يحمّل استشاري الأورام السرطانية الإيراني، الدكتور سهراب سليمان زاده، هواء طهران مسؤولية زيادة مرضاه من المصابين بسرطانات الرئة والدم بشكل خاص، معتبراً أن هواء العاصمة الإيرانية، مسبب مباشر للسرطانات يأتي في عوامل الخطورة بعد التدخين.
خلال الأعوام القليلة الماضية، لاحظ زاده وزملاؤه ازدياد عدد مرضى السرطان وخاصة سرطان الرئة، ولا سيما بعد تكرار التحذيرات الحكومية من وصول تلوث الهواء في طهران إلى نسب عالية، لدرجة أن الحكومة الإيرانية أعلنت إيقاف الدوام في كافة مدارس العاصمة أكثر من مرة، آخرها خلال اليومين الماضيين.
اقرأ أيضا: العيش مع الزلازل.. سكان طهران في انتظار الكارثة
الخط الأحمر
يؤكد مركز السلامة التابع لوزارة الصحة، أن هواء العاصمة، التي يسكنها 12.5 مليون نسمة، ممتلئ بذرات وجزيئات معلقة، يبلغ حجمها 2.5 ميكرون، وأنها خطيرة جدا على الصحة وقد تؤدي لأمراض مزمنة. وهو ما دعا وزارة الصحة قبل أيام إلى إعلان وصول التلوث إلى مرحلة الخط الأحمر، أي وضع الخطر.
بالعين المجردة، يمكن لمن يعيش في طهران أن يلاحظ لون السماء الرمادية بشكل شبه دائم باستثناء الأيام التي يتساقط فيها المطر بغزارة فيبدد الغيمة التي تلف المدينة في أغلب أوقاتها، وفي أحيان أخرى يلاحظ نقاء الأجواء خلال موسم العطلات السنوية حين يغادر معظم ساكني العاصمة مدينتهم باتجاه القرى والأرياف.
كان التلوث واضحاً للعيان خلال الأيام الماضية، وارتفعت نسبه وأرقامه على اللوحات الإلكترونية التي تقيسه، والمنتشرة في مناطق العاصمة، ما جعل الوضع خطيراً على الأطفال وكبار السن والمرضى ومرضى الحساسية، الأمر الذي دفع مدارس طهران إلى إيقاف دروس التربية الرياضية في الهواء الطلق، كما أصدرت وزارة الصحة توصياتها لغرف الطوارئ والإسعاف في كل المستشفيات بالاستعداد.
اقرأ أيضا: الجفاف في إيران.. السدود تفاقم شح المياه
نسب وأرقام
وفق مؤسسة التحكم بتلوث هواء طهران، فالأعوام الخمسة عشر الماضية كانت الأسوأ على الإطلاق، إذ لم يعش أهل العاصمة خلالها إلا 219 يوماً نظيفا نقيا بشكل كامل، وهو ما يجعل طهران واحدة من أكثر المدن التي تعاني من هذه المشكلة في العالم.
في العام 2011 حصلت طهران على المرتبة الأولى عالميا من بين 31 مدينة أخرى من حيث غلظة وسماكة ذرات الهواء الملوث المعلقة في الجو. ووفق قاعدة معلومات البنك الدولي، وخلال العام الفارسي الفائت، والذي انتهى في 21 مارس/ آذار الماضي، عاشت طهران سبعة أيام نقية فقط.
ووفق تقارير رسمية صادرة عن مؤسسة البيئة الإيرانية، فإن عدد الأيام النقية عام 2013 بلغ ثلاثة أيام وحسب، أما الأيام الجيدة نسبيا، وهي الغير خطرة لكن الهواء خلالها لا يكون نقيا مائة في المائة، بلغ عددها 202 يوم، فيما توزعت النسب العالية للتلوث على مدى 106 أيام. ووفق المؤسسة ذاتها، ففي العام 2014 عاشت المدينة 16 يوما نقيا، 233 يوما غير خطر، و116 يوما ملوثا بامتياز.
