وإن حقيقة أن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على التشاور بكثافة مع نتنياهو حول موعد طرح الخطة تعزز هذه المخاوف، إذ إن المبعوث الأميركي للمنطقة آفي بيركوفيتش زار تل أبيب قبل نحو أسبوعين، في حين سيصل جاريد كوشنر، صهر وكبير مستشاري ترامب، إلى تل أبيب بعد غد الأربعاء للمهمة نفسها.
وسبق أن توجّه قادة تحالف "كاحول لفان" المعارض في إسرائيل، بشكل علني، للإدارة الأميركية، وطالبوها بعدم طرح "صفقة القرن" قبل الانتخابات، إذ حذر زعيم التحالف بني غانتس في مؤتمر صحافي، من أن مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة محاولة للتأثير على نتائج الانتخابات.
وعلى الرغم من أن قادة تحالف "كاحول لفان" قد توقفوا عن توجيه الانتقادات للإدارة الأميركية، فإن هذا لا يرجع إلى تراجع مخاوفهم من تبعات الخطوة التي قد يقدم عليها ترامب، بل لأنهم يخشون أن تؤثر أي مواجهة علنية مع الرئيس الأميركي على حظوظهم الانتخابية.
واللافت أن كُثراً من المسؤولين الأميركيين السابقين من أصول يهودية، الذين تولوا مواقع متقدمة في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، قد حذروا أيضاً من أن كل ما يعني ترامب حالياً هو تمكين نتنياهو من الفوز.
وكتب السفير الأميركي السابق في إسرائيل مارتن انديك، اليوم الإثنين، على حسابه على "تويتر" أن الاعتبار الرئيس الذي بات يحكم طرح "صفقة القرن" من عدمه، هو مصالح نتنياهو الانتخابية. وحسب انديك، الذي تولى أيضاً منصب منسق العلاقات مع كلّ من إسرائيل والسلطة الفلسطينية في إدارة أوباما، فإن "صفقة القرن" قد تحولت من خطة لحلّ الصراع، إلى مجرد وسيلة لتمكين نتنياهو من الفوز.
Twitter Post
|
أما أرون ميلر، الذي عمل مستشاراً للفريق الأميركي الذي كان مسؤولاً عن التوسط بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في عهدَي أوباما وبيل كلينتون، فقد كتب اليوم الإثنين على حسابه على "تويتر"، أن طرح "صفقة القرن" بات يخضع لاعتبارات السياسة الداخلية لدى كلّ من ترامب ونتنياهو.
Twitter Post
|
ويُعدّ طرح هذه الخطة قبل الانتخابات وصفة لتحسين فرص نتنياهو بالفوز، لأنه سيؤثر بشكل جذري على طابع الجدل السياسي الداخلي في الحملة الانتخابية، إذ إن الأحزاب ستكون مطالبة بطرح مواقف إزاء "الصفقة"، بعد أن كانت مشغولة بالتركيز على قضايا لوائح الاتهام بالفساد التي وُجهت لنتنياهو.
إلى جانب ذلك، فإن هناك ما يدلّ على أن هناك توافقاً بين ترامب ونتنياهو على أن يستغل الأخير الرفض الفلسطيني للخطة، في تبرير ضم منطقة غور الأردن والمستوطنات اليهودية في الضفة لإسرائيل، وبعد ذلك تعترف الولايات المتحدة بالضم، كما كتب اليوم الوزير الإسرائيلي السابق يوسي بيلين في النسخة العبرية لموقع "المونتور".
ومن الواضح أن الفلسطينيين، بغض النظر عن الفروق الأيديولوجية بينهم، لا يمكن أن يقبلوا بهذه الصفقة، التي لا تمنحهم دولة، ولا تضمن حق اللاجئين بالعودة، وتبقى القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل.
في المقابل، فإن إقدام نتنياهو على ضم أجزاء من الضفة الغربية قبل الانتخابات سيزيد من شعبية حزبه "الليكود"، وسيؤثر على موازين القوى بين الأحزاب الإسرائيلية.
واللافت أن الجدل حول "صفقة القرن" قد أثر بشكل واضح وجلي على مواقف الأحزاب الإسرائيلية المختلفة؛ فقد أخذ تحالف "كاحول لفان" يعبّر عن مواقف أكثر يمينية، في محاولة لتقليص المكاسب التي يمكن أن يحققها "الليكود" بقيادة نتنياهو من طرح الصفقة.
وحسب ما ذكرته قناة التلفزة الإسرائيلية 12 قبل يومين، فإن هذا التحالف بات يجاهر بدعمه ضم غور الأردن والمستوطنات لإسرائيل. في الوقت ذاته، فإن بعض قادة التحالف باتوا يزايدون على قادة "الليكود" في تبني مواقف معادية لفلسطينيي الداخل؛ فقد انضم "كاحول لفان" لحزب "الليكود" وبقية أحزاب اليمين في مطالبتها بعدم السماح لهبة يزبك، عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي، بالترشح للكنيست، بحجة تبنيها مواقف داعمة للمقاومة الفلسطينية.