19 يناير 2024
نهاية داعش في سورية
بينما تمر المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سورية اليوم بمراحلها الأخيرة، يزداد تعقيد المشهد السياسي بشكل كبير، خصوصا أن الأطراف التي تحارب "داعش" اليوم في سورية كثيرة، وعلى عداء فيما بينها، حيث تحاصر قوات الحماية الكردية مدينة الرقة، العاصمة الرئيسية لداعش في سورية، بتعاون وتغطية جوية كاملة من الولايات المتحدة، بينما تحاصر قوات النظام السوري، بتعاون وتغطية جوية كاملة من روسيا، "داعش" في مدينة دير الزور، وتمكّنت، أخيرا، من عبور نهر الفرات، لتستكمل حصار "داعش" في دير الزور التي يطلق عليها "داعش" ولاية الخير، لأنها تمثل مصدرا لموارد زراعية ونفطية كثيرة لـ "داعش" خلال سيطرتها على المدينة.
انتهى هذا الأسبوع في نيويورك، وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لقاء ما يسمى أصدقاء الشعب السوري على المستوى الوزاري، وكان لافتا قول وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، عقب الاجتماع، إن بريطانيا والدول الغربية "لن تساهم في عملية إعادة إعمار سورية ما دام الأسد في السلطة، وأنها تسعى إلى تحقيق عملية انتقالية بدونه".
يبدو الموقف البريطاني، ومن خلفه الغربي، ثابتاً في عدم قبول الأسد. لكن، وفي الوقت نفسه، يبقى الموقف الغربي ثابتاً أيضا في عدم اتخاذ أي إجراء يجبر الأسد على التنحّي، ويسمح
بالبدء بمرحلة انتقالية. وبالتالي، يبدو موقف "مجموعة أصدقاء سورية" مكرّراً على مدى السنوات السبع الماضية، من دون أن يكون له تأثير على الأرض، أو على المسار السياسي الآخر الذي تقوده روسيا، ويسعى بشكل رئيسي إلى إعادة الاعتبار للأسد، وتقويته سياسيا وعسكريا، عبر قضم المناطق الخارجة عن سيطرته رويداً رويداً. عسكريا، بفضل القوة العسكرية المتفوقة. وسياسياً، عبر ما يسمى فرض خفض مناطق التصعيد، بما يفتح الباب لما تسمى المصالحات المحلية التي تعني، أولاً وأخيرا، إعادة بسط سيطرة خدمات النظام السوري على هذه المناطق بحكم عدم قدرة المعارضة على تأمين الاحتياجات الأساسية لها، أو توفير الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وغيرها.
ويترافق ذلك مع الرغبة الروسية في تنحية مفاوضات جنيف، تحت مظلة الأمم المتحدة، وتقوية مسار أستانة الذي يهدف إلى تنفيذ مناطق خفض التصعيد في سورية. وكانت النتيجة واضحة، فاجتماعات جنيف السبعة لم تسفر عن أي تقدم على المستوى السياسي، أو حتى الإنساني، وغالبا ما كانت تقود إلى فشل ذريع، بسبب رفض النظام السوري بحث أي من السلال الأربع التي تحدث عنها المبعوث الأممي، ستيفان دي مستورا، مراراً، وهي: تشكيل حكومة غير طائفية خلال ستة أشهر، صياغة الدستور، انتخابات خلال 18 شهراً بإشراف أممي. وأعلن دي ميستورا أنه تم الاتفاق على سلة رابعة تركز على محاربة الإرهاب، والعمل على إجراءات بناء الثقة بين الطرفين. لم يتحقق تقدم في أي من هذه السلال، وغالبا ما انتهت الاجتماعات في جنيف بشكل عدائي أكثر مما تشير إلى اقتراب الأطراف إلى حلول وسط، ما كان يكشف باستمرار عدم جدية نظام الأسد في الدخول في عملية سياسية في جنيف، تقود إلى حل سياسي.
وبديلا عن ذلك، ضغطت روسيا على نظام الأسد، من أجل إنجاح مسار أستانة الذي أصبحت لقاءاته تعقد بانتظام. وكان لافتاً تصريح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبل آخر جولات مفاوضات أستانة "أن الأزمة السورية في مراحلها الأخيرة"، ما يدل، بشكل كبير، على أن تركيا أيضا، وليس روسيا فحسب، أصبحت تضع كل ثقلها في مسار أستانة، ولا ترى في مسار جنيف أملا قد يقود إلى حل سياسي قريب للأزمة السورية.
