الوزير "ريبال" في مسرحية "كليوباترا"، و"بويجي" في "لولو"، وفخر الدين في مسرحية "فخر الدين"، أدوار لعبها الفنان الراحل نصري شمس الدين (1927 - 1983)، الذي بدأ حياته مدرساً قبل أن يتجه إلى الغناء والتمثيل.
بدأ شمس الدين، الذي تمر ذكرى ميلاده اليوم، تجربته الفنية بالأغنية الشعبية في بعلبك مطلع الخمسينيات، ولكنه قدم أيضاً القصائد والموشحات وغنى بلهجات عربية مختلفة، حتى أنه قدّم أغنية باللهجة السودانية، ثم أصبح تقريباً متخصصاً في غناء الفلكلور اللبناني وعرف به، وانتشر صوته عبر إذاعة "الشرق الأدنى".
وُلد شمس الدين في بلدة جون شمال مدينة صيدا اللبنانية، ودرس في مدرتسها، ثم أصبح مدرساً للغة العربية في بلدة شبعا ثم المدرسة الجعفرية في صور، وفي إحدى المناسبات المدرسية، غنّى شمس الدين على عوده، فطلب منه مدير المدرسة أن يختار بين التعليم والغناء فانصرف شمس الدين عن التدريس.
في البداية، لم يحالف الحظ شمس الدين، رغم أنه طور من موهبته بنفسه من خلال دراسة الموسيقى والسفر، فعاد إلى العمل موظفاً في مركز البريد في بيروت، إلى أن وقف في عام 1952، ليغني أمام لجنة تحكين في إذاعة "الشرق الأدنى" مؤلفة من عاصي ومنصور الرحباني، وعبد الغني شعبان، وحليم الرومي وغيرهم ليصبح لاحقاً جزءاً من المسرح الرحباني.
كانت لشمس الدين أعمال مع فيلمون وهبي وصباح ووديع الصافي وتعاون في آخر ألبوماته "الطربوش" مع ملحم بركات، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الأغاني الخاصة به التي يضمها أرشيفه الكبير الذي تحتفظ به عائلته ولم يجد بعد من يحتفي به ويقدمه في منصة رقمية على سبيل المثال.
رغم ندرة صوت نصري شمس الدين، وجمالياته وإمكانياته، لكن لا يمكن القول إنه كان صوتاً محظوظاً، وظل نصيبه من الأغاني قليلاً خارج إطار المسرح الرحباني وأفلام فيروز، التي كشفت عن جانب الممثل خفيف الظل فيه، والذي جعله يشتهر في اسكتشاته مع فيروز أكثر مما عرف بأغانيه المنفردة، وكان بينه وبين الرحابنة شد وجذب، حتى أنه يقول في لقاء معه أن أغنية "بنتزاعل وبنرضى"، كانت بمثابة هدية من الرحابنة له بعد فترة من التوتر بينه وبينهم.