نجح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عقد المؤتمر السابع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في مدينة رام الله في الفترة من 29 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى الثالث من ديسمبر/كانون الأول الجاري، وبذلك تكون الحركة قد عقدت منذ تأسيسها في الأول من يناير/كانون الثاني 1965 سبعة مؤتمرات، بواقع مؤتمر واحد كل سبع سنوات ونصف السنة، بينما الأصل أن يعقد المؤتمر كل خمس سنوات.
اكتسب المؤتمر السابع أهمية محلية وإقليمية ودولية، وشاركت فيه وفود من 28 دولة، بالإضافة لمشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، إذ جرى هذا المؤتمر في ظل ما تعانيه حركة فتح من ضغوط إقليمية، لا سيما من الرباعية العربية، والتي تضم كلاً من (مصر والأردن والإمارات والسعودية) وتهدف الضغوط لعودة القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، إلا أن الرئيس محمود عباس ضرب تلك الضغوط بعرض الحائط.
انتهت أعمال المؤتمر، ولكن لم تنته تداعياته، ولعل أبرز تلك التداعيات غياب القدس، وضعف تمثيل قطاع غزة في المؤسسات القيادية (اللجنة المركزية – المجلس الثوري)، وهذا يطرح التساؤلات الآتية:
هل أقصيت غزة، أم أقصت غزة نفسها، كيف ولماذا...؟ وما هي الأسباب الحقيقية وراء استدعاء الجيل القديم مثل أحمد حلس...؟ وما مستقبل محمد دحلان وما هي أبرز خياراته..؟ وما هي أهم آليات استنهاض حركة فتح في قطاع غزة للعودة لصدارة المشهد ومركز القرار السياسي...؟
غزة والمؤتمر: فشل أم إقصاء؟
حصد قطاع غزة خمسة مقاعد في اللجنة المركزية، أربعة منها لقيادات أصولها من القطاع ولكنها تسكن الضفة الغربية منذ سنوات، وفقط عضو واحد يعيش في قطاع غزة هو أحمد حلس "أبو ماهر"، وعليه يرى الغزيون أن غزة شغلت مقعداً واحداً في اللجنة المركزية، والقدس لم تحصل على أي مقعد وكان نصيب الأسد للضفة الغربية. أما على صعيد المجلس الثوري فحصد قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من 2 مليون نسمة على 8 مقاعد، أربعة منهم حصلوا مؤخراً على هويات الضفة الغربية، بمعنى أصبحت عودتهم لغزة شبه مستحيلة لأسباب متعددة، بينما حصدت محافظة جنين التي يعيش بها 250 ألف نسمة على (12 مقعداً) وهذه مفارقة عجيبة يتحمل مسؤوليتها أعضاء المؤتمر من قطاع غزة، كيف ولماذا..؟
تيسير البرديني أسير محرر من قطاع غزة حصد 286 صوتاً، فنجح في الحصول على عضوية المجلس الثوري (المرتبة الأخيرة)، بينما عدد أعضاء المؤتمر من قطاع غزة 350 عضواً، وهو ما يؤكد أن أعضاء المؤتمر من قطاع غزة لم يكونوا على قلب رجل واحد، يضاف لذلك زيادة أعداد المرشحين من قطاع غزة للمجلس الثوري حيث رشح 40% من أعضاء المؤتمر من قطاع غزة أنفسهم، وهو ما أضعف موقف قطاع غزة، فضعف تمثيله من خلال تشتيت الأصوات.
لذا فإن فرضية فشل أعضاء المؤتمر من قطاع غزة هي الأكثر ترجيحاً من فرضية أن القطاع تم إقصاؤه.
أسباب عودة أحمد حلس
القيادي في حركة "فتح" أحمد حلس من القيادات المعروفة في قطاع غزة، وهو من التيار العرفاتي المناوئ للرئيس محمود عباس، ولمحمد دحلان، ولكن عمق الأزمة والخصومة بين دحلان وعباس دفعت بالأخير إلى إعادة أحمد حلس للمشهد من جديد، ليقود مرحلة جديدة لبناء التنظيم بما يضمن تفريغ قوة محمد دحلان في قطاع غزة من محتواها، ولكن نتائج المؤتمر العام قد لا تسر عضو المركزية الجديد أحمد حلس، كون ضعف تمثيل غزة قد يخدم دحلان ويزيد من شعبيته ومن قوة وفعالية تياره في قطاع غزة.
