بات مؤكداً لجوء الحكومة السعودية إلى بنوك أوروبية لاستعادة أموال المحتجزين بتهم فساد، كخطوة يزمع النظام السعودي القيام بها في المستقبل القريب، خصوصاً بعد أن فتحت كوة في جدار أزمتها مع الغالبية العظمى من المحتجزين تكللت بالنجاح، بحسب مقابلة محمد بن سلمان مع صحيفة "نيويورك تايمز"، التي أشار فيها إلى الوصول إلى تسوية مع أكثر من 95% من الموقوفين.
وكانت أنباء قد تم تداولها أخيراً، تشير إلى عزم الحكومة السعودية مخاطبة السلطات السويسرية بشأن إعادة مليارات الدولارات تعود ملكيتها للمحتجزين.
وتستند المملكة في سعيها لاسترداد الأموال على اتفاقيات دولية عدة، تأمل من خلالها أن تمنحها الحق في وضع يدها على أموال المحتجزين في تلك البنوك.
وتصب بعض الاتفاقات الدولية لصالح المملكة في نطاق سعيها لاسترداد الأموال، إذ إن "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد" ستسهم بشكل فعال في خدمة السعودية، حيث تشير الاتفاقية في مواضع مختلفة فيها إلى أن استرجاع الأموال المنهوبة ركن أساسي من الاتفاقية.
وتنص الفقرة "أ" من المادة 53 على أن "تتخذ الدولة ما يلزم من تدابير للسماح لدولة طرف أخرى برفع دعوى مدنية أمام محاكمها لتثبيت حقها في ممتلكات اكتسبت بارتكاب فعل محرم".
وتعزز المادة "ج" من ذات المادة موقف السعودية، حيث تنص على أن "تتخذ ما يلزم من تدابير تأذن لمحاكمها أو سلطاتها المختصة، عندما يتعين عليها اتخاذ قرار بشأن المصادرة، بأن تعترف بمطالبة دولة طرف أخرى بممتلكات اكتسبت بارتكاب فعل محرم. "
ويعتقد مراقبون أن تكلل مساعي المملكة فيما يتعلق بموجودات البنوك السويسرية التابعة للمعتقلين بالنجاح، حيث أبدت السلطات القضائية والسياسية مرونة في هذا الصدد.
وعمدت سويسرا، في وقت سابق، إلى تبني ما يعرف بـ"مسار لوزان" الذي وضع حلولاً جديدة لإعادة الأموال غير الشرعية إلى البلد الأصل، وضرورة التعاون الواضح بين النظامين القضائيين بين البلدين في هذا الشأن.
ولعل الربيع العربي قد أسهم بشكل فعّال في تبني سويسرا قانونا جديدا يتيح لها إعادة الأموال إلى مصدرها الأساسي، من دون عقبات، وهو ما تحقق إلى حد كبير، نتيجة الإلحاح المستمر من حكومات مصر وتونس بالإفصاح عن حسابات الرئيسين المخلوعين حسني مبارك وزين العابدين بن علي.
وبالعودة قليلاً إلى الوراء، يتضح، تاريخيا، أن السلطات السويسرية كان لها السبق في الاستجابة لطلبات دول مختلفة طالبت بالإفراج عن موجوداتها المنهوبة لدى مصارف سويسرا. فقد أفرجت بالفعل عن عدد من الحسابات المصرفية لعدد من الدكتاتوريين، الذين واجهتهم تهم فساد لا حصر لها، إذ تمكنت نيجيريا من استرداد جزء من أموال الجنرال النيجيري ساني أباتشا، والذي قدرت أمواله في بنوك سويسرا ما بين 3 إلى 5 مليارات دولار.
وكذلك تمكنت الفيليبين من استرداد الأموال التي نهبها رئيسها الأسبق، فيرديناند ماركوس، والذي قدرت مدخراته ما بين 5 إلى 10 مليارات دولار.
وثمة اتفاقية أخرى تتجلى في مكافحة غسيل الأموال، وهي تهمة تطاول عددا من الموقوفين السعوديين، أبرزهم الوليد بن طلال، حسب ما صدر عن لجنة مكافحة الفساد السعودية. وتعزز اتفاقية "مجموعة العمل المالي"، أو ما يعرف "فاتف"، في وضع معايير وتعزيز التنفيذ الفعلي للتدابير القانونية التنظيمية والتشغيلية منها لمكافحة غسيل الأموال. وبناء على ما سبق، فإنه يعتقد أن تنجح جهودهم، إلى حد ما، في جلب الأموال التي يأملون استردادها.
