بدأت آمال اليمنيين في الحصول على سلام طال انتظاره تتبخّر بعد أكثر من أسبوع على هدنة مفترضة أعلنها التحالف السعودي ـ الإماراتي في اليمن، فبدلاً من تحقيقها الهدف المنشود المتمثل في خوض معركة موحّدة ضد فيروس كورونا، إلا أن دورة العنف بدأت تتأجج في الشمال اليمني، فيما المدن الجنوبية تستعدّ للمعارك بما فيها جزيرة سقطرى.
غارات ومعارك
ودخل قرار وقف إطلاق النار، أول من أمس الخميس، أسبوعه الثاني، مدججاً بخروقات من العيار الثقيل، ففي حين اتهم التحالف السعودي ـ الإماراتي الحوثيين بارتكاب أكثر من 540 خرقاً للهدنة أحادية الجانب، وثّق الحوثيون وقوع 230 غارة جوية بين 9 إبريل/نيسان الحالي و16 منه. ولم تجر المعارك بالشكل الذي كانت عليه قبل دخول الهدنة حيّز التنفيذ، بل توسعت رقعة الاشتباكات البرية إلى أكثر من 7 جبهات بعد أن كانت محصورة في 3 فقط. أما الغارات الجوية على صنعاء فقد كانت الأعنف منذ أكثر من عامين، حسبما أفاد شهود عيان لـ"العربي الجديد".
غارات ومعارك
ودخل قرار وقف إطلاق النار، أول من أمس الخميس، أسبوعه الثاني، مدججاً بخروقات من العيار الثقيل، ففي حين اتهم التحالف السعودي ـ الإماراتي الحوثيين بارتكاب أكثر من 540 خرقاً للهدنة أحادية الجانب، وثّق الحوثيون وقوع 230 غارة جوية بين 9 إبريل/نيسان الحالي و16 منه. ولم تجر المعارك بالشكل الذي كانت عليه قبل دخول الهدنة حيّز التنفيذ، بل توسعت رقعة الاشتباكات البرية إلى أكثر من 7 جبهات بعد أن كانت محصورة في 3 فقط. أما الغارات الجوية على صنعاء فقد كانت الأعنف منذ أكثر من عامين، حسبما أفاد شهود عيان لـ"العربي الجديد".
في المقابل، كان لافتاً تكتم الحوثيين على سلسلة غارات جوية طاولت مواقعهم في العاصمة فجر الخميس الماضي. وجرت العادة أن تفصح الجماعة عن المواقع المستهدفة أولاً بأول على وسائل إعلامها الرسمية، إلا أنها أحاطت الأهداف التي تعرضت للقصف داخل العاصمة بالسرّية، على الرغم من تأكيدات مصادر متطابقة حدوثها مع سماع دوي انفجارات غير مسبوقة. وخلال الهدن السابقة، استغل الحوثيون بالفعل وقف إطلاق النار وقاموا بإعادة تموضعهم ونقل أسلحة متطورة لثقتهم بأنها لن تكون هدفاً سهلاً للطيران الحربي. ومن غير المعروف ما إذا كانوا قد وقعوا في الفخ هذه المرة، ما أدى إلى انكشاف مخازن صواريخ داخل صنعاء، خصوصاً أن المقاتلات الحربية التابعة للتحالف السعودي ـ الإماراتي استهدفت العاصمة بـ 12 غارة خلال ساعة واحدة في خضم هدنة يراقبها المجتمع الدولي.
وتتمحور مبادرة غريفيث حول 3 مقترحات أبرزها "وقف إطلاق النار في عموم اليمن"، فيما يحتوى المقترح الثاني على تدابير بناء الثقة المتمثلة بـ"التدابير الإنسانية والاقتصادية التي تتضمن إطلاق سراح السجناء والمحتجزين، وفتح مطار صنعاء الدولي، ودفع رواتب موظفي القطاع الحكومي، وفتح الطرق الرئيسية، وضمان رسو السفن المحملة بالسلع الأساسية في موانئ الحديدة"، أما المقترح الثالث فمرتبط بـ"الاستئناف العاجل للعملية السياسية".