حين صدرت هذه التقارير، توقع المختصون أن يكون الوضع أفضل حالا في العام 2015، لكن على ما يبدو أن المشكلة ما زالت مستمرة.
اقرأ أيضا: المرشحون الخمسة لخلافة خامنئي.. هل يحسمها شاهرودي؟
تبعات سلبية على الصحة
كثيرون هم من يعتبرون أن السيارات التي تتحرك في شوارع العاصمة، وعادماتها التي تنفث دخانا ملوثا، هي السبب الرئيس في المشكلة. ولكن بغض النظر عن الأسباب الكثيرة التي يتحدث عنها الخبراء، إلا أن الشركة الوطنية للتحكّم بتلوث هواء طهران ذكرت في تقرير لها، أنه خلال السنوات الخمس الماضية أوقفت حركة عدد من السيارات التي تعتبر في عداد السيارات التالفة، كونها لا تراعي المعايير الفنية الحديثة، وتؤثر سلبا على البيئة.
بحسب الشركة، فإن التلوث يهدد الأطفال وكبار السن بالذات، وهو مسبب رئيس للسرطان ولارتفاع حالات الإصابة بأمراض القلب والتنفس. ووفق وزارة الصحة الإيرانية، فإن ثلاثة آلاف شخص في العاصمة الإيرانية يفقدون حياتهم سنويا بسبب التلوث الذي يتسبب لهم بواحدة من الأمراض الآنفة الذكر. كما رصدت وزارة الصحة في وقت سابق ارتفاع نسب المراجعين للعيادات وغرف طوارئ المشافي في طهران بمعدل 30%، خلال الأيام الأكثر تلوثا خلال العام.
يقول الاستشاري زاده إنه وزملاؤه يعاينون هذه الحالات المتزايدة المصابة بالسرطان بسبب تلوث الهواء، مؤكدا أنه من الضروري إيقاف استخدام السيارات التي تنفث دخانا ملوثا، كما يجب على كل شخص أن يؤدي ما عليه للمساعدة في حل المشكلة الصعبة، داعيا الحكومة إلى التحكم بنوعية البنزين المستخدم، وهو ما سيقلل من حجم المواد والغازات الملوثة في الهواء.
اقرأ أيضا: هيئة الأمر بالمعروف الإيرانية تثير مخاوف الإصلاحيين
أسباب المشكلة
يقسم الخبراء أسباب تلوث طهران إلى أسباب طبيعية لها علاقة بالموقع الجغرافي للعاصمة طهران ولظواهر طبيعية أخرى، فضلا عن أسباب إنسانية يلعب البشر الدور الأول فيها.
الخبير البيئي ومسؤول غرفة التعليم والتوعية في مؤسسة البيئة الإيرانية محمد درويش، قال لـ"العربي الجديد"، إن "الأسباب الجغرافية للتلوث في طهران أكثر صعوبة كونها لا يمكن التحكم بها، إذ إن العاصمة محاطة بسلاسل جبلية من ثلاث جهات، فضلا عن أن سرعة الرياح تعتبر قليلة، فلا تتجاوز 5 أمتار في الثانية، وهو ما لا يسمح بحركة ذرات الهواء المعلقة، وترتفع نسب التلوث شتاءً بشكل خاص بسبب تراكم الغيوم فوق المدينة المنخفضة نسبيا والمحاطة بسلاسل جبلية، وكل هذا يبقي الهواء الملوث والصاعد من دخان السيارات والمعامل عالقا لا يدور".
أما العامل الطبيعي الآخر، فيرتبط بزيادة جفاف الينابيع المائية والتصحّر حول المناطق المحيطة بالعاصمة، وهو ما يتسبب بزيادة الغبار والأتربة التي تتحرك نحو المدينة، ولا سيما المناطق الجنوبية منها وهي الأكثر ازدحاما سكانيا، حسب درويش.