لكن مسعى المملكة لاسترداد الأموال ليس سهلاً كما توحي الاتفاقيات، إذ تبرز تحديات حقيقية، قد تحد من طموحات الحكومة السعودية في استرداد موجودات المعتقلين، وذلك لأسباب عدة، أبرزها أن الموجودات لدى البنوك السويسرية هي السيولة النقدية فحسب، وليست جميع الأصول. كما أن وجود حسابات بنكية للمحتجزين، بأسماء أبناء وأقارب لهم، يجعل وضع اليد عليها في خانة المستحيل.
إذ عمد الكثير من رجل الأعمال والأمراء ممن ناوشتهم، في الماضي، رهبة المساءلة في يوم من الأيام، والخوف من الملاحقة بتأسيس شركات أو وضع الحسابات تحت اسمها، إلى عدم الوقوع في الفخ، ما يصّعب مهمة الوصول إليها.
وتبرز معضلة أخرى، حسب مراقبين، ألا وهي وجود العديد من الممتلكات مسجلة تحت أسماء شركات في جزر "الأوفشور"، لا تخضع للرقابة المتعارف عليها دوليا. إذ أقدم الكثير من المتهمين على تغيير طبيعة أصولهم لتتحول إلى أسهم ومن ثم عقارات ومن ثم يتم بيعها أو تحويلها إلى دول أخرى، وهو ما يجعل تتبعها يتطلب سنوات مضنية من البحث.
وعلاوة على ذلك، فقد شرع العديد منهم إلى إشهار إفلاسهم، ظاهرياً، للحؤول دون التوصل إلى ممتلكاتهم.
أما بريطانيا، الملاذ الآخر للمعتقلين، فالمسعى أصعب مما سبق ومما يتصوره البعض. ولعل السنوات الماضية حفلت بحالات مشابهة، تجعل آمال السعودية عسيرة التحقيق؛ إذ فشلت مساعي حكومات مختلفة في استرداد أموالها المنهوبة.
ويعزز هذا الاتجاه، تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، ذكر أن الحكومة البريطانية لم تستجب لمطالبات حكومات مصر وليبيا لاسترداد أموالها المقدرة بين 4 إلى 8 مليارات دولار.
وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن قيمة الأموال المنهوبة في بريطانيا تقدر حوالى 90 مليار جنيه استرليني. كما تبرز كذلك عقبة منظمات حقوق الإنسان، ومن أبرزها منظمة "هيومن رايتس واتش"، التي تقول إن القضاء السعودي غير مستقل.
اقــرأ أيضاً
وكانت أنباء قد تم تداولها أخيراً، تشير إلى عزم الحكومة السعودية مخاطبة السلطات السويسرية بشأن إعادة مليارات الدولارات تعود ملكيتها للمحتجزين.
وتستند المملكة في سعيها لاسترداد الأموال على اتفاقيات دولية عدة، تأمل من خلالها أن تمنحها الحق في وضع يدها على أموال المحتجزين في تلك البنوك.
وتصب بعض الاتفاقات الدولية لصالح المملكة في نطاق سعيها لاسترداد الأموال، إذ إن "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد" ستسهم بشكل فعال في خدمة السعودية، حيث تشير الاتفاقية في مواضع مختلفة فيها إلى أن استرجاع الأموال المنهوبة ركن أساسي من الاتفاقية.
وتنص الفقرة "أ" من المادة 53 على أن "تتخذ الدولة ما يلزم من تدابير للسماح لدولة طرف أخرى برفع دعوى مدنية أمام محاكمها لتثبيت حقها في ممتلكات اكتسبت بارتكاب فعل محرم".
وتعزز المادة "ج" من ذات المادة موقف السعودية، حيث تنص على أن "تتخذ ما يلزم من تدابير تأذن لمحاكمها أو سلطاتها المختصة، عندما يتعين عليها اتخاذ قرار بشأن المصادرة، بأن تعترف بمطالبة دولة طرف أخرى بممتلكات اكتسبت بارتكاب فعل محرم. "
ويعتقد مراقبون أن تكلل مساعي المملكة فيما يتعلق بموجودات البنوك السويسرية التابعة للمعتقلين بالنجاح، حيث أبدت السلطات القضائية والسياسية مرونة في هذا الصدد.
وعمدت سويسرا، في وقت سابق، إلى تبني ما يعرف بـ"مسار لوزان" الذي وضع حلولاً جديدة لإعادة الأموال غير الشرعية إلى البلد الأصل، وضرورة التعاون الواضح بين النظامين القضائيين بين البلدين في هذا الشأن.
