09 نوفمبر 2024
نتنياهو يعزف وحيداً
عقل الاحتلال الإسرائيلي مبني على قاعدتي الثأر والعودة الظافرة. هكذا أظهرت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى أربع دول أفريقية الأسبوع الحالي. جولة أرادها بيبي أن تبدأ من أوغندا، حيث قُتل شقيقه، يوناتان، ففي 4 يوليو/ تموز 1976، شنّت فرقة "سرييت متكال" الإسرائيلية هجوماً غادراً على مطار عنتيبي (37 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة كمبالا)، بغية "تحرير رهائن الرحلة 139 التابعة للخطوط الجوية الفرنسية"، وكانت قد خطفت الطائرة مجموعة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بقيادة وديع حداد، في 27 يونيو/ حزيران 1976. بعيداً عن تفاصيل العملية، قُتل يوناتان وحده من المهاجمين الإسرائيليين، بين أيدي وزير الصحة السابق، إفرام سنيه، مع العلم أن رئيس الوزراء السابق، إيهود باراك، كان من المشاركين في العملية أيضاً.
وقف نتنياهو، في عنتيبي يوم الاثنين "متذكّراً" شقيقه، قائلاً: "هنا سقط يوني". قبل أن ينطلق بخطابٍ "تشجيعي"، لتوثيق العلاقات بين دولة الاحتلال ودول المنابع المائية الأساسية في القارة الأفريقية: أوغندا، وإثيوبيا، ورواندا، وكينيا. أراد نتنياهو ترسيخ مفهوم "العودة الظافرة"، بإشارته إلى شقيقه، للدلالة على أن "الإسرائيليين أصبحوا في أمانٍ أكثر"، في قارةٍ تقف معظم الأحيان ضدهم، دفاعاً عن الحقوق الفلسطينية. وهنا رسّخ مفهوم "الثأر" وفقاً لأدبيات الاحتلال. كما كرّس "نجاح" مساره السياسي، منذ العام 2009، في رئاسة الحكومة الإسرائيلية.
بات نتنياهو قريباً من تحطيم الأرقام القياسية السياسية في إسرائيل، فهو أول رئيس حكومة من "الجيل الثاني"، أي الجيل المولود في فلسطين المحتلة. وهو رئيس الحكومة الأول الذي عمل على تحسين الوضع الاقتصادي في الكيان الإسرائيلي، وجعله أولويةً موازية لأولوية "الأمن". وهو رئيس الحكومة الأول الذي يمرّر رُخَص بناء المستوطنات، من دون ضجيج إعلامي صاخب. كما أنه رئيس الحكومة الأول الذي يخوض حرباً ضد الفلسطينيين في الضفة أو غزة أو ضد لبنان، ولا يُحاكم، بل يخرج أكثر قوةً لدى القواعد الناخبة.
أدخل نتنياهو مفهوم الدعاية الانتخابية على الطريقة الأميركية، ما جعله متقدّماً على أسلافه، مستنداً إلى جيل الشباب الذي أيّده في أواسط التسعينيات، قبل أن ينتقل معه إلى قيادة كيان الاحتلال في الوقت الحالي. لم يسقط نتنياهو، بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول العظمى، على الرغم من أن الاتفاق، ظاهرياً، يُشكّل نكسةً له، لكنه تمكّن من البقاء على قيد الحياة سياسياً، بفعل تحويله "الهزيمة" إلى "نصرٍ" سياسي وعسكري واقتصادي. وفي الوقت الذي بات فيه سلفه إيهود أولمرت سجيناً، في سجن الرملة، لإدانته في الفساد، لم يتمكّن معارضو نتنياهو من طرحه أرضاً، عقب فضيحة فسادٍ توّرط بها مع زوجته سارة، بشأن نقل أثاث رسمي من المقرّ الحكومي إلى منزله الخاص.
لماذا بقي نتنياهو صلباً في الكيان المحتلّ؟ لأسبابٍ عدة. في البدء، تمكّن من تحييد خصومه في الصفوف اليمينية، تحديداً بقضائه على حزب كاديما، والثنائي أولمرت وتسيبي ليفني، ثم في تحييده أفيغدور ليبرمان، الساعي إلى وراثته، بتعيينه وزيراً للأمن، وتمرير اتفاق التطبيع مع تركيا تحت عينيه. كذلك عمد إلى إبعاد وزير الأمن السابق، موشيه يعلون. ويبدو أن نفتالي بينيت بدرجة أولى، ويائير ليبيد بدرجة ثانية، أبعد من أن يكونا "الرقم الصعب" في حكومات نتنياهو. أما لجهة المعارضة، فلا يبدو أنها قادرةٌ حتى على مقارعة رئيس حكومة، يمسك جيش الاحتلال والاقتصاد بيدٍ واحدة. والأهم في ذلك كله أن إسرائيل حالياً، في أكثر أزمنتها استقراراً، لانشغال أعدائها. ماذا يعني هذا؟ يعني أن نتنياهو بات على خطى ديفيد بن غوريون، وأن الكيان الإسرائيلي بات "مقتنعاً" ألا بديل عنه، ففي عهود مناحيم بيغن وإسحاق شامير وشيمون بيريز، كانت "هالة" آرييل شارون، حاضرة. الآن، لا يوجد مثل هذا الرجل في مواجهة نتنياهو.