العوامل البشرية، ووفقا للمختصين، يمكن حصرها في 4 ملايين سيارة تسير في طهران، فضلا عن وجود أعداد كبيرة من الدراجات النارية (ضعف عدد السيارات)، تطلق عوادمها دخاناً يلوث البيئة بمقدار ضعفي ما تلوثها عوادم السيارات. أما ما يزيد الأمور سوءاً، حسب الخبير البيئي، فهو تفضيل السكان استخدام وسائل النقل الشخصية، بدلا عن وسائل النقل العامة، أو استخدام قطار الأنفاق، والذي لا يتسبب بالضرر ذاته للبيئة.
اقرأ أيضا: اغتيال علماء الذرة.. حرب إسرائيل المستمرة ضد إيران
خطط الحكومة لمواجهة التلوث
يرى مسؤول إدارة الرقابة في مؤسسة البيئة الإيرانية محمد رستغاري، أن الحكومة الإيرانية أدركت خطورة التلوث والحالة التي وصل إليها في طهران، منذ العام 2000، قائلا لـ"العربي الجديد": "أقرت مؤسسة البيئة آنذاك خطة لعشر سنوات، بدأت بقياس معدلات المواد الملوثة ونوعيتها، وكانت هذه المواد إما عبارة عن غازات، أو عن ذرات معلقة في الجو. وبعد ذلك قامت مؤسسة البيئة بالتحكم بنوع البنزين المستخدم في البلاد، والذي كان يولّد كميات كبيرة من الدخان الملوث، فأقرت قانونا لاستيراد بنزين من الخارج، وفي الوقت ذاته حاولت الحكومة التحكم بنوعيات السيارات التي تسير في شوارع العاصمة، فأصدرت قانونا يمنع مرور السيارات التي تصنّف كسيارات تالفة، كما عملت على فرض قوانين لمراعاة معايير السلامة في السيارات المصنّعة محليا".
وأضاف رستغاري أن عددا كبيرا من المصانع إما داخل العاصمة أو في محيطها، تسبب التلوث الحاصل وترفع نسبه، إذ يستخدم بعضها المازوت كوقود، وهو من أكثر المواد التي تزيد التلوث في الجو سوءا، قائلا إن "الحكومة حاولت جعل الغاز الطبيعي وقودا لمعظم هذه المعامل، لكن هناك مصانع أخرى كمصانع الإسمنت ما زالت تولّد الهواء الملوث ولا تلتزم بالمعايير المطلوبة، وهي من الصناعات كثيفة العادم والمسببة لدرجات عالية من التلوث".
وذكر أن الحكومة تعمل على توعية المواطنين بخطورة التلوث، وتشجيعهم على استخدام شبكة مترو الأنفاق بدل السيارات الخاصة، لتقليل نسبة العادم في الهواء، قائلا "نأمل ان يستخدم المترو 30% من سكان طهران خلال السنوات الثلاث القادمة، إذ يستخدمه الآن 13% فقط".
اقتراح آخر لحل مشكلة تلوث طهران، جاء من عدد من المتخصصين والباحثين، إذ دعا هؤلاء مؤسسة البيئة الإيرانية إلى القيام بتجربة تشكيل غيوم صناعية لتزيد من معدل هطول الأمطار وهو ما يساعد بتحريك الهواء، ويزيد الأجواء نقاءً. ورغم تطبيق التجربة مرة، حسب المواقع الرسمية الإيرانية، إلا أن الكلفة العالية لتجارب من هذا النوع تقف بوجه تحقيق المبتغى المرجو منها.
وبوجود كل هذه المشكلات المعقدة، وبرغم الكم الهائل من الخطط التي تم إقرارها وتطبيق بعضها، لكن يبدو أن تلوث هواء طهران مشكلة تحتاج إلى حلول جذرية، كما يقول المواطن الإيراني، أحمد محمودي، قائلا "يطلب من المواطنين استخدام وسائل النقل العامة بدلا من الشخصية، للتخفيف من كميات الذرات الملوثة في الهواء، ولكن لا بد من تأمين شبكة نقل عامة واسعة تغطي كل المناطق في العاصمة لتسهل الحركة والتنقل وترك السيارات الشخصية".