كان لافتاً جداً، على مدى الشهر الماضي، تطور الأمور في سورية، وفي الحرب ضد "داعش" هو تقدم قوات النظام وعبورها نهر الفرات من أجل استكمال حصار مدينة دير الزور، وطرد
"داعش" منها. وكانت لافتةً الوجهة بحد ذاتها، فعلى مدى السنوات السبع الماضية كانت أولوية الجيش النظامي السوري القضاء على المعارضة السورية المسلحة، بأي شكل، وأي ثمن، ومهما كانت التكلفة من المدنيين. ولذلك شنت القوات النظامية فظائع وجرائم لا تحصى في المدن السورية التي خرجت عن سيطرة النظام، فأخضعتها لحصار خانق، منع خلاله الماء وإدخال أية مساعدات إنسانية، كما جرى في مضايا وداريا والمعضمية وحمص وغيرها، ما أدى إلى مقتل آلاف المدنيين، فضلا عن إمطار هذه المناطق ببراميل متفجرة فتكت بألوف المدنيين، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة. ولم يكترث النظام السوري لتمدّد "داعش" في الأراضي السورية سنوات، بل كان مصدر التمويل الرئيسي للنظام، فعائدات حقول النفط التي كان يسيطر عليها "داعش" كانت تباع في مناطق النظام، وتبدو معركة تدمر الاستثناء الوحيد تقريبا في تاريخ الاصطدام العسكري بين النظام السوري و"داعش" خلال السنوات الخمس الماضية، والتي كانت أولوية "روسية" بشكل رئيسي، لتبرير تدخلها العسكري في سورية في سبتمبر/ أيلول 2015.
لذلك، ظهرت فجأة قوات النظام التي بدت منهكة تماماً في حصار المدن السورية المختلفة وقصفها، وهي قادرة على عبور نهر الفرات السوري، من أجل فك الحصار عن القوات النظامية المحاصرة في مطار دير الزور العسكري. ولم يكن ذلك ليحدث، لولا الإسناد الجوي للقوات الروسية، ورغبة النظام في وقت تمدّد الكرد على حساب مناطقه، والمناطق التي يسيطر عليها "داعش"، فقد بدأ النظام يستشعر أن "سورية الموحدة" انتهت، وبدون رجعة، وأن الولايات المتحدة وروسيا لن تسمحا بسورية القديمة، كما كانت قبل عام 2011.
انتهى هذا الأسبوع في نيويورك، وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لقاء ما يسمى أصدقاء الشعب السوري على المستوى الوزاري، وكان لافتا قول وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، عقب الاجتماع، إن بريطانيا والدول الغربية "لن تساهم في عملية إعادة إعمار سورية ما دام الأسد في السلطة، وأنها تسعى إلى تحقيق عملية انتقالية بدونه".
يبدو الموقف البريطاني، ومن خلفه الغربي، ثابتاً في عدم قبول الأسد. لكن، وفي الوقت نفسه، يبقى الموقف الغربي ثابتاً أيضا في عدم اتخاذ أي إجراء يجبر الأسد على التنحّي، ويسمح
ويترافق ذلك مع الرغبة الروسية في تنحية مفاوضات جنيف، تحت مظلة الأمم المتحدة، وتقوية مسار أستانة الذي يهدف إلى تنفيذ مناطق خفض التصعيد في سورية. وكانت النتيجة واضحة، فاجتماعات جنيف السبعة لم تسفر عن أي تقدم على المستوى السياسي، أو حتى الإنساني، وغالبا ما كانت تقود إلى فشل ذريع، بسبب رفض النظام السوري بحث أي من السلال الأربع التي تحدث عنها المبعوث الأممي، ستيفان دي مستورا، مراراً، وهي: تشكيل حكومة غير طائفية خلال ستة أشهر، صياغة الدستور، انتخابات خلال 18 شهراً بإشراف أممي. وأعلن دي ميستورا أنه تم الاتفاق على سلة رابعة تركز على محاربة الإرهاب، والعمل على إجراءات بناء الثقة بين الطرفين. لم يتحقق تقدم في أي من هذه السلال، وغالبا ما انتهت الاجتماعات في جنيف بشكل عدائي أكثر مما تشير إلى اقتراب الأطراف إلى حلول وسط، ما كان يكشف باستمرار عدم جدية نظام الأسد في الدخول في عملية سياسية في جنيف، تقود إلى حل سياسي.
وبديلا عن ذلك، ضغطت روسيا على نظام الأسد، من أجل إنجاح مسار أستانة الذي أصبحت لقاءاته تعقد بانتظام. وكان لافتاً تصريح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبل آخر جولات مفاوضات أستانة "أن الأزمة السورية في مراحلها الأخيرة"، ما يدل، بشكل كبير، على أن تركيا أيضا، وليس روسيا فحسب، أصبحت تضع كل ثقلها في مسار أستانة، ولا ترى في مسار جنيف أملا قد يقود إلى حل سياسي قريب للأزمة السورية.
كان لافتاً جداً، على مدى الشهر الماضي، تطور الأمور في سورية، وفي الحرب ضد "داعش" هو تقدم قوات النظام وعبورها نهر الفرات من أجل استكمال حصار مدينة دير الزور، وطرد
لذلك، ظهرت فجأة قوات النظام التي بدت منهكة تماماً في حصار المدن السورية المختلفة وقصفها، وهي قادرة على عبور نهر الفرات السوري، من أجل فك الحصار عن القوات النظامية المحاصرة في مطار دير الزور العسكري. ولم يكن ذلك ليحدث، لولا الإسناد الجوي للقوات الروسية، ورغبة النظام في وقت تمدّد الكرد على حساب مناطقه، والمناطق التي يسيطر عليها "داعش"، فقد بدأ النظام يستشعر أن "سورية الموحدة" انتهت، وبدون رجعة، وأن الولايات المتحدة وروسيا لن تسمحا بسورية القديمة، كما كانت قبل عام 2011.