تعرف الثورة على أنها فعل نوعي يحتاج إلى إيمان صادق بقيمة الفرد ودوره في الإصلاح والتغيير، ولا تنفي حاجته إلى وعي كبير بحركة المجموعة وفعلها في التاريخ، باعتبارها قوة ضاغطة وموجهة. الإيمان الفردي والوعي الجمعي يلتقيان ليشكلا حاجزا يوقف الفعل الجارف للثورات المضادة، لا سيما أن كل ثورة مضادة أصبحت، بعد أن فاجأها فعل الثورة، تعد السيناريو المناسب قبل تنفيذه.
وعموما قد شكل رفض المنقلبين التخلي عن عروشهم وسلطتهم ومصالحهم وثرواتهم وتوفر الحضن الدافئ لهم في الداخل والخارج، فعلا مضادا اعتمد خيارين في مواجهة مسار الثورات: أحدهما عسكري مباشر فج، والآخر طائفي هوياتي تفتيتي، يعتمد الانتماء عنصر تفرقة وتمييز.
وهكذا بدأت بعض حبات "عقد الربيع العربي" تخبو بعد أن غطتها أتربة الانقلاب والنفي من جديد، في حين أبى بعضها الآخر إلا أن يتلألأ ليرسم الاستثناء، رغما عن كل العراقيل، ليعيد بصيص الأمل في نفوس من آمنوا بالتغيير الحق القائم على إنشاد الحرية والديمقراطية.
مسار الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية متباين في بلدان الربيع، لكن الملاحظين والمتابعين، يؤكدون أن الاستثناء، حتى الآن، قائم في بلد فتيل الثورات العربية: تونس.