19 ابريل 2021
هل تصطاد موسكو أنقرة؟
إلى اتفاق سوتشي عام 2018، كانت روسيا تعتبر تركيا أكثر أهمية بالنسبة لها من إدلب، وقد أحجمت، طوال قرابة عام من عقده، عن التدخل عسكريا في هذه المدينة السورية، خشية أن يهدّد هذا علاقاتها مع دولة الاطلسي الوحيدة التي فتحت لها ثغرة في جداره الكتيم، وساعدتها على الوصول إلى مياه المتوسط الدافئة، وأدخلتها إلى الأسواق التركية، بصفقات ومشاريع ضخمة، وأسهمت في كسر عزلتها التي ورثتها عن انهيار الاتحاد السوفيتي.
قام هذا الطور من علاقات البلدين على أولوية التوافق بين سياسات موسكو وأنقرة، وعلى بقائها مفتوحةً على تطور يخدم دولتين، لا تستطيع أي منهما الاستغناء عن الأخرى، يرتبط به نجاح موسكو في الشرق الأوسط وتركيا في إحراز مزيد من الحرية عن التزاماتها الأطلسية التي لم تعد أولويتها في جميع الأحوال وبالضرورة. بهذه المنافع المتبادلة، أوقفت روسيا جهودها للقضاء على ما بقي من معارضةٍ في معزل إدلب، وغضت الطرف قرابة عام عن عدم التزام تركيا بالتخلص من تنظيم جبهة النصرة الإرهابي.
تبدّل هذا الطور من العلاقات الروسية/ التركية في أثناء العام الماضي، ومرّ تبدّله بسياساتٍ روسيةٍ سعت إلى فصل تركيا عن المعارضة، عبر صيانة مصالح أنقرة العليا، وربطها بعلاقاتٍ خاصة، تلبي متطلبات أنقرة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتحلّ قدر الطلب محل علاقاتها مع دول الأطلسي، في مقابل إطلاق يدها في المعارضة، وتطبيق اتفاق سوتشي عليها، بذريعة التخلص من الإرهاب الذي تأخذه موسكو على عاتقها، بدلا عن تركيا ومن دون المس بمصالحها وبمكانة الرئيس التركي أردوغان التي ستعزّزها، في المقابل، مواقف تحكم ربط المعارضة بها عبر صيغ تفيد من حاجة مؤسساتها السياسية والعسكرية إلى أنقرة جهةً صار دورها حاسم الأهمية بالنسبه لها، إن خسرتها لأي سببٍ خرجت من رهانات الحرب والسلام، ووجدت نفسها وحيدةً في عالم عربي تخلّى عنها، بينما تتجاهلها واشنطن وتتلاعب بها، وتضغط روسيا وإيران عليها، وتتطلع إلى القضاء على معزلها الصغير حول إدلب.
بانسحاب واشنطن من شرق الفرات، وسط خلافٍ مرشّح للتصعيد مع تركيا، انتقلت موسكو إلى رسم خطوط حمراء لتركيا في المنطقة التي دخلها جيشها للتو، بالتعاون مع الجيش الوطني المعارض، وحظرت عليها أخذ منبج وعين العرب (كوباني)، وحدّدت مسافة تبلغ عشرة كيلومترات هي أقصى عمقٍ تستطيع الوصول إليه داخل الأراضي السورية. هذا الخط الأحمر الروسي، الذي لا يقل قسوةً عن خط أحمر كانت واشنطن قد رسمته في منبج وشرق الفرات، مثّل تصعيدا خطيرا، يضع أنقرة أمام خيارات محدودة، أولها: رفض الموقف الروسي الذي أعلنه أردوغان، والتمسّك بتعاونه العسكري مع المعارضة، والدخول في أزمة جدّية مع روسيا وإيران، لا شك في أنها ستكون مكلفة جدا، هذا إذا سمح بها أصلا وضع تركيا الذي سيفقد عندئذ توازنه الدولي والاقليمي. وثانيها: فصل مصالحها كدولة عن الثورة السورية، تحاشيا لصراع دولي/ إقليمي خاسر، ستشجع موسكو على خوضه مشكلات أنقرة المتفاقمة مع واشنطن والدول الأوروبية، وعقوباتهما المتزايدة عليها، التي تدفعها دفعا إلى الالتصاق بروسيا وطهران، وللإفادة من العلاقة مع النظام الأسدي التي تقترحها موسكو، في إطار صفقة تعيد إنتاج مصالحها السورية، من دون أن تخسر بالضرورة علاقاتها مع المعارضة، في حال شاركت موسكو في تحقيق حل توفيقي بين الطرفين، ينضوي في حل روسي لن يكون هناك سواه، بعد الخطوة الأميركية، غير الصراع المفتوح مع شريك روسي لا مصلحة لها في تخلّيه عنها.
