19 ابريل 2021
هل من ردّ عربي؟
من غير المعقول أن تكون تصريحات الإيرانيين حيال العرب، على ألسنة أربعة منهم خلال أيام قليلة، مجرد مناورة تحسن موقف بلادهم التفاوضي حيال أميركا. ومن غير المقبول تحويل الانتباه عن موضوع التصريحات، المتصل بالهيمنة علينا، وليس له علاقة بأميركا، الطرف الآخر في مفاوضات برنامج طهران النووي، ليس فقط لأن ذلك يقلل من خطورة ما نتعرض له، بل لأنه يتعارض كذلك مع سياسات إيران ضدنا، القائمة على أسس استراتيجية ثابتة ومعلنة، أقدم من البرنامج النووي والتفاوض حوله، تتعلق بالصراع على منطقتنا، وبهويتها السياسية والمذهبية، وبموقعنا ودورنا كعرب منها، وبنمط النظام الذي تريد زرعه فيها، بقوة ما حققته في العراق وسورية ولبنان في المشرق، واليمن في جزيرة العرب، ورغبتها في إلحاق الكويت بها، وضم البحرين، وصولا إلى هدفها الأكبر: المملكة العربية السعودية التي تعهد أحد مسؤولي برلمان طهران أن تكون هدفها المقبل، بينما قال رئيس برلمانها، علي لاريجاني، إن بلاده تريد الكويت تعويضاً عن وجودها في سورية، لأنها كانت دوماً منطقة نفوذ إيرانية، وتفاخر رئيس مكتب الأمن القومي، علي شمخاني، بأن طهران تمسك بمضيق هرمز وباب المندب، مفتاحي النفط والتجارة الدولية عبر قناة السويس، مكررا كلاما أدلى به مرجع ديني شيعي، قارن موقعي الشيعة والسنة، وقال إن الشيعة يتحكمون بالمفاتيح الاستراتيجية للشرق الأوسط، وخصوصاً منها مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس، وإن مكانة أهل السنة تتراجع بصورة متسارعة وحثيثة في كل مكان، داخل بلدانهم وخارجها. أخيراً، قال علي يونسي، مستشار الرئيس "المعتدل"، حسن روحاني، إن بغداد كانت دوما عاصمة الإمبراطورية الفارسية.
هذه التصريحات المفعمة بالهلوسة المذهبية والسياسية، أنتجها شعور بالبطر، أملته إنجازات إيران الاستراتيجية في عالمنا العربي، والرغبة في إعلان أهداف وخطوات إيران القادمة عندنا، وليس لها علاقة بالمفاوضات النووية مع واشنطن، إلا إذا كان التفاوض حول دور إيران، المقبول أميركياً في منطقتنا العربية، قد بدأ فعلاً. هل هناك ما يشير إلى وصول المفاوضات إلى هذا الموضوع؟ لذلك، شرع الإيرانيون يقدمون مطالبهم، ويعلنون حدودها وسقوفها؟ أعتقد أن علينا التحسب لاحتمال كهذا، قد يفسر الحديث عنه ما جاء في تصريحات طهران الاستعمارية التي تنم عن استهانة شديدة بالعرب، تشبه استهانة كسرى بهم، حين تلقى رسالة من النبي (ص) تدعوه إلى الإسلام، فرد عليها ساخراً من "أكلة الضباب" الغارقين في الفوضى، ومهدداً بغزوهم ومعاقبتهم.
هل تريد أميركا التفاهم مع إيران على العرب، بعد استيلاء طهران على المشرق وانتقالها إلى اليمن؟ بصراحة، لا أعرف، لكنني أعتقد، جازماً، أن عدم ردنا سيجعلنا شركاء في تقويض بلداننا وتدمير مجتمعاتنا ودولنا.
يواجه العرب اليوم تحديين: الأول، أن يكون الخيار الإيراني، التزام أميركا للفترة المقبلة، إقرارا بما حققته طهران من نجاحات عربية، ورغبة من أميركا في استكمال تهميش الخليج الذي ستحدد نوعية رده ما إذا كان أهلا لتخطي ما يواجهه من خطر. الثاني، أن يأتي الرد، إن كان هناك رد، جزئياً ومحدوداً، يقتصر على اليمن، ليتحاشى التعقيدات الإقليمية والدولية الخطيرة التي ستلازم الرد في المشرق على إيران ومرتزقتها.
وتبقى الحقيقة: إذا لم يكور العرب قبضتهم، ويزجوا بقدراتهم الموحدة في المعركة الهائلة من أجل حريتهم وأمنهم، لن يبقى لهم استقلال وكرامة، ولن يخشاهم أو يحترمهم أحد، لأن من لا يكشر عن أنيابه دفاعاً عن نفسه، واحتراماً لنفسه، يفقد حقه في أن يخشاه ويحترمه الآخرون.
هذه التصريحات المفعمة بالهلوسة المذهبية والسياسية، أنتجها شعور بالبطر، أملته إنجازات إيران الاستراتيجية في عالمنا العربي، والرغبة في إعلان أهداف وخطوات إيران القادمة عندنا، وليس لها علاقة بالمفاوضات النووية مع واشنطن، إلا إذا كان التفاوض حول دور إيران، المقبول أميركياً في منطقتنا العربية، قد بدأ فعلاً. هل هناك ما يشير إلى وصول المفاوضات إلى هذا الموضوع؟ لذلك، شرع الإيرانيون يقدمون مطالبهم، ويعلنون حدودها وسقوفها؟ أعتقد أن علينا التحسب لاحتمال كهذا، قد يفسر الحديث عنه ما جاء في تصريحات طهران الاستعمارية التي تنم عن استهانة شديدة بالعرب، تشبه استهانة كسرى بهم، حين تلقى رسالة من النبي (ص) تدعوه إلى الإسلام، فرد عليها ساخراً من "أكلة الضباب" الغارقين في الفوضى، ومهدداً بغزوهم ومعاقبتهم.
هل تريد أميركا التفاهم مع إيران على العرب، بعد استيلاء طهران على المشرق وانتقالها إلى اليمن؟ بصراحة، لا أعرف، لكنني أعتقد، جازماً، أن عدم ردنا سيجعلنا شركاء في تقويض بلداننا وتدمير مجتمعاتنا ودولنا.
يواجه العرب اليوم تحديين: الأول، أن يكون الخيار الإيراني، التزام أميركا للفترة المقبلة، إقرارا بما حققته طهران من نجاحات عربية، ورغبة من أميركا في استكمال تهميش الخليج الذي ستحدد نوعية رده ما إذا كان أهلا لتخطي ما يواجهه من خطر. الثاني، أن يأتي الرد، إن كان هناك رد، جزئياً ومحدوداً، يقتصر على اليمن، ليتحاشى التعقيدات الإقليمية والدولية الخطيرة التي ستلازم الرد في المشرق على إيران ومرتزقتها.
وتبقى الحقيقة: إذا لم يكور العرب قبضتهم، ويزجوا بقدراتهم الموحدة في المعركة الهائلة من أجل حريتهم وأمنهم، لن يبقى لهم استقلال وكرامة، ولن يخشاهم أو يحترمهم أحد، لأن من لا يكشر عن أنيابه دفاعاً عن نفسه، واحتراماً لنفسه، يفقد حقه في أن يخشاه ويحترمه الآخرون.