هل تعترف إسرائيل بالفشل؟

13 مارس 2018
+ الخط -
على مدار سني النكبة، حظيت القضية الفلسطينية بكثير من القوى والفصائل التي انبرت، لترفض كل مخططات التصفية التي تلفعت بالمظاهر البراقة، وسميت بأسماء تدغدغ المشاعر مثل "خطط السلام". وعلى مدار عشرات السنين، طرحت القوى الكبرى عشرات من خطط السلام التي نفذت إسرائيل تحت غطائها عمليات الطرد والتهويد والقتل والاعتقال والعدوان، وجديدها ما تسمّى خطة السلام الأميركية، أو ما باتت يعرف بصفقة القرن، والتي ستعمل على محو القضية الفلسطينية من الوجود، والتي رفضتها كل القوى والفصائل، بما فيهم السلطة الوطنية وحركة حماس على حد سواء.
ومنذ أن حكمت "حماس" غزة قبل عقد، تكالبت كل قوى الشر في العالم من أجل إيصال الوضع الإنساني فيها إلى حالة كبيرة من التدهور، من دون أن تفعل الدول العربية المشاركة شيئا بذلك الخصوص، اللهم إلا في إطار الابتزاز وفرض الإملاءات.
على الرغم من ذلك، ينبري العراب الصهيوني، مساعد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والممثل الخاص للمفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات، ليزعم أن هناك اجتماعا في القاهرة يوم الخميس، وستعقد جلسة عصف ذهني في البيت الأبيض الأسبوع المقبل، لإيجاد حلول حقيقية للمشكلات التي تسببت بها "حماس".
وقد أدى تزايد حدة الحصار والعقوبات التي تفرضها سلطة الرئيس محمود عباس إلى حدوث شلل في غزة.
ومن المفارقات أن استسلام غزة وانهيارها بسبب عقوبات سلطة الرئيس يصب في صالح "صفقة القرن" التي تقول هذه السلطة إنها ترفضها بشدة.
وللأسف الشديد، يبدو أن كثيرين في إدارة ترامب يعتقدون أنه يمكن التخلص من حكم "حماس"، عبر زيادة معاناة الشعب الفلسطيني، إلا أن هؤلاء لم يعتبروا من فشل الماضي، إلا أن ذلك لن يعفيهم من المسؤولية أمام الله والتاريخ، فبدلا من العمل على إيجاد طريقٍ لمستقبل أكثر إشراقاً لفلسطينيي غزة، فإنهم يخطون طريقا أكثر قتامةً أمام مستقبل إسرائيل التي تحولت، أخيرا، إلى قاعدة عسكرية كبيرة، تقوم بمناورات على مدار الساعة، ما يوحي بعمق الخوف الذي يشعر به كيان العدو وحلفائهم في المنطقة. وقد فرضت إسرائيل وليس حركة حماس، الحصار والقيود المتزايدة على غزة، بمنع شحنات المساعدات الإنسانية، بزعم أنها قد تضم مواد قد تصلح لصنع الأسلحة.
سيبقى الفلسطينيون في غزة، وفي غيرها من فلسطين المحتلة، كما في مختلف بقاع الأرض، يعلنون رفض السياسات والمبادرات الدولية الفاشلة، بفرض الإملاءات والابتزاز تحت يافطات مضللة، كخطط السلام والصفقات المشبوهة، وسيستمرون في السعي نحو إقامة حكومة شرعية تحمي السلاح وتحميها المقاومة، تستثمر كل قرارات الشرعية الدولية بحكمة من دون التنازل عن حقها في المقاومة.
يجب عدم السماح لإسرائيل بالمشاركة في أي مشروع سلام، قبل أن تلتزم بالقرارات الأممية، بما في ذلك الالتزام الصريح بإعادة اللاجئين إلى الأراضي التي هجروا منها، والاعتراف بدولة فلسطين، حسب قرار التقسيم، وكذلك القبول بالاتفاقيات والالتزامات الموقعة، ونزع سلاحها النووي. وعليها تعويض ملايين اللاجئين وأجيالهم الذين تضرروا بشدة منذ النكبة.
هناك طريق للخروج من مأزق غزة إذا ما كانت اسرائيل تملك الشجاعة للاعتراف بالفشل وأخذ مسار جديد، لأن جزءا أساسيا من التوصل إلى اتفاق سلام شامل، في غزة والضفة الغربية، يكون بإعادة الحقوق إلى أصحابها، وهذا لا تفكر فيه إسرائيل، ولا تملك شجاعة الاعتراف به.
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)