ودعا محمودي الحكومة الإيرانية إلى المشاركة في حل المشكلة عبر خطوات حكومية جدية بهدف إنقاذ الإيرانيين من أمراض التلوث التي انتشرت داخل منازلهم، وتهدد حياة الأطفال وكبار السن والمصابين بأمراض الجهاز التنفسي.
خلال الأعوام القليلة الماضية، لاحظ زاده وزملاؤه ازدياد عدد مرضى السرطان وخاصة سرطان الرئة، ولا سيما بعد تكرار التحذيرات الحكومية من وصول تلوث الهواء في طهران إلى نسب عالية، لدرجة أن الحكومة الإيرانية أعلنت إيقاف الدوام في كافة مدارس العاصمة أكثر من مرة، آخرها خلال اليومين الماضيين.
اقرأ أيضا: العيش مع الزلازل.. سكان طهران في انتظار الكارثة
الخط الأحمر
يؤكد مركز السلامة التابع لوزارة الصحة، أن هواء العاصمة، التي يسكنها 12.5 مليون نسمة، ممتلئ بذرات وجزيئات معلقة، يبلغ حجمها 2.5 ميكرون، وأنها خطيرة جدا على الصحة وقد تؤدي لأمراض مزمنة. وهو ما دعا وزارة الصحة قبل أيام إلى إعلان وصول التلوث إلى مرحلة الخط الأحمر، أي وضع الخطر.
بالعين المجردة، يمكن لمن يعيش في طهران أن يلاحظ لون السماء الرمادية بشكل شبه دائم باستثناء الأيام التي يتساقط فيها المطر بغزارة فيبدد الغيمة التي تلف المدينة في أغلب أوقاتها، وفي أحيان أخرى يلاحظ نقاء الأجواء خلال موسم العطلات السنوية حين يغادر معظم ساكني العاصمة مدينتهم باتجاه القرى والأرياف.
كان التلوث واضحاً للعيان خلال الأيام الماضية، وارتفعت نسبه وأرقامه على اللوحات الإلكترونية التي تقيسه، والمنتشرة في مناطق العاصمة، ما جعل الوضع خطيراً على الأطفال وكبار السن والمرضى ومرضى الحساسية، الأمر الذي دفع مدارس طهران إلى إيقاف دروس التربية الرياضية في الهواء الطلق، كما أصدرت وزارة الصحة توصياتها لغرف الطوارئ والإسعاف في كل المستشفيات بالاستعداد.
اقرأ أيضا: الجفاف في إيران.. السدود تفاقم شح المياه
نسب وأرقام
وفق مؤسسة التحكم بتلوث هواء طهران، فالأعوام الخمسة عشر الماضية كانت الأسوأ على الإطلاق، إذ لم يعش أهل العاصمة خلالها إلا 219 يوماً نظيفا نقيا بشكل كامل، وهو ما يجعل طهران واحدة من أكثر المدن التي تعاني من هذه المشكلة في العالم.
في العام 2011 حصلت طهران على المرتبة الأولى عالميا من بين 31 مدينة أخرى من حيث غلظة وسماكة ذرات الهواء الملوث المعلقة في الجو. ووفق قاعدة معلومات البنك الدولي، وخلال العام الفارسي الفائت، والذي انتهى في 21 مارس/ آذار الماضي، عاشت طهران سبعة أيام نقية فقط.
ووفق تقارير رسمية صادرة عن مؤسسة البيئة الإيرانية، فإن عدد الأيام النقية عام 2013 بلغ ثلاثة أيام وحسب، أما الأيام الجيدة نسبيا، وهي الغير خطرة لكن الهواء خلالها لا يكون نقيا مائة في المائة، بلغ عددها 202 يوم، فيما توزعت النسب العالية للتلوث على مدى 106 أيام. ووفق المؤسسة ذاتها، ففي العام 2014 عاشت المدينة 16 يوما نقيا، 233 يوما غير خطر، و116 يوما ملوثا بامتياز.
