19 يناير 2024
هل ينجح الديمقراطيون في عزل ترامب؟
في محاولة للإجابة عن السؤال السابق، علينا أن نتذكّر دوما أن النظام الرئاسي وثنائي الحزبية المعمول به في الولايات المتحدة يجعل مسألة عزل الرئيس معقدة للغاية، وتتطلب كثيرا من التوافق السياسي والدعم الشعبي، بمعنى أن مسألة ما يسمى حجب الثقة في النظام البرلماني تتكرّر كثيرا في الأنظمة البرلمانية، كما في إيطاليا أو إسرائيل، أو حتى بريطانيا التي كانت إلى فترة قريبة يحكمها نظام ثنائي الحزبية، أو غيرها، ولكن عزل الرئيس في النظام الرئاسي، وهي تعادل تماما حجب الثقة في النظام البرلماني، مسألة معقدة، وتزداد تعقيدا إن كان النظام السياسي يعتمد على الثنائية الحزبية، حيث الولاء للحزب يفوق كل شيء، وحيث الحزبية هي المسألة الرئيسية التي تحدّد مستقبل النواب ومصيرهم، كما الحال في الولايات المتحدة. ولذلك، لم تتكرر قضية عزل الرئيس في الولايات المتحدة سوى أربع مرات خلال التاريخ الطويل للديمقراطية الأميركية 240 عاما من التناوب الديمقراطي غير المنقطع.
أعلنت الأسبوع الفائت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، أن مجلس النواب سيبدأ تحقيقًا رسميًا بهدف عزل الرئيس ترامب، في قضية مكالمته الهاتفية مع الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، وظهر منها أنه ضغط على الأخير في حجب المساعدات العسكرية عن أوكرانيا مقابل التحقيق مع منافسه المحتمل في انتخابات الرئاسة لعام 2020 جو بايدن وعائلته، وخصوصا ابنه هانتر الذي عين عضوا في مجلس إدارة إحدى شركات النفط الأكرانية. بعدها أجبر الرئيس الأميركي على إصدار نسخة المكالمة هذه، وظهر أن ما صدر في التقرير مطابق تماما لنص المكالمة مع زيلينسكي.
بعدها أعلنت رئيسة مجلس النواب الطلب الرسمي من أجل إقالة الرئيس ترامب، وهو ما ينص
عليه الدستور الأميركي في المواد الخاصة بعزل الرئيس، حيث يسمح الدستور للكونغرس بإقالة الرؤساء الجالسين من مناصبهم، إذا صوّت الكونغرس، بغرفتيه، بأن الرئيس ارتكب "خيانة أو رشوة أو غيرها من الجرائم الكبرى والجنح". والمشكلة في تعريف الجنح أو الجرائم التي يجب على إثرها عزل الرئيس، ولو أن العبارة المذكورة تعود فعليًا إلى تقليد القانون العام في بريطانيا، ويمكن أن تتلخص في إساءة استخدام مسؤول منتخب السلطة، فعندما تمت المصادقة على الدستور الأميركي ، كتب ألكساندر هاملتون في ما يعرف بالوثائق الفيدرالية إن الإقالة أو العزل تنطبق على "تلك الجرائم التي تنجم عن سوء السلوك العام، أو بعبارة أخرى، من إساءة أو انتهاك الثقة العامة. إنها ذات طبيعة يمكن تصنيفها بسرية غريبة أنها سياسية".
هناك مواد كثيرة يمكن إقالة الرئيس ترامب وفقها، كما ذكرت رئيسة مجلس النواب، إذ يمكن البرهنة وبسهولة على أن الرئيس استفاد شخصيا من وقته في المكتب البيضاوي، وأنه قام بتحويل الأموال من الجيش لبناء جدار حدودي، أو أنه انتهك قوانين تمويل الحملات الانتخابية، أو أنه عرقل العدالة باستخدام العفو أداة. ولكن بيلوسي رغبت في التركيز على قضية المكالمة فقط، بوصفها قضية انتهاك خطير للأمن القومي الأميركي، عندما يدعو رئيس الولايات المتحدة رئيسا لدولة أجنبية في التحقيق مع المعارض السياسي الأبرز له خلال الانتخابات المقرّرة عام 2020.
ولكن كيف تبدأ إجراءات العزل، ولا سيما أن هناك حالات مشابهة في العصر الحديث كما جرى في حالة الرئيس بيل كلينتون عام 1998 وريتشارد نيكسون عام 1974 بتصويت كامل في مجلس النواب. لقد فضلت بيلوسي طريقا مختلفا، إذ أعلنت أنها أصدرت تعليمات إلى لجان مجلس النواب الستة التي لديها تحقيقات مفتوحة حول ترامب، القضاء والاستخبارات والخدمات المالية والرقابة والشؤون الخارجية، للمضي في تحقيقاتها "تحت مظلة التحقيق في العزل".
