ويعد مصفى بيجي النفطي أكبر مصفى في العراق، وثاني أكبر مصفى في الشرق الأوسط، حيث تقدر طاقته الإنتاجية بـ310 آلاف برميل يومياً. ويأتي اتهام المليشيات بسرقة النفط وتهريبه، ضمن سلسلة من الاتهامات الموثقة بأدلة سيقت في وقت سابق من قبل مسؤولين وتقارير غير رسمية، تشير إلى عمليات سرقة محتويات مصفى بيجي، نفذتها المليشيات منذ تحرير المصفى قبل عامين.
وقال علي الدليمي، وهو شيخ قبلي يسكن في قرية قريبة من مصفى بيجي، إن "جميع سكان المناطق القريبة من المصفى كانوا شهود عيان على عمليات السرقة التي نفذتها المليشيات للمصفى". وأضاف الدليمي لـ"العربي الجديد": "نتذكر جيداً كيف جرت سرقة المصفى من قبل المليشيات. إن الحادث قريب عهد، لقد استمروا لفترة طويلة وهم يسرقون محتويات المصفى الكبير جدا".
وتابع: "ناقلات كبيرة كانت تنقل معدات ثقيلة، جرى تفكيكها من قبل مختصين كانوا يعملون لصالح المليشيات"، مبيناً أن "بعض هذه الناقلات كانت تتجه نحو الشمال إلى إقليم كردستان (شمال)، وأخرى كانت باتجاه الشرق، إلى إيران. جرى هذا بعد تحرير المصفى من سيطرة داعش".
وأكد أن "المليشيات فكّوا كل شيء وعملوا على تهريب ما هو مهم ومرتفع الثمن. حتى أن مواد كهربائية وصحية كانت موجودة داخل مباني المصفى جرى بيعها بعد اقتلاعها من أماكنها". وتابع: "باستمرار نرى ناقلات محملة بالنفط الخام تخرج من المصفى".
الدليمي يشير إلى أن عدداً كبيراً من سكان القرى المحيطة بمصفى بيجي، كانوا يعملون داخل المصفى، بعضهم موظفون مثبتون، وآخرون بعقود لفترة معينة، وأن ذلك جعلهم مطلعين على عمل المصفى، وامتلاك خبرة بنقل النفط.
وأضاف: "لذلك نعرف حين نرى الناقلات تخرج من المصفى أنها محملة بمادة النفط أم لا، وأيضاً لم يعد هناك في المصفى سوى النفط الخام"، مبيناً أن "المليشيات حالياً يعبئون الناقلات من خلال مضخات كهربائية، بعد أن سرقوا جميع المعدات والآلات".
وفي فبراير/ شباط 2016 حمّل اتحاد القوى العراقية (تحالف نيابي سني)، رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، والأجهزة الأمنية المعنية، مسؤولية حماية مصفى بيجي من عمليات سرقة ونهب معداته وآلياته من قبل العصابات المنظمة، التي تسببت في تعطيله عن العمل وإلحاق خسائر جسيمة بالاقتصاد.
وقال الاتحاد إن هناك أنباء مؤكدة من محافظة صلاح الدين، تفيد بأن معدات وآليات المصفى ما زالت تتعرض للنهب والسرقة لبيعها إلى دول الجوار بأبخس الأثمان، مشيراً إلى أن عدداً من العصابات المتنفذة تقاسمت محتويات المصفى، وقامت بتفكيكها وبيعها إلى عدد من التجار، بينهم إيرانيون.
ولم يتطرق البيان إلى أسماء من وصفها بالعصابات، لكن مليشيات تابعة لـ"الحشد الشعبي"، هي التي تفرض سيطرتها على المصفى منذ تحريرها. وشدد البيان على أن ما تعرض له المصفى من أعمال سرقة لمحتوياته، أدى إلى اضطرار العراق لاستيراد مشتقات نفطية بمبلغ خمسة مليارات دولار سنوياً لتغطية خروج المصفى من الخدمة.
اقــرأ أيضاً
المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم كشف هويته، وهو مطلع على قضايا مهمة تطرح في مجلس الوزراء، قال إن وجود الحشد الشعبي ما زال يمثل عقبة أمام عمل المؤسسات الحكومية، موضحاً أن المليشيات تستغل قوتها ونفوذها للكسب غير المشروع.
وتابع: "فضلاً عن الإتاوات التي تفرضها المليشيات على شركات ومقاولين يعملون في مشاريع داخل البلاد، فإنها ما زالت تسيطر على عدة مواقع حكومية وأخرى تابعة لمواطنين، بعد أن تحررت من تنظيم داعش"، مشيراً إلى أن "مصفى الدورة (جنوب بغداد) واحد من هذه المواقع التي سيطرت عليها بالإضافة إلى مصفى بيجي وغيرها". وأضاف: "تعتبر المصافي والمؤسسات التي تسيطر عليها المليشيات مصدراً لجني المال".
وقال: "منذ 2015، حيث تحرر المصفى من داعش، تسيطر عليه فصائل من المليشيات، وتفرض وجودها بقوة السلاح، وتمتنع القوات الحكومية عن إخراجهم بالقوة؛ لعدم وجود قرارات من قبل القيادات العليا بإخراجهم".
