مونديال 58: الصراع العربي الإسرائيلي يؤهّل ويلز

07 يونيو 2014
ويلز شاركت في المونديال بسبب الصراع العربي الإسرائيلي (تويتر)
+ الخط -

سيبقى مونديال السويد عام 1958 عالقاً في أذهان عشاق الساحرة المستديرة إلى الأبد، ففيه ذاقت البرازيل لأول مرة حلاوة التتويج باللقب، وشهد العالم بزوغ نجم الجوهرة السوداء بيليه ابن الـ17 ربيعا، كما سجلت خلاله ويلز حضورها الوحيد في تاريخ البطولة، بعدما أحسنت استغلال "الصراع العربي الإسرائيلي".


التفسير الوحيد لتواجد ويلز في كأس العالم كان تفسيراً "سياسياً بحتاً"، فقد خسرت التصفيات الأوروبية، لكن مقاطعة العرب للكيان الصهيوني ورفض خوض أي مباراة أمامه، فتح المجال أمام الإمارة البريطانية لدخول التاريخ.


البداية كانت مع القرار الجريء للرئيس المصري جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس عام 1956 كرد فعل على رفض البنك الدولي تمويل تشييد السد العالي في أسوان، والذي اعتبر تحديا لقوى الغرب، وتسبب في شن عدوان ثلاثي بقيادة إنجلترا وإسرائيل وفرنسا.


إثر الحرب اقتحمت القوات الإنجليزية - الفرنسية قناة السويس، واحتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء، لكن المعارك لم تدم كثيرا بعد ضغط الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.


في ظل هذا المناخ المتوتر كان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يظن أن مهمة تنظيم تصفيات التأهل لكأس العالم ستمضي بشكل طبيعي، لكنه تيقن من استحالة ذلك وسط تلك الظروف.


شكل الفيفا مجموعة "أفروآسيوية" للتصفية بين منتخبات القارتين، تكونت من تركيا وقبرص ومصر والسودان وإندونيسيا والصين والكيان الصهيوني.


بدأت المشاكل بانسحاب الصين الشعبية قبل انطلاق التصفيات، وكان يتعين على تركيا مواجهة إسرائيل في البداية، إلا أن الأولى رفضت اللعب بحجة أنها لا يجب أن تنتمي كرويا للقارة الآسيوية.


بعد انسحاب قبرص تبقى أربعة منتخبات: مصر والسودان وإندونيسيا وإسرائيل، لكن لم تقام أي مباراة بينها، إذ رفض الثلاثة ملاقاة إسرائيل وانسحبت من التصفيات، لتبقى وحيدة في المجموعة.


وجد الفيفا نفسه في مأزق، لم يكن من المسموح أن تتأهل إسرائيل لكأس العالم من دون أن تشارك في التصفيات، ولو في مباراة واحدة على الأقل، لأن قواعد المونديال آنذاك، كانت تعفي من التصفيات البلد المضيف وحامل اللقب فقط.


عقدت اللجنة المنظمة للمونديال اجتماعاً طارئا في زيوريخ في نوفمبر/تشرين الثاني 1957، وقررت خلاله أن تواجه إسرائيل أحد المنتخبات أصحاب المركز الثاني في تصفيات القارة الأوروبية عن طريق القرعة.


لكن المقترح قوبل بمعارضة شديدة من دول أميركا الجنوبية لإعطاء الأفضلية لأوروبا فقط، وخصوصاً أن أوروجواي، التي خسرت حينها التصفيات اللاتينية، طالبت بحقها في دخول القرعة، مفتخرة بتاريخها في الفوز بكأس العالم مرتين من قبل.


أمام هذا الضغط قرر رئيس الفيفا، الإنجليزي ستانلي راوس، أن تواجه إسرائيل منتخباً لاتينياً أو أوروبياً من أصحاب المراكز الثانية في مجموعاتهم بالتصفيات عن طريق القرعة.


شارك في القرعة من أوروبا، كلٌّ من ويلز وإسبانيا وهولندا وبولندا ورومانيا وبلجيكا، ومن أميركا الجنوبية أوروجواي وبيرو وبوليفيا وكوستاريكا، وابتسم الحظ لويلز.


لم يهدر الويلزيون الفرصة، ونجحوا في الفوز على إسرائيل ذهابا في تل أبيب 2-0 ، وتكرار نفس النتيجة في كارديف إيابا، لتصبح نسخة السويد 1958 الأولى والوحيدة التي تشهد حضور الأجزاء الأربعة المكونة لإمبراطورية بريطانيا: إنجلترا وإسكتلندا وإيرلندا الشمالية وويلز، بينما غاب عن المشاركة أي منتخب أفريقي أو آسيوي.


خلال البطولة تعادلت ويلز مع المجر 1-1 وبنفس النتيجة أمام المكسيك ثم تعادلت سلبا مع السويد صاحبة الأرض لتتأهل لثمن النهائي، لكنها اصطدمت بالبرازيل وخسرت بهدف الأسطورة بيليه، لتسجل أفضل إنجاز في تاريخها الكروي.


لم تعد ويلز للمونديال مرة أخرى، بعد كل تلك السنوات، فهدية الصراع العربي الإسرائيلي لم تتكرر بعد انتقال الأخيرة إلى التصفيات الأوروبية، وبات يتعين على الإمارة البريطانية أن تعتمد على نفسها وحسب.

المساهمون