أولاً: المزاج العام لفتحاويي غزة
لا نبالغ إن قلنا إن الشارع الفتحاوي في قطاع غزة غاضب وناقم ممن مثّله في أعمال المؤتمر السابع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، فقد اتهمهم البعض بالفشل وتغليب الصالح الخاص على الصالح العام، فغابت فتح ومشاكلها وأزماتها في قطاع غزة ليحل مكانه الرغبة في الوصول للمجلس الثوري أو اللجنة المركزية، أو البحث عن مصلحة هنا وهناك إلا من رحم ربي ممن حاولوا وعملوا على تحسين ما يمكن تحسينه في نسبة النتائج.
وهذا بات واضحاً في نسبة الترشيح لأعضاء المؤتمر من قطاع غزة والتي وصلت إلى 40% تقريباً من أعضاء المؤتمر رشحوا أنفسهم لانتخابات المجلس الثوري واللجنة المركزية، ما أفقد الصوت الغزاوي قيمته فخرجت النتائج مشوهه، فحصد قطاع غزة الذي يسكنه 2 مليون نسمه على أقل من 10% من مقاعد المجلس الثوري.
ما سبق ألقى بظلاله على المزاج العام الفتحاوي في قطاع غزة وهو ينقسم لثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: المشاركون في المؤتمر
ينقسم هؤلاء إلى تيارين:
1. من نجح في الوصول إلى اللجنة المركزية والمجلس الثوري راضون عن المؤتمر ومخرجاته.
2. من لم ينجح فمنهم غاضب وناقم ومنهم من قبل بالنتيجة واحترمها.
الاتجاه الثاني: من تم إقصاؤه من المؤتمر
هناك شريحة لا تنتمي لتيار دحلان، ولكن تم إقصاؤها من المؤتمر لأسباب مختلفة، فبعض هؤلاء أعلن استقالته من حركة فتح مثل زكريا التلمس وآخرين.
مستقبل فتح في غزة
ستنعكس نتائج المؤتمر السابع لحركة فتح على واقع التنظيم في قطاع غزة على النحو الآتي:
لا شك أن نتائج المؤتمر ستزيد من قوة التيار الدحلاني داخل حركة فتح، فحالة الغضب الشديد داخل أوساط الحركة ستجد حاضنة لاستيعابها لدى هذا التيار، وسينضم له بعض القيادات الميدانية ممن تم إقصاؤهم، أو التآمر عليهم في لعبة الانتخابات، وبذلك سيشهد المستقبل القريب استعراضاً للقوة الشعبية لهذا التيار المدعوم سياسياً ومالياً من أطراف إقليمية مؤثرة، ومدى قدرته على الفعل والتأثير داخل المشهد الفتحاوي.
في المقلب الآخر، ستعمل القيادة الجديدة لحركة فتح على اتخاذ عدة قرارات وخطوات لامتصاص حالة الغضب في الأوساط الفتحاوية داخل قطاع غزة، مثل زيادة نصيب غزة من خلال التعيينات، وحل مشاكل عالقة لغزة مثل تفريغات 2005، وتعيينات لبعض كوادر الحركة وغيرها من الملفات العالقة، وفي نفس الوقت التلويح بعصا الراتب لمن لا يلتزم بقرارات الشرعية الممثلة بالرئيس محمود عباس.
(صحافي فلسطيني من قطاع غزة)
اقــرأ أيضاً
انتهت أعمال المؤتمر، ولكن لم تنته تداعياته، ولعل أبرز تلك التداعيات غياب القدس، وضعف تمثيل قطاع غزة في المؤسسات القيادية (اللجنة المركزية – المجلس الثوري)، وهذا يطرح التساؤلات الآتية:
هل أقصيت غزة، أم أقصت غزة نفسها، كيف ولماذا...؟ وما هي الأسباب الحقيقية وراء استدعاء الجيل القديم مثل أحمد حلس...؟ وما مستقبل محمد دحلان وما هي أبرز خياراته..؟ وما هي أهم آليات استنهاض حركة فتح في قطاع غزة للعودة لصدارة المشهد ومركز القرار السياسي...؟
غزة والمؤتمر: فشل أم إقصاء؟
حصد قطاع غزة خمسة مقاعد في اللجنة المركزية، أربعة منها لقيادات أصولها من القطاع ولكنها تسكن الضفة الغربية منذ سنوات، وفقط عضو واحد يعيش في قطاع غزة هو أحمد حلس "أبو ماهر"، وعليه يرى الغزيون أن غزة شغلت مقعداً واحداً في اللجنة المركزية، والقدس لم تحصل على أي مقعد وكان نصيب الأسد للضفة الغربية. أما على صعيد المجلس الثوري فحصد قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من 2 مليون نسمة على 8 مقاعد، أربعة منهم حصلوا مؤخراً على هويات الضفة الغربية، بمعنى أصبحت عودتهم لغزة شبه مستحيلة لأسباب متعددة، بينما حصدت محافظة جنين التي يعيش بها 250 ألف نسمة على (12 مقعداً) وهذه مفارقة عجيبة يتحمل مسؤوليتها أعضاء المؤتمر من قطاع غزة، كيف ولماذا..؟
لذا فإن فرضية فشل أعضاء المؤتمر من قطاع غزة هي الأكثر ترجيحاً من فرضية أن القطاع تم إقصاؤه.
أسباب عودة أحمد حلس
القيادي في حركة "فتح" أحمد حلس من القيادات المعروفة في قطاع غزة، وهو من التيار العرفاتي المناوئ للرئيس محمود عباس، ولمحمد دحلان، ولكن عمق الأزمة والخصومة بين دحلان وعباس دفعت بالأخير إلى إعادة أحمد حلس للمشهد من جديد، ليقود مرحلة جديدة لبناء التنظيم بما يضمن تفريغ قوة محمد دحلان في قطاع غزة من محتواها، ولكن نتائج المؤتمر العام قد لا تسر عضو المركزية الجديد أحمد حلس، كون ضعف تمثيل غزة قد يخدم دحلان ويزيد من شعبيته ومن قوة وفعالية تياره في قطاع غزة.
أولاً: المزاج العام لفتحاويي غزة
لا نبالغ إن قلنا إن الشارع الفتحاوي في قطاع غزة غاضب وناقم ممن مثّله في أعمال المؤتمر السابع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، فقد اتهمهم البعض بالفشل وتغليب الصالح الخاص على الصالح العام، فغابت فتح ومشاكلها وأزماتها في قطاع غزة ليحل مكانه الرغبة في الوصول للمجلس الثوري أو اللجنة المركزية، أو البحث عن مصلحة هنا وهناك إلا من رحم ربي ممن حاولوا وعملوا على تحسين ما يمكن تحسينه في نسبة النتائج.
وهذا بات واضحاً في نسبة الترشيح لأعضاء المؤتمر من قطاع غزة والتي وصلت إلى 40% تقريباً من أعضاء المؤتمر رشحوا أنفسهم لانتخابات المجلس الثوري واللجنة المركزية، ما أفقد الصوت الغزاوي قيمته فخرجت النتائج مشوهه، فحصد قطاع غزة الذي يسكنه 2 مليون نسمه على أقل من 10% من مقاعد المجلس الثوري.
ما سبق ألقى بظلاله على المزاج العام الفتحاوي في قطاع غزة وهو ينقسم لثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: المشاركون في المؤتمر
ينقسم هؤلاء إلى تيارين:
1. من نجح في الوصول إلى اللجنة المركزية والمجلس الثوري راضون عن المؤتمر ومخرجاته.
2. من لم ينجح فمنهم غاضب وناقم ومنهم من قبل بالنتيجة واحترمها.
الاتجاه الثاني: من تم إقصاؤه من المؤتمر
هناك شريحة لا تنتمي لتيار دحلان، ولكن تم إقصاؤها من المؤتمر لأسباب مختلفة، فبعض هؤلاء أعلن استقالته من حركة فتح مثل زكريا التلمس وآخرين.
مستقبل فتح في غزة
لا شك أن نتائج المؤتمر ستزيد من قوة التيار الدحلاني داخل حركة فتح، فحالة الغضب الشديد داخل أوساط الحركة ستجد حاضنة لاستيعابها لدى هذا التيار، وسينضم له بعض القيادات الميدانية ممن تم إقصاؤهم، أو التآمر عليهم في لعبة الانتخابات، وبذلك سيشهد المستقبل القريب استعراضاً للقوة الشعبية لهذا التيار المدعوم سياسياً ومالياً من أطراف إقليمية مؤثرة، ومدى قدرته على الفعل والتأثير داخل المشهد الفتحاوي.
في المقلب الآخر، ستعمل القيادة الجديدة لحركة فتح على اتخاذ عدة قرارات وخطوات لامتصاص حالة الغضب في الأوساط الفتحاوية داخل قطاع غزة، مثل زيادة نصيب غزة من خلال التعيينات، وحل مشاكل عالقة لغزة مثل تفريغات 2005، وتعيينات لبعض كوادر الحركة وغيرها من الملفات العالقة، وفي نفس الوقت التلويح بعصا الراتب لمن لا يلتزم بقرارات الشرعية الممثلة بالرئيس محمود عباس.
(صحافي فلسطيني من قطاع غزة)