حين صدرت هذه التقارير، توقع المختصون أن يكون الوضع أفضل حالا في العام 2015، لكن على ما يبدو أن المشكلة ما زالت مستمرة.
اقرأ أيضا: المرشحون الخمسة لخلافة خامنئي.. هل يحسمها شاهرودي؟
تبعات سلبية على الصحة
كثيرون هم من يعتبرون أن السيارات التي تتحرك في شوارع العاصمة، وعادماتها التي تنفث دخانا ملوثا، هي السبب الرئيس في المشكلة. ولكن بغض النظر عن الأسباب الكثيرة التي يتحدث عنها الخبراء، إلا أن الشركة الوطنية للتحكّم بتلوث هواء طهران ذكرت في تقرير لها، أنه خلال السنوات الخمس الماضية أوقفت حركة عدد من السيارات التي تعتبر في عداد السيارات التالفة، كونها لا تراعي المعايير الفنية الحديثة، وتؤثر سلبا على البيئة.
بحسب الشركة، فإن التلوث يهدد الأطفال وكبار السن بالذات، وهو مسبب رئيس للسرطان ولارتفاع حالات الإصابة بأمراض القلب والتنفس. ووفق وزارة الصحة الإيرانية، فإن ثلاثة آلاف شخص في العاصمة الإيرانية يفقدون حياتهم سنويا بسبب التلوث الذي يتسبب لهم بواحدة من الأمراض الآنفة الذكر. كما رصدت وزارة الصحة في وقت سابق ارتفاع نسب المراجعين للعيادات وغرف طوارئ المشافي في طهران بمعدل 30%، خلال الأيام الأكثر تلوثا خلال العام.
يقول الاستشاري زاده إنه وزملاؤه يعاينون هذه الحالات المتزايدة المصابة بالسرطان بسبب تلوث الهواء، مؤكدا أنه من الضروري إيقاف استخدام السيارات التي تنفث دخانا ملوثا، كما يجب على كل شخص أن يؤدي ما عليه للمساعدة في حل المشكلة الصعبة، داعيا الحكومة إلى التحكم بنوعية البنزين المستخدم، وهو ما سيقلل من حجم المواد والغازات الملوثة في الهواء.
اقرأ أيضا: هيئة الأمر بالمعروف الإيرانية تثير مخاوف الإصلاحيين
أسباب المشكلة
يقسم الخبراء أسباب تلوث طهران إلى أسباب طبيعية لها علاقة بالموقع الجغرافي للعاصمة طهران ولظواهر طبيعية أخرى، فضلا عن أسباب إنسانية يلعب البشر الدور الأول فيها.
الخبير البيئي ومسؤول غرفة التعليم والتوعية في مؤسسة البيئة الإيرانية محمد درويش، قال لـ"العربي الجديد"، إن "الأسباب الجغرافية للتلوث في طهران أكثر صعوبة كونها لا يمكن التحكم بها، إذ إن العاصمة محاطة بسلاسل جبلية من ثلاث جهات، فضلا عن أن سرعة الرياح تعتبر قليلة، فلا تتجاوز 5 أمتار في الثانية، وهو ما لا يسمح بحركة ذرات الهواء المعلقة، وترتفع نسب التلوث شتاءً بشكل خاص بسبب تراكم الغيوم فوق المدينة المنخفضة نسبيا والمحاطة بسلاسل جبلية، وكل هذا يبقي الهواء الملوث والصاعد من دخان السيارات والمعامل عالقا لا يدور".
أما العامل الطبيعي الآخر، فيرتبط بزيادة جفاف الينابيع المائية والتصحّر حول المناطق المحيطة بالعاصمة، وهو ما يتسبب بزيادة الغبار والأتربة التي تتحرك نحو المدينة، ولا سيما المناطق الجنوبية منها وهي الأكثر ازدحاما سكانيا، حسب درويش.