من جهته، توقع الباحث مصطفى ناجي عدم نجاح الهدنة الحالية، باعتبار أن فيروس كورونا، الذي أُعلنت الهدنة من أجله، لم ينتشر حتى يصبح التهديد الأول، ولا تزال هناك بؤرة محدودة، ولم يُعلن سوى عن حالة واحدة فقط في حضرموت، على الرغم من وجود حديث عن تكتم بشأن حالات عديدة. وأضاف ناجي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن التقارب السعودي الحوثي على المدى البعيد غير ممكن نظرياً، لأنه ليس هناك متغير جديد هام من الناحية الاستراتيجية. ورأى أنه "بعد 5 سنوات من الحرب، خسر الحوثيون العديد من كوادرهم المؤهلة وعناصرهم في بداية الحرب، في مقابل تقدمهم تقنياً نوعا ما وامتلاكهم سلاحا يطاول العمق السعودي، وهذا يعني أن التهديد الحقيقي من الجماعة تجاه السعودية لم ينتهِ". وأشار إلى أن المتغير الفعلي حالياً هو كورونا. ووفقاً لناجي، فإن إعلان السعودية وقف إطلاق نار من جهة واحدة، كان سببه الخوف من تفشي كورونا باليمن، وتحميلها اللائمة باعتبارها أسهمت عن طريق الحرب في دمار البنية التحتية، خصوصاً القطاع الصحي، لكن عدم انتشار الوباء يجعل الهدنة غير ناجحة.
أوضاع المناطق الجنوبية مرشحة للانفجار
وبعيداً عن موجة العنف الكبيرة بالمحافظات الشمالية، فقد باتت الأوضاع في المدن الجنوبية مرشحة للانفجار أكثر من أي وقت مضى، تحديداً بعد التصعيد الذي دشنه "المجلس الانتقالي الجنوبي" الإنفصالي المدعوم إماراتياً. وتحت مبرر "التصدّي لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين) ومنعه من التقدم نحو أبين وعدن" في محاولة لتكرار سيناريو أحداث أغسطس/آب الماضي، أعلن الانفصاليون حالة الاستنفار القصوى، فيما تحدث ناشطون منهم عما سموها "المعركة الفاصلة". وحشد الانتقالي المئات من القوات والمدرعات في محافظة أبين، رداً على ما وصفوه بـ"استفزاز حزب الإصلاح" وتحشيده في شبوة وشُقرة، بعد الإعلان من جانب واحد عن فشل جهود التهدئة التي قادها عسكريون بارزون موالون للشرعية، على رأسهم قائد المنطقة العسكرية الرابعة فضل حسن، ومحافظ أبين أبو بكر حسين. وبدأ الانفصاليون بابتزاز السعودية التي رعت اتفاق الرياض مع الشرعية، مع قول القيادي بالمجلس الانتقالي، ناصر الخبجي، أول من أمس الخميس، في تصريحات صحافية، إن "سياسة ضبط النفس التي يبدونها هي لإعطاء فرصة للمملكة من أجل اتخاذ موقف حازم ضد حزب الإصلاح المتدثر تحت غطاء الشرعية".
بدوره، اتهم القيادي السلفي في المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، حزب الإصلاح بتوفير مقاتليه لما سماه "غزو الجنوب" وعدم الزجّ بهم في أي قتال ضد الحوثيين، معتبراً أن الإصلاح يحاول تكرار سيناريو حرب 1994، في إشارة للحرب التي قادها نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ضد المطالبين بإنهاء الوحدة بين الشمال والجنوب وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 1990. وأشار بن بريك، في تغريدة على "تويتر"، إلى أنه يغيب عن حزب الإصلاح هذه المرة "أن حفظة القرآن وأئمة مساجد الجنوب هم في الصفوف الأمامية دفاعاً عن الجنوب"، في تأكيد على أن غالبية عناصر الانتقالي المدعومة إماراتياً هم من العناصر العقائدية السلفية، وليسوا قوات نظامية.
