في موقف عالي النبرة من جانب "حزب الله"، قبيل توجه رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب إلى قصر بعبدا للقاء الرئيس اللبناني ميشال عون، بعد إرجاء الزيارة من الصباح إلى العصر، بطلب من الأول، إفساحاً في المجال أمام مزيد من الاتصالات بشأن تشكيل الحكومة، شددت كتلة "الوفاء للمقاومة" (تمثل الحزب في البرلمان) على رفضها القاطع أن "يسمّي أحد عنّا الوزراء الذين يمثلونا في الحكومة، أو يضع أحد حظراً على المكوّن الذي يمثلنا في استلام أي حقيبة أو حقيبة وزارة المالية حصراً".
وأشارت الكتلة، في بيان بعد اجتماعها الأسبوعي، إلى "محاولات البعض الاستقواء بالخارج لتشكيل حكومة مزوّرة التمثيل في محاولات ترمي إلى تجويف المبادرة الفرنسية، التي نؤكد على أهميتها، ولكن نعتبر أنّ الإدارة الأميركية هي المسؤولة عن تعطيل تشكيل الحكومة".
وفي وقتٍ ترتفع نسبة اعتذار أديب عن التكليف، تجري مساعٍ عدّة قبيل الموعد المرتقب للقاء الرئيسين، من أجل إزالة العقبات والعقد الوزارية، ومنها اللقاء الذي يجمع رئيس الحكومة المكلف مع وزير المالية السابق والمعاون السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري؛ النائب علي حسن خليل، الذي طاولته العقوبات الأميركية أخيراً، والمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل، اللذين يتوليان عادة المساعي ويحملان الرسائل بين الأطراف السياسية.
وينتظر الرئيس المكلف حلّ عقدة وزارة المالية لتطاول المداورة كل الوزارات، في ظلّ تمسّك "حزب الله" و"حركة أمل" برئاسة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، بموقفيهما بخصوص إسناد الوزارة إلى الطائفة التي ينتميان إليها واستثنائها من مبدأ المداورة.
ونقلت مصادر أديب، اليوم الخميس، عنه قوله إنّ المهلة التي كلّف على أساسها نتيجة تفاهم شمل غالبية القوى السياسية في لبنان، ترتكز على تشكيل حكومة اختصاصيين غير سياسية، وذلك في فترة قياسية، والبدء بتنفيذ الإصلاحات فوراً.
وعمّمت المصادر قوله إنّه "على هذا الأساس لم يكن الهدف لا التفرّد بالرأي ولا استهداف أحد من المكوّنات السياسية، بل اختيار تشكيلة حكومة من اختصاصيين، وأي طرح آخر سيفترض تالياً مقاربة مختلفة للحكومة الجديدة، وهذا لا يتوافق مع المهمة التي كلف لأجلها".
وشددت المصادر على أنّ أديب "حريصٌ ومصممٌ على أن تبقى المهمة التي يقوم بها متوافقة مع روحية التفاهم الأساسي على حكومة اختصاصيين، وطلب لأجل ذلك من رئيس الجمهورية ميشال عون إرجاء الاجتماع إلى عصر اليوم، بهدف إجراء مزيد من الاتصالات قبل تحديد موقف نهائي".
يأتي ذلك في ظلّ الهجوم الذي يتعرّض له أديب، وخصوصاً من فريق 8 آذار، و"حزب الله" و"حركة أمل" التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، باعتبار أنّ رئيس الحكومة المكلف لا يتواصل مع أحدٍ منهم، حتى في موضوع وزارة المالية التي لن يتخلى عنها الرئيس بري رغم تمسكه بالمبادرة الفرنسية، ولم يضعهم في أجواء تشكيلته الحكومية أو الأسماء التي يفكّر بتوزيرها، ويكتفي بالتواصل مع رؤساء الحكومات السابقين، معتبرين أنّ رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري هو الذي يؤثر على قرارات أديب ويتحكّم بخطواته.
وقد أعلن الحريري، أمس الأربعاء، في أول تصريح علني بشأن عملية تأليف الحكومة، أنّ "وزارة المال وسائر الحقائب الوزارية ليست حقاً حصرياً لأي طائفة، ورفض المداورة إحباط وانتهاك موصوف بحق الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان واللبنانيين".
وزارة المال وسائر الحقائب الوزارية ليست حقا حصريا لاي طائفة، ورفض المداورة احباط وانتهاك موصوف بحق الفرصة الاخيرة لانقاذ لبنان واللبنانيين.
— Saad Hariri (@saadhariri) September 16, 2020
وقال علي حسن خليل، في دردشة مع الصحافيين، اليوم الخميس، إنّ "هناك وجهات نظر مختلفة مع الحريري، ولكن لا خلاف، والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات".
وعلى صعيد التطوّرات، تردّدت أنباء كثيرة اليوم، عن أنّ أديب سيزور عين التينة (مقرّ بري)، لكن اللقاء لم يحصل بعد، علماً أنّ عقدة المالية لم تحلّ حتى الساعة رغم استئناف الفرنسيين اتصالاتهم مع القوى السياسية اللبنانية، وآخرها مع الحريري و"الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل)، في محاولةٍ لإزالة العقبات، بعد تمديد باريس مهلة الـ15 يوماً لتشكيل حكومة، من خلال إرسالها إشارات إلى المسؤولين في لبنان، عبر "الإليزيه"، بأنّه "لم يفت الوقت بعد على تشكيل حكومة، وعلى الجميع تحمّل مسؤولياتهم والعمل أخيراً لمصلحة لبنان والسماح لمصطفى أديب بتشكيل حكومة تكون بمستوى خطورة الوضع الراهن".
ويأتي هذا مع أنّ فرنسا كانت "تنوي مقاطعة القوى السياسية نتيجة الغضب الذي يشعر به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من طريقة تعاطي المسؤولين في لبنان مع مبادرته واستمرارهم في المماطلة والاختلاف على الحصص"، وفق ما كشفه مصدر دبلوماسي فرنسي رفض كشف اسمه، لـ"العربي الجديد"، أمس الأربعاء.
وفي وقتٍ لم يحسم أديب قراره بعد، لجهة الاعتذار، أو تقديم تشكيلته، اليوم الخميس، إلى رئيس الجمهورية، أو اختصار الزيارة بـ"المشاورات" كما فعل، مطلع الأسبوع، حصلت محاولات لاستثناء وزارة المالية بمبدأ المداورة، مقابل تسمية "الثنائي الشيعي" لشخصية تتولى هذه الحقيبة شرط أن تكون من أصحاب الاختصاص ومن الوجوه غير المستفزّة، قبل أن تقابلها عقبات جديدة، كردّ على هذه الخطوة إن حصلت، لناحية فتح المجال لباقي الأحزاب للمطالبة بحصص وزارية، وخصوصاً السيادية منها، وتسمية الشخصيات، عملاً بمبدأ "المعاملة بالمثل".