الهوية الوطنية

كشفت الحرب على غزّة بوضوح حقيقة هشاشة النظام العربي الرسمي، وعجزه عن اتخاذ القرارات والمواقف الحاسمة التي