وعلى الرغم من عدم إعلان القوات الموالية للشرعية عن أي خطوات عسكرية نحو عدن، إلا أن وسائل إعلام تابعة للانتقالي، بدأت بتجهيز سيناريوهات مكتملة للمعركة المرتقبة. ونقل موقع "عدن 24" التابع للانتقالي، عن القيادي الجنوبي يحيى غالب، قوله إن "عناصر إرهابية من جنسيات مختلفة كانوا ضمن القوة التي تحركت من شبوة وتمركزت في معسكر عكد أبين ليل الخميس الماضي"، لافتاً إلى أن "المعلومات والأخبار المتداولة طيلة الفترة الماضية عن تجهيز عناصر إرهابية للتحرك نحو عدن صحيحة". وكشفت مصادر عدة لـ"العربي الجديد"، أن تعزيزات كبيرة قادمة من ردفان والضالع وصلت إلى أبين، وأن معركة كبيرة يتم التجهيز لها بالتوغل نحو محافظة شبوة النفطية، أحد أهم معاقل الشرعية منذ أغسطس الماضي، عندما تم دحر قوات "المجلس الانتقالي" منها. وتوقع مراقبون أن تعمل الإمارات خلال الفترة المقبلة على توجيه طعنات من الخلف للسعودية، المشغولة بالمعركة الرئيسية ضد الحوثيين، وذلك بتفجير معارك جديدة في أبين وشبوة.
وكلاء الإمارات يهددون أمن سقطرى
وقال مصدر مطلع في سقطرى لـ"العربي الجديد"، إن قادة الكتائب المتمردة ينحدرون من محافظات الضالع ولحج، والتي تشكل المعقل الرئيس للمجلس الانتقالي والتيار المنادي بالانفصال. وشدّد على أن السلطة المحلية توعدت باقتحام مواقع الكتائب المتمردة إذا لم تعدل عن قرارها، لافتاً إلى أن كافة الأسلحة الثقيلة والدبابات والمدرعات لا زالت في قيادة اللواء الأول مشاة بحري الخاضع للشرعية في منطقة موري، خلف مطار سقطرى. ووفقاً للمصدر، فإن المعسكرات المتبقية لدى الشرعية هي القوات الخاصة، الشرطة العسكرية، الدبابات، القوات البحرية والدفاع الساحلي، كتيبة قلنسية، حرس الحدود، بالإضافة إلى الأمن العام. وبالإضافة إلى الكتائب المتمردة الثلاث التي لا تتجاوز عناصرها الـ100 جندي، يملك "المجلس الانتقالي الجنوبي" لواء للحزام الأمني دربته الإمارات، ويصل عدد أفراده إلى ألف جندي.
واشتعل فتيل الأزمة الحالية في سقطرى إثر استعادة الشرعية لمعسكر القوات الخاصة، بعد نحو 8 أسابيع من سيطرة حلفاء الإمارات عليه. ونظراً للانتكاسة التي مُني بها، أطاح "المجلس الانتقالي" رئيس فرعه في سقطرى، يحيى مبارك، بعد اتهامه بالخيانة في تسليم المعسكر، وكّلف سالم بن قبلان بديلاً عنه، حسب الموقع الرسمي للمجلس. وقال مصدر محلي في سقطرى لـ"العربي الجديد"، إن المسؤول الجديد بفرع الانتقالي صغير السن ولا يملك خبرة في إدارة الصراع خلافاً لمبارك. وأضاف "مبارك يعد من القيادات الاشتراكية العتيقة في سقطرى وهو قيادي بارز بالحراك الجنوبي، لكن كان مختلفاً مع سالم السقطري وهو عضو مجلس الانتقالي والمحافظ السابق الذي ينتمي سياسياً لحزب المؤتمر الشعبي العام". وأشار المصدر إلى أن "السقطري يريد أن يكون الوصي على الجزيرة وحاول مرات سابقة الإطاحة بمبارك، لكن خسارة المعسكر وفرت له الفرصة المناسبة لتعيين شخصية موالية له بالكامل دوناً عن باقي أعضاء المجلس الانتقالي، ما يمنحه فرصة في تأجيج الصراعات بشكل أكبر لكونه خبيراً بكل تفاصيل الجزيرة".