تدلّ البيعة التي أعلنها زعيم جماعة بوكو حرام لزعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادي، على توسّع إضافي للتنظيم الذي أعلن في حزيران/يونيو إقامة "الخلافة الإسلامية" وتنصيب زعيمه "أميراً للمؤمنين".
وكالة "فرانس برس" أنجزت جرداً للأماكن التي يوجد فيها التنظيم، وما يعرف عن تقسيماته، وحددت 25 "ولاية" في أراضي "الخلافة" التي يسيطر عليها التنظيم.
وأعلن التنظيم في 29 حزيران/يونيو إقامة "الخلافة الإسلامية"، إثر هجوم كاسح شنّه في وقت سابق من الشهر، وأتاح له السيطرة على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه، وشملت "الخلافة" هذه الأراضي، إضافة إلى مناطق أخرى في سورية كانت تحت سيطرته.
وفي الوقت الحالي يوجد التنظيم، مباشرة أو من خلال إعلان "بيعات"، في تسعة بلدان، أبرزها سورية والعراق ومصر وليبيا. وفي الوقت الذي لم يصدر فيه التنظيم أي تعليق بشأن إعلان البيعة من بوكو حرام، سبق له أن أعلن إقامة 25 "ولاية" في الدول التسع، وهي العراق وسورية وليبيا ومصر واليمن والجزائر والمملكة العربية السعودية وأفغانستان وباكستان.
ويضم العراق الذي تعود جذور التنظيم إليه العددَ الأكبر من الولايات، والبالغ عددها عشر ولايات، تليه سورية (سبع) وليبيا (ثلاث). وباستثناء "ولاية سيناء" في مصر، والولايات في سورية والعراق، بقيت "الولايات" الأخرى التي أعلن التنظيم عن قيامها مقتصرة على قبول البغدادي بيعات من مجموعات جهادية صغيرة فيها، من دون قيامها بأعمال معلنة.
وبحسب الخبير في شؤون الحركات الجهادية بييتر فان اوستاين، يعيش قرابة ثمانية ملايين شخص في مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية. هذا الأخير أوضح أنه في ليبيا، "المناطق ليست كبيرة جداً، والجهاديون لا يسيطرون عليها بشكل كامل"، كما هو الحال في العراق مثلاً. أما الباحث في مركز "بروكينغز" لؤي الخطيب، فيقدّم تقديراً أقل بعض الشيء، متحدثاً عن وجود ما بين "ستة إلى سبعة ملايين شخص".
ويصعب إلى حد كبير الحصول على تقدير دقيق لعدد المقاتلين في صفوف التنظيم لأنه، بحسب الخطيب، "لا توجد مصادر قوية لإعطاء أرقام دقيقة". يضيف "هذا تنظيم غير تقليدي يخوض حرباً غير تقليدية"، مرجحاً أن يكون عدد هؤلاء "في حدود 80 ألفاً، بينهم نحو 20 ألف أجنبي". وبالنسبة إلى فان اوستاين، فتنظيم الدولة يمكن أن يعتمد على ما بين 60 و70 ألف مقاتل "على رغم من أنه يصعب إعطاء تقدير دقيق".
وفي حين توجد الغالبية العظمى من هؤلاء في سورية والعراق، يقدر فان اوستاين عدد المقاتلين الذين بايعوا التنظيم في ليبيا بين ألف وألفي شخص.
وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، يقدر عدد مقاتلي التنظيم في سورية وحدها بما بين 40 و45 ألف مقاتل. في المقابل، تقدّم الخبيرة في مركز "كارنيغي الشرق الأوسط"، داليا غانم يزبك، أرقاماً أقل بكثير. وتقول "إذا أخذنا في الحسبان 25 ألف مقاتل، سيكون هذا الحد الأقصى"، داعية إلى "الحد من المبالغة في تقدير أعدادهم"، لأن ذلك "يخدمهم دعائياً".
من جهة أخرى، يصعب تحديد القدرات المالية للتنظيم الذي وضع يده على المقدرات الاقتصادية لمناطق سيطرته، بما فيها حقول نفط وحقول زراعية. ويعدّ النفط أحد الموارد الأساسية للتنظيم، ويستخرجه من آبار في سورية والعراق. ويقول فان اوستاين "يستفيدون مالياً بشكل كبير من النفط، ويبيعونه إلى كل من يشتري".
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2014، قال ديفيد كوهين الذي كان يشغل آنذاك منصب مساعد وزير الخزينة الأميركي لشؤون الإرهاب، إن النفط يدرّ على التنظيم مليون دولار يومياً. إلا أن بعض الخبراء يعتبرون أن هذا الرقم مبالغ به. ويقول الخطيب إن التنظيم ينتج "على الأكثر ما بين 50 و60 ألف برميل يومياً"، وهي كمية لا تكاد تكفي "لتوفير حاجات المناطق التي يسيطر عليها".
وتضاف إلى ذلك عائدات تهريب الآثار وبيعها، والفديات، والإتاوات المفروضة "على التجار المحليين للحفاظ على متاجرهم"، بحسب الخطيب. كما استحوذ التنظيم على كميات كبيرة من الأموال النقدية في المناطق التي دخلها، وأبرزها مدينة الموصل في شمال العراق، فقد قال مسؤولون محليون إن التنظيم سرق أكثر من 400 مليون دولار كانت متوفرة في خزنات مصارف المدينة. وترى غانم يزبك أن المال هو العصب الذي يبقي التنظيم قادراً على الاستمرار، موضحة أنه "في اليوم الذي لا يعود التنظيم قادراً على تمويل السكان في مناطقه، سينقلب هؤلاء ضده".
وقد بنى التنظيم تراتبية أشبه بتلك التي تعتمد عليها الدول، إذ يتزعم "الدولة" أبو بكر البغدادي الذي يعاونه مساعدون وقادة ميدانيون، إضافة إلى "والي" عن كل ولاية. ويجتمع كبار مسؤولي التنظيم في ما يعرف باسم "مجلس الشورى".
كذلك يرجّح الخبراء وجود مجالس أخرى، بعضها معني بالشؤون العسكرية والأمنية والمالية، إضافة إلى الإعلامية التي تشكل إحدى نقاط الارتكاز لعمل التنظيم. وتقول غانم يزبك إن بصمة التنظيم "باتت علامة تجارية جاذبة، مثله مثل كوكا كولا أو ماكونالدز (...) قوته الفعلية افتراضية، على الإنترنت، على يوتيوب. عند كل تراجع عسكري، ينشر شريطاً صادماً يتحدث الجميع عنه، هي طريقة لتعويض الخسائر العسكرية بالدعاية الإعلامية".