وتُظهر وثائق الأرشيف البريطاني، الخاصة بصفقة "اليمامة"، الدور الشخصي الذي لعبته رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك، مارغريت تاتشر، لتأمين الصفقة الأكبر والأكثر إثارة للجدل في المملكة المتحدة.
وأظهرت الملفات السرية، التي باتت في متناول الإعلام والرأي العام، كيف ساعد مسؤولون في الحكومة البريطانية تاتشر للتفاوض وإقناع الملك السعودي، فهد بن عبد العزيز، بشراء الطائرات المقاتلة البريطانية بدلاً من شراء مقاتلات فرنسية.
وأوردت الوثائق، التي نشرت الصحف البريطانية صوراً عنها، تفاصيل ترتيب لقاء خاص بين تاتشر والملك فهد في السعودية، في إبريل/ نيسان من العام 1985، انتهى بالتفاهم على صفقة بقيمة 42 مليار جنيه إسترليني.
كما كشفت الوثائق عن الدور الذي لعبه رئيس الوزراء الأسبق، توني بلير، في العام 2006 لمنع التحقيق في ملابسات صفقة "اليمامة"، وما دار حوله من شبهات رشاوى قدمت لمسؤولين بريطانيين وسعوديين ساهموا في إتمام الصفقة، من بينهم الأمير السعودي بندر بن سلطان.
ويتزامن الكشف عن وثائق الصفقة، مع اتهامات وجهتها، أمس الثلاثاء، منظمة "أوكسفام" للإغاثة الإنسانية للحكومة البريطانية، بسبب موافقتها على بيع أسلحة للسعودية قد تستخدم في الحرب الدائرة في اليمن.
وتلقت الحكومة البريطانية دعوات متكررة لحظر بيع الأسلحة إلى السعودية وسط مخاوف من انتهاك القانون الإنساني الدولي. وتذكر تقارير "أوكسفام" أن الحكومة البريطانية صدّقت العام الماضي على صفقات أسلحة إلى السعودية بقيمة ثلاثة مليارات جنيه إسترليني، بينما وافقت الولايات المتحدة وفرنسا على صفقات مماثلة بقيمة 14 مليار جنيه إسترليني.
لكن متحدثة باسم الحكومة البريطانية قالت إن الحكومة تضطلع بمسؤولياتها عن تصدير الأسلحة "على نحو بالغ الجدية"، وتدير واحداً من أقوى أنظمة مراقبة تصدير الأسلحة في العالم. وأضافت أن "الحكومة مقتنعة بأن تصاريح (بيع الأسلحة) الحالية للسعودية تلتزم بمعايير تصاريح التصدير في المملكة المتحدة".
ونقلت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أمس، رفضَ الحكومة البريطانية مزاعم سوء استخدام المملكة السعودية للأسلحة البريطانية، ونقلت عن متحدثة باسم الحكومة قولها إن "لندن مقتنعة بأن المملكة العربية السعودية لم تكسر شروط الترخيص، وبناءً على ذلك، فإن السعودية لم تخرق القانون الإنساني بقصف أهداف مدنية".
كما يتزامن نشر المعلومات عن صفقة "اليمامة" مع نشر صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، الأحد الماضي، تقريراً بعنوان "كيف تتربّح بريطانيا من سعي الشرق الأوسط للتسلح؟"، كشفت فيه عن صفقات أسلحة أبرمتها بريطانيا مع دول الشرق الأوسط، بما في ذلك مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا والبحرين وإسرائيل.
وذكرت الصحيفة أن بريطانيا عقدت صفقات بقيمة 7.7 مليارات جنيه إسترليني في العام الماضي، وأصبحت تسيطر على 12 في المائة من سوق تصدير الأسلحة الدولية، وفي خلال الـ10 سنوات الأخيرة أصبحت ثاني أكبر مصدّر للسلاح في العالم.
وذكرت "الأوبزرفر" أن السعودية تعتبر أهم مستهلك للأسلحة البريطانية، إذ حصلت على صفقات عسكرية تبلغ قيمتها 3.5 مليارات جنيه إسترليني، منذ بداية عام 2015، لاستخدامها في حملتها على اليمن.
وأضافت أن الشرق الأوسط يعتبر السوق الأهم لتجارة الأسلحة البريطانية، ففي العامين الماضيين، وافقت بريطانيا على صفقات أسلحة بقيمة 388 مليون جنيه إسترليني لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، و170 مليون إسترليني لقطر، و120 مليونا لسلطنة عمان، و24 مليونا للبحرين.
كما باعت بريطانيا أسلحة بقيمة 450 مليون جنيه إسترليني إلى تركيا في الأعوام الثلاثة الماضية، وباعت أسلحة بقيمة 115 مليون جنيه استرليني إلى مصر منذ العام 2013.