ومن المحتمل أن تشتبه بيلوسي في أن استمرار التحقيق على مستوى اللجنة سيسمح للكونغرس بالتركيز على إصدار تشريعات مهمة أخرى، مثل إصلاح النظام الانتخابي. وعندما تختتم اللجان تحقيقاتها، تقدم كل منها مدخلاتها الخاصة بشأن ماهية المواد الخاصة بالعزل. بعد ذلك، ستبت
اللجنة القضائية في التصويت بشأن ما إذا كانت ستأخذها إلى مجلس النواب الكامل الذي يسيطر عليه الديمقراطيون. إذا صوّتت اللجنة للموافقة على المواد، فسيتم منحها وضعًا خاصًا، ولا يلزم سوى أغلبية بسيطة من المشرّعين للموافقة عليها، حيث يملك الديمقراطيون حاليًا أغلبية في مجلس النواب 235 مقابل 198 للجمهوريين. ووفقًا لإحصاء نشرته صحيفة نيويورك تايمز، هناك 203 من أعضاء مجلس النواب يفضلون إجراءات الإقالة، و88 ممن يعارضون أو لم يقرّروا بعد، و144 ممن لم يقولوا بعد. يحتاج مجلس النواب فقط إلى أغلبيةٍ بسيطة لإسقاطه، وبالتالي سيستغرق الأمر 15 شخصًا إضافيًا من غير المتردّدين أو غير المستجيبين للوصول إلى هناك. وسيتعين على الرئيس حينئذٍ الاختيار: الاستقالة مثلما فعل نيكسون في 1974 أو المحاكمة أمام مجلس الشيوخ مثل بيل كلينتون عام 1999.
وبمجرد أن يصوت مجلس النواب على العزل، يبدأ مجلس الشيوخ في المحاكمة الرسمية لإقالة الرئيس من منصبه، مع العلم أن مجلس الشيوخ يسيطر عليه الجمهوريون، وبالتالي يحتاج الديمقراطيون إلى أعضاء جمهوريين للتصويت معهم لصالح عزل الرئيس ترامب. وإذا كانت هناك محاكمة، فإن أعضاء مجلس الشيوخ يتولون دور هيئة المحلفين، ويشرف على الإجراءات رئيس المحكمة العليا جون روبرتس. يصوّت مجلس النواب على "المديرين" الذين يقدمون القضية ضد الرئيس. ومن أجل تمرير مجلس الشيوخ، يجب أن يكون هناك أغلبية ثلثي الأصوات بأغلبية 67 صوتًا. يوجد حاليًا 53 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، ما يعني أن على 14 عضوا جمهوريا التصويت لمصلحة عزل الرئيس ترامب، وهذا مستبعد للغاية حاليا.
وبالتالي، يمكن القول إن إجراءات عزل ترامب فيها كثير المغامرة من الديمقراطيين. ولكن لديهم أمل أن يغير على الأقل أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري رأيهم خلال إجراءات العزل التي ربما تستمر شهورا.
بعدها أعلنت رئيسة مجلس النواب الطلب الرسمي من أجل إقالة الرئيس ترامب، وهو ما ينص
هناك مواد كثيرة يمكن إقالة الرئيس ترامب وفقها، كما ذكرت رئيسة مجلس النواب، إذ يمكن البرهنة وبسهولة على أن الرئيس استفاد شخصيا من وقته في المكتب البيضاوي، وأنه قام بتحويل الأموال من الجيش لبناء جدار حدودي، أو أنه انتهك قوانين تمويل الحملات الانتخابية، أو أنه عرقل العدالة باستخدام العفو أداة. ولكن بيلوسي رغبت في التركيز على قضية المكالمة فقط، بوصفها قضية انتهاك خطير للأمن القومي الأميركي، عندما يدعو رئيس الولايات المتحدة رئيسا لدولة أجنبية في التحقيق مع المعارض السياسي الأبرز له خلال الانتخابات المقرّرة عام 2020.
ولكن كيف تبدأ إجراءات العزل، ولا سيما أن هناك حالات مشابهة في العصر الحديث كما جرى في حالة الرئيس بيل كلينتون عام 1998 وريتشارد نيكسون عام 1974 بتصويت كامل في مجلس النواب. لقد فضلت بيلوسي طريقا مختلفا، إذ أعلنت أنها أصدرت تعليمات إلى لجان مجلس النواب الستة التي لديها تحقيقات مفتوحة حول ترامب، القضاء والاستخبارات والخدمات المالية والرقابة والشؤون الخارجية، للمضي في تحقيقاتها "تحت مظلة التحقيق في العزل".
ومن المحتمل أن تشتبه بيلوسي في أن استمرار التحقيق على مستوى اللجنة سيسمح للكونغرس بالتركيز على إصدار تشريعات مهمة أخرى، مثل إصلاح النظام الانتخابي. وعندما تختتم اللجان تحقيقاتها، تقدم كل منها مدخلاتها الخاصة بشأن ماهية المواد الخاصة بالعزل. بعد ذلك، ستبت
وبمجرد أن يصوت مجلس النواب على العزل، يبدأ مجلس الشيوخ في المحاكمة الرسمية لإقالة الرئيس من منصبه، مع العلم أن مجلس الشيوخ يسيطر عليه الجمهوريون، وبالتالي يحتاج الديمقراطيون إلى أعضاء جمهوريين للتصويت معهم لصالح عزل الرئيس ترامب. وإذا كانت هناك محاكمة، فإن أعضاء مجلس الشيوخ يتولون دور هيئة المحلفين، ويشرف على الإجراءات رئيس المحكمة العليا جون روبرتس. يصوّت مجلس النواب على "المديرين" الذين يقدمون القضية ضد الرئيس. ومن أجل تمرير مجلس الشيوخ، يجب أن يكون هناك أغلبية ثلثي الأصوات بأغلبية 67 صوتًا. يوجد حاليًا 53 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، ما يعني أن على 14 عضوا جمهوريا التصويت لمصلحة عزل الرئيس ترامب، وهذا مستبعد للغاية حاليا.
وبالتالي، يمكن القول إن إجراءات عزل ترامب فيها كثير المغامرة من الديمقراطيين. ولكن لديهم أمل أن يغير على الأقل أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري رأيهم خلال إجراءات العزل التي ربما تستمر شهورا.