وكانت بداية ظهور المليشيات في العراق عقب غزوه في 2003، تقف خلفها جهات سياسية، وانضمت هذه المليشيات إلى "الحشد الشعبي" التي تأسست بناءً على فتوى للمرجع علي السيستاني لمقاتلة "داعش" في 2014، ثم امتد نشاطها ليشمل السيطرة على ثروات البلاد النفطية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي علي الزبيدي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن مصفى بيجي يحتاج لأكثر من عامين لعودة عمله بشكل طبيعي مثلما كان في السابق. وأضاف أن "المصفى لا يحتاج إلى إعادة تأهيل فقط، بل إلى بناء كامل من الصفر"، موضحاً أن عمليات النهب لم تبقِ شيئاً في المصفى".
وتابع الزبيدي: "لم يعد خافياً على أحد الأضرار الكبيرة التي تعرض لها المصفى، وهناك تأكيدات من قبل مختصين في وزارة النفط وسياسيين أنه جرى تجريده بالكامل من معداته والأنابيب الناقلة وجميع الآليات التي تمكّن الفنيين من العمل".
وأضاف الزبيدي: "هذا يعني أن وزارة النفط عليها البدء بإنشاء مصفى جديد على هذه الأرض، قد تبدأ مرحلة التشغيل الأولية بعد عام، لكن إعادة الحياة للمصفى لن تنتهي في أقل من عامين".
وبيّن أن "خسائر فادحة تلقاها العراق منذ أن سيطر داعش على المصفى، هناك ما لا يقل عن ربع مليون برميل من النفط ينتج يومياً في هذا المصفى، ومنذ نحو ثلاثة أعوام انقطعت واردات الدولة منه". وأشار الزبيدي إلى أن "خسارة أخرى كبيرة تضاف إلى ما تكبدته الدولة في هذا المصفى، في حال صحت الأخبار بأن المليشيات تعمل على تهريب النفط، مستفيدة من قوتها وسطوتها، وبالتالي لا تذهب العائدات إلى خزينة الدولة".
ويعد مصفى بيجي النفطي أكبر مصفى في العراق، وثاني أكبر مصفى في الشرق الأوسط، حيث تقدر طاقته الإنتاجية بـ310 آلاف برميل يومياً. ويأتي اتهام المليشيات بسرقة النفط وتهريبه، ضمن سلسلة من الاتهامات الموثقة بأدلة سيقت في وقت سابق من قبل مسؤولين وتقارير غير رسمية، تشير إلى عمليات سرقة محتويات مصفى بيجي، نفذتها المليشيات منذ تحرير المصفى قبل عامين.
وقال علي الدليمي، وهو شيخ قبلي يسكن في قرية قريبة من مصفى بيجي، إن "جميع سكان المناطق القريبة من المصفى كانوا شهود عيان على عمليات السرقة التي نفذتها المليشيات للمصفى". وأضاف الدليمي لـ"العربي الجديد": "نتذكر جيداً كيف جرت سرقة المصفى من قبل المليشيات. إن الحادث قريب عهد، لقد استمروا لفترة طويلة وهم يسرقون محتويات المصفى الكبير جدا".
وتابع: "ناقلات كبيرة كانت تنقل معدات ثقيلة، جرى تفكيكها من قبل مختصين كانوا يعملون لصالح المليشيات"، مبيناً أن "بعض هذه الناقلات كانت تتجه نحو الشمال إلى إقليم كردستان (شمال)، وأخرى كانت باتجاه الشرق، إلى إيران. جرى هذا بعد تحرير المصفى من سيطرة داعش".
وأكد أن "المليشيات فكّوا كل شيء وعملوا على تهريب ما هو مهم ومرتفع الثمن. حتى أن مواد كهربائية وصحية كانت موجودة داخل مباني المصفى جرى بيعها بعد اقتلاعها من أماكنها". وتابع: "باستمرار نرى ناقلات محملة بالنفط الخام تخرج من المصفى".
الدليمي يشير إلى أن عدداً كبيراً من سكان القرى المحيطة بمصفى بيجي، كانوا يعملون داخل المصفى، بعضهم موظفون مثبتون، وآخرون بعقود لفترة معينة، وأن ذلك جعلهم مطلعين على عمل المصفى، وامتلاك خبرة بنقل النفط.
وأضاف: "لذلك نعرف حين نرى الناقلات تخرج من المصفى أنها محملة بمادة النفط أم لا، وأيضاً لم يعد هناك في المصفى سوى النفط الخام"، مبيناً أن "المليشيات حالياً يعبئون الناقلات من خلال مضخات كهربائية، بعد أن سرقوا جميع المعدات والآلات".
وفي فبراير/ شباط 2016 حمّل اتحاد القوى العراقية (تحالف نيابي سني)، رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، والأجهزة الأمنية المعنية، مسؤولية حماية مصفى بيجي من عمليات سرقة ونهب معداته وآلياته من قبل العصابات المنظمة، التي تسببت في تعطيله عن العمل وإلحاق خسائر جسيمة بالاقتصاد.
وقال الاتحاد إن هناك أنباء مؤكدة من محافظة صلاح الدين، تفيد بأن معدات وآليات المصفى ما زالت تتعرض للنهب والسرقة لبيعها إلى دول الجوار بأبخس الأثمان، مشيراً إلى أن عدداً من العصابات المتنفذة تقاسمت محتويات المصفى، وقامت بتفكيكها وبيعها إلى عدد من التجار، بينهم إيرانيون.
ولم يتطرق البيان إلى أسماء من وصفها بالعصابات، لكن مليشيات تابعة لـ"الحشد الشعبي"، هي التي تفرض سيطرتها على المصفى منذ تحريرها. وشدد البيان على أن ما تعرض له المصفى من أعمال سرقة لمحتوياته، أدى إلى اضطرار العراق لاستيراد مشتقات نفطية بمبلغ خمسة مليارات دولار سنوياً لتغطية خروج المصفى من الخدمة.