العوامل البشرية، ووفقا للمختصين، يمكن حصرها في 4 ملايين سيارة تسير في طهران، فضلا عن وجود أعداد كبيرة من الدراجات النارية (ضعف عدد السيارات)، تطلق عوادمها دخاناً يلوث البيئة بمقدار ضعفي ما تلوثها عوادم السيارات. أما ما يزيد الأمور سوءاً، حسب الخبير البيئي، فهو تفضيل السكان استخدام وسائل النقل الشخصية، بدلا عن وسائل النقل العامة، أو استخدام قطار الأنفاق، والذي لا يتسبب بالضرر ذاته للبيئة.
اقرأ أيضا: اغتيال علماء الذرة.. حرب إسرائيل المستمرة ضد إيران
خطط الحكومة لمواجهة التلوث
يرى مسؤول إدارة الرقابة في مؤسسة البيئة الإيرانية محمد رستغاري، أن الحكومة الإيرانية أدركت خطورة التلوث والحالة التي وصل إليها في طهران، منذ العام 2000، قائلا لـ"العربي الجديد": "أقرت مؤسسة البيئة آنذاك خطة لعشر سنوات، بدأت بقياس معدلات المواد الملوثة ونوعيتها، وكانت هذه المواد إما عبارة عن غازات، أو عن ذرات معلقة في الجو. وبعد ذلك قامت مؤسسة البيئة بالتحكم بنوع البنزين المستخدم في البلاد، والذي كان يولّد كميات كبيرة من الدخان الملوث، فأقرت قانونا لاستيراد بنزين من الخارج، وفي الوقت ذاته حاولت الحكومة التحكم بنوعيات السيارات التي تسير في شوارع العاصمة، فأصدرت قانونا يمنع مرور السيارات التي تصنّف كسيارات تالفة، كما عملت على فرض قوانين لمراعاة معايير السلامة في السيارات المصنّعة محليا".
وذكر أن الحكومة تعمل على توعية المواطنين بخطورة التلوث، وتشجيعهم على استخدام شبكة مترو الأنفاق بدل السيارات الخاصة، لتقليل نسبة العادم في الهواء، قائلا "نأمل ان يستخدم المترو 30% من سكان طهران خلال السنوات الثلاث القادمة، إذ يستخدمه الآن 13% فقط".
اقتراح آخر لحل مشكلة تلوث طهران، جاء من عدد من المتخصصين والباحثين، إذ دعا هؤلاء مؤسسة البيئة الإيرانية إلى القيام بتجربة تشكيل غيوم صناعية لتزيد من معدل هطول الأمطار وهو ما يساعد بتحريك الهواء، ويزيد الأجواء نقاءً. ورغم تطبيق التجربة مرة، حسب المواقع الرسمية الإيرانية، إلا أن الكلفة العالية لتجارب من هذا النوع تقف بوجه تحقيق المبتغى المرجو منها.
وبوجود كل هذه المشكلات المعقدة، وبرغم الكم الهائل من الخطط التي تم إقرارها وتطبيق بعضها، لكن يبدو أن تلوث هواء طهران مشكلة تحتاج إلى حلول جذرية، كما يقول المواطن الإيراني، أحمد محمودي، قائلا "يطلب من المواطنين استخدام وسائل النقل العامة بدلا من الشخصية، للتخفيف من كميات الذرات الملوثة في الهواء، ولكن لا بد من تأمين شبكة نقل عامة واسعة تغطي كل المناطق في العاصمة لتسهل الحركة والتنقل وترك السيارات الشخصية".
ودعا محمودي الحكومة الإيرانية إلى المشاركة في حل المشكلة عبر خطوات حكومية جدية بهدف إنقاذ الإيرانيين من أمراض التلوث التي انتشرت داخل منازلهم، وتهدد حياة الأطفال وكبار السن والمصابين بأمراض الجهاز التنفسي.