وقف نتنياهو، في عنتيبي يوم الاثنين "متذكّراً" شقيقه، قائلاً: "هنا سقط يوني". قبل أن ينطلق بخطابٍ "تشجيعي"، لتوثيق العلاقات بين دولة الاحتلال ودول المنابع المائية الأساسية في القارة الأفريقية: أوغندا، وإثيوبيا، ورواندا، وكينيا. أراد نتنياهو ترسيخ مفهوم "العودة الظافرة"، بإشارته إلى شقيقه، للدلالة على أن "الإسرائيليين أصبحوا في أمانٍ أكثر"، في قارةٍ تقف معظم الأحيان ضدهم، دفاعاً عن الحقوق الفلسطينية. وهنا رسّخ مفهوم "الثأر" وفقاً لأدبيات الاحتلال. كما كرّس "نجاح" مساره السياسي، منذ العام 2009، في رئاسة الحكومة الإسرائيلية.
بات نتنياهو قريباً من تحطيم الأرقام القياسية السياسية في إسرائيل، فهو أول رئيس حكومة من "الجيل الثاني"، أي الجيل المولود في فلسطين المحتلة. وهو رئيس الحكومة الأول الذي عمل على تحسين الوضع الاقتصادي في الكيان الإسرائيلي، وجعله أولويةً موازية لأولوية "الأمن". وهو رئيس الحكومة الأول الذي يمرّر رُخَص بناء المستوطنات، من دون ضجيج إعلامي صاخب. كما أنه رئيس الحكومة الأول الذي يخوض حرباً ضد الفلسطينيين في الضفة أو غزة أو ضد لبنان، ولا يُحاكم، بل يخرج أكثر قوةً لدى القواعد الناخبة.
أدخل نتنياهو مفهوم الدعاية الانتخابية على الطريقة الأميركية، ما جعله متقدّماً على أسلافه، مستنداً إلى جيل الشباب الذي أيّده في أواسط التسعينيات، قبل أن ينتقل معه إلى قيادة كيان الاحتلال في الوقت الحالي. لم يسقط نتنياهو، بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول العظمى، على الرغم من أن الاتفاق، ظاهرياً، يُشكّل نكسةً له، لكنه تمكّن من البقاء على قيد الحياة سياسياً، بفعل تحويله "الهزيمة" إلى "نصرٍ" سياسي وعسكري واقتصادي. وفي الوقت الذي بات فيه سلفه إيهود أولمرت سجيناً، في سجن الرملة، لإدانته في الفساد، لم يتمكّن معارضو نتنياهو من طرحه أرضاً، عقب فضيحة فسادٍ توّرط بها مع زوجته سارة، بشأن نقل أثاث رسمي من المقرّ الحكومي إلى منزله الخاص.
لماذا بقي نتنياهو صلباً في الكيان المحتلّ؟ لأسبابٍ عدة. في البدء، تمكّن من تحييد خصومه في الصفوف اليمينية، تحديداً بقضائه على حزب كاديما، والثنائي أولمرت وتسيبي ليفني، ثم في تحييده أفيغدور ليبرمان، الساعي إلى وراثته، بتعيينه وزيراً للأمن، وتمرير اتفاق التطبيع مع تركيا تحت عينيه. كذلك عمد إلى إبعاد وزير الأمن السابق، موشيه يعلون. ويبدو أن نفتالي بينيت بدرجة أولى، ويائير ليبيد بدرجة ثانية، أبعد من أن يكونا "الرقم الصعب" في حكومات نتنياهو. أما لجهة المعارضة، فلا يبدو أنها قادرةٌ حتى على مقارعة رئيس حكومة، يمسك جيش الاحتلال والاقتصاد بيدٍ واحدة. والأهم في ذلك كله أن إسرائيل حالياً، في أكثر أزمنتها استقراراً، لانشغال أعدائها. ماذا يعني هذا؟ يعني أن نتنياهو بات على خطى ديفيد بن غوريون، وأن الكيان الإسرائيلي بات "مقتنعاً" ألا بديل عنه، ففي عهود مناحيم بيغن وإسحاق شامير وشيمون بيريز، كانت "هالة" آرييل شارون، حاضرة. الآن، لا يوجد مثل هذا الرجل في مواجهة نتنياهو.