ولعل الربيع العربي قد أسهم بشكل فعّال في تبني سويسرا قانونا جديدا يتيح لها إعادة الأموال إلى مصدرها الأساسي، من دون عقبات، وهو ما تحقق إلى حد كبير، نتيجة الإلحاح المستمر من حكومات مصر وتونس بالإفصاح عن حسابات الرئيسين المخلوعين حسني مبارك وزين العابدين بن علي.
وبالعودة قليلاً إلى الوراء، يتضح، تاريخيا، أن السلطات السويسرية كان لها السبق في الاستجابة لطلبات دول مختلفة طالبت بالإفراج عن موجوداتها المنهوبة لدى مصارف سويسرا. فقد أفرجت بالفعل عن عدد من الحسابات المصرفية لعدد من الدكتاتوريين، الذين واجهتهم تهم فساد لا حصر لها، إذ تمكنت نيجيريا من استرداد جزء من أموال الجنرال النيجيري ساني أباتشا، والذي قدرت أمواله في بنوك سويسرا ما بين 3 إلى 5 مليارات دولار.
وكذلك تمكنت الفيليبين من استرداد الأموال التي نهبها رئيسها الأسبق، فيرديناند ماركوس، والذي قدرت مدخراته ما بين 5 إلى 10 مليارات دولار.
وثمة اتفاقية أخرى تتجلى في مكافحة غسيل الأموال، وهي تهمة تطاول عددا من الموقوفين السعوديين، أبرزهم الوليد بن طلال، حسب ما صدر عن لجنة مكافحة الفساد السعودية. وتعزز اتفاقية "مجموعة العمل المالي"، أو ما يعرف "فاتف"، في وضع معايير وتعزيز التنفيذ الفعلي للتدابير القانونية التنظيمية والتشغيلية منها لمكافحة غسيل الأموال. وبناء على ما سبق، فإنه يعتقد أن تنجح جهودهم، إلى حد ما، في جلب الأموال التي يأملون استردادها.
لكن مسعى المملكة لاسترداد الأموال ليس سهلاً كما توحي الاتفاقيات، إذ تبرز تحديات حقيقية، قد تحد من طموحات الحكومة السعودية في استرداد موجودات المعتقلين، وذلك لأسباب عدة، أبرزها أن الموجودات لدى البنوك السويسرية هي السيولة النقدية فحسب، وليست جميع الأصول. كما أن وجود حسابات بنكية للمحتجزين، بأسماء أبناء وأقارب لهم، يجعل وضع اليد عليها في خانة المستحيل.
إذ عمد الكثير من رجل الأعمال والأمراء ممن ناوشتهم، في الماضي، رهبة المساءلة في يوم من الأيام، والخوف من الملاحقة بتأسيس شركات أو وضع الحسابات تحت اسمها، إلى عدم الوقوع في الفخ، ما يصّعب مهمة الوصول إليها.
وتبرز معضلة أخرى، حسب مراقبين، ألا وهي وجود العديد من الممتلكات مسجلة تحت أسماء شركات في جزر "الأوفشور"، لا تخضع للرقابة المتعارف عليها دوليا. إذ أقدم الكثير من المتهمين على تغيير طبيعة أصولهم لتتحول إلى أسهم ومن ثم عقارات ومن ثم يتم بيعها أو تحويلها إلى دول أخرى، وهو ما يجعل تتبعها يتطلب سنوات مضنية من البحث.
وعلاوة على ذلك، فقد شرع العديد منهم إلى إشهار إفلاسهم، ظاهرياً، للحؤول دون التوصل إلى ممتلكاتهم.
أما بريطانيا، الملاذ الآخر للمعتقلين، فالمسعى أصعب مما سبق ومما يتصوره البعض. ولعل السنوات الماضية حفلت بحالات مشابهة، تجعل آمال السعودية عسيرة التحقيق؛ إذ فشلت مساعي حكومات مختلفة في استرداد أموالها المنهوبة.
ويعزز هذا الاتجاه، تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، ذكر أن الحكومة البريطانية لم تستجب لمطالبات حكومات مصر وليبيا لاسترداد أموالها المقدرة بين 4 إلى 8 مليارات دولار.
وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن قيمة الأموال المنهوبة في بريطانيا تقدر حوالى 90 مليار جنيه استرليني. كما تبرز كذلك عقبة منظمات حقوق الإنسان، ومن أبرزها منظمة "هيومن رايتس واتش"، التي تقول إن القضاء السعودي غير مستقل.