سلّط المرشحون للانتخابات الرئاسية الإيرانية، في دورتها الثانية عشرة، الضوء على عدد من القضايا والشعارات التي من شأنها أن تشد الناخب الإيراني للاقتراع لصالح واحد منهم. ومنذ أن بدأ الاستحقاق بين ستة مرشحين وخلص إلى أربعة لغاية اللحظة، بدأت مواجهة حامية الوطيس بين المعتدل المدعوم من الإصلاحيين، حسن روحاني، والمحافظ المتشدد، إبراهيم رئيسي، إذ ركزا على الشعارات الاقتصادية بشكل خاص، فهما يعلمان أن المواطن الإيراني معنيّ بالدرجة الأولى بظروفه المعيشية.
وفي جولة لـ"العربي الجديد"، تباينت الآراء بين شريحة من سكان العاصمة طهران، حين طرح "العربي الجديد" عليهم سؤالا حول ما يريدونه من الرئيس القادم في الانتخابات التي تجري الجمعة 19 مايو/أيار، وركزت الإجابات في غالبيتها على الشق الاقتصادي والاجتماعي، فقال فرشيد وهو طالب جامعي إنه "راقب كل المناظرات التلفزيونية عن كثب"، ولاحظ أن "المرشحين يعلمون بالضبط ماهية المشاكل التي يعانيها المواطنون الإيرانيون، خاصة الشباب منهم، لكن في ذات الوقت لم يقدم أي واحد منهم رؤية واضحة حول الحلول"، حسب رأيه.
ويضيف فرشيد أن "البطالة تتموضع على رأس العناوين، حين يدور الحديث عن هموم الشارع، ففي إيران ما يزيد عن ثلاثة ملايين عاطل عن العمل، معظمهم خريجون جامعيون"، وذكر أن "كلاً من روحاني ورئيسي يعرفان أن البطالة تعطل حياة كثيرين، لكن كل واحد منهما قدم حلا يختلف تماما عن الآخر".
وخلال فترة الدعاية الانتخابية، روّج روحاني لضرورة الانفتاح على الخارج، معتبرا أن هذا سيحقق استقرار البلاد، من خلال التوقيع على المزيد من الصفقات مع الآخرين، حيث سيكون هذا كفيلا بتحريك الاقتصاد، وهو ما يعني فرص عمل أكبر.
في المقابل، يرى المحافظون أن الرئيس المعتدل أخطأ كثيرا في سياسته هذه خلال سنوات حكمه الأربع، وهو ما زاد من التصاقه واعتماده على الغرب، من دون تحقيق مكتسبات كبرى، ويعتبرون بالتالي أن تطوير وتقوية مقومات الاقتصاد محليا، هو ما سيرفع من فرص العمل، وسيفتح الباب أمام من يريد الحصول على وظائف جديدة.
ولا تتفق مريم معماري مع هذه النظرية الأخيرة، وهي شابة في عقدها الثالث من العمر، وتعتبر أن "هموم الشارع الإيراني لا تحل عبر انغلاق إيران وقطع العلاقات مع الغرب"، وترى أن "الاتفاق النووي أبعد شبح الحرب عن البلاد، بل وحقق العزة للإيرانيين، فجلس وفد روحاني المفاوض على طاولة حوار واحدة مع ست دول كبرى"، وهو ما يهمها كإيرانية لديها عائلة، كما ذكرت.
لكن همّ الحرب والتهديدات العسكرية في ظل وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة في الولايات المتحدة، ليس موجودا عند آخرين، ممن يعتبرون أن المشكلة لا تكمن في عوامل خارجية. وفي هذا السياق، قال السيد محمدي، وهو رب عائلة في الستين من عمره، إن "إيران استطاعت تطوير صواريخ محلية الصنع، وهو ما أجبر الغرب على التفاوض معها بالأساس، بالتالي على الرئيس القادم أن يركز أكثر على الداخل"، حسب رأيه.
ويعتبر محمدي أن "الإيرانيين يعانون كثيرا حين يدور الحديث عن هموم الشارع الاقتصادية، فنسب الفقر في تزايد، حتى في وجود الاتفاق النووي، وهو ما يعني أنه يقع على عاتق الرئيس القادم مهمة التركيز على مطالب الشباب أولاً، وعلى مقومات قطاعي الزراعة والصناعات المحلية ثانيا، ويرجح أن يعطي صوته للمرشح الذي يركز على الداخل".