ستجد تركيا نفسها، من الآن، أمام وضع يتطلب مراجعة سياساتها، في ظرفٍ عصيبٍ بصورة خاصة، تخسر فيه المعارضة إن استجابت لما تريده روسيا، وتخسر روسيا إن تمسّكت بالمعارضة، بينما تجد نفسها مجبرةً على حفظ مصالحها كدولة.
تبدّل هذا الطور من العلاقات الروسية/ التركية في أثناء العام الماضي، ومرّ تبدّله بسياساتٍ روسيةٍ سعت إلى فصل تركيا عن المعارضة، عبر صيانة مصالح أنقرة العليا، وربطها بعلاقاتٍ خاصة، تلبي متطلبات أنقرة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتحلّ قدر الطلب محل علاقاتها مع دول الأطلسي، في مقابل إطلاق يدها في المعارضة، وتطبيق اتفاق سوتشي عليها، بذريعة التخلص من الإرهاب الذي تأخذه موسكو على عاتقها، بدلا عن تركيا ومن دون المس بمصالحها وبمكانة الرئيس التركي أردوغان التي ستعزّزها، في المقابل، مواقف تحكم ربط المعارضة بها عبر صيغ تفيد من حاجة مؤسساتها السياسية والعسكرية إلى أنقرة جهةً صار دورها حاسم الأهمية بالنسبه لها، إن خسرتها لأي سببٍ خرجت من رهانات الحرب والسلام، ووجدت نفسها وحيدةً في عالم عربي تخلّى عنها، بينما تتجاهلها واشنطن وتتلاعب بها، وتضغط روسيا وإيران عليها، وتتطلع إلى القضاء على معزلها الصغير حول إدلب.
بانسحاب واشنطن من شرق الفرات، وسط خلافٍ مرشّح للتصعيد مع تركيا، انتقلت موسكو إلى رسم خطوط حمراء لتركيا في المنطقة التي دخلها جيشها للتو، بالتعاون مع الجيش الوطني المعارض، وحظرت عليها أخذ منبج وعين العرب (كوباني)، وحدّدت مسافة تبلغ عشرة كيلومترات هي أقصى عمقٍ تستطيع الوصول إليه داخل الأراضي السورية. هذا الخط الأحمر الروسي، الذي لا يقل قسوةً عن خط أحمر كانت واشنطن قد رسمته في منبج وشرق الفرات، مثّل تصعيدا خطيرا، يضع أنقرة أمام خيارات محدودة، أولها: رفض الموقف الروسي الذي أعلنه أردوغان، والتمسّك بتعاونه العسكري مع المعارضة، والدخول في أزمة جدّية مع روسيا وإيران، لا شك في أنها ستكون مكلفة جدا، هذا إذا سمح بها أصلا وضع تركيا الذي سيفقد عندئذ توازنه الدولي والاقليمي. وثانيها: فصل مصالحها كدولة عن الثورة السورية، تحاشيا لصراع دولي/ إقليمي خاسر، ستشجع موسكو على خوضه مشكلات أنقرة المتفاقمة مع واشنطن والدول الأوروبية، وعقوباتهما المتزايدة عليها، التي تدفعها دفعا إلى الالتصاق بروسيا وطهران، وللإفادة من العلاقة مع النظام الأسدي التي تقترحها موسكو، في إطار صفقة تعيد إنتاج مصالحها السورية، من دون أن تخسر بالضرورة علاقاتها مع المعارضة، في حال شاركت موسكو في تحقيق حل توفيقي بين الطرفين، ينضوي في حل روسي لن يكون هناك سواه، بعد الخطوة الأميركية، غير الصراع المفتوح مع شريك روسي لا مصلحة لها في تخلّيه عنها.
ستجد تركيا نفسها، من الآن، أمام وضع يتطلب مراجعة سياساتها، في ظرفٍ عصيبٍ بصورة خاصة، تخسر فيه المعارضة إن استجابت لما تريده روسيا، وتخسر روسيا إن تمسّكت بالمعارضة، بينما تجد نفسها مجبرةً على حفظ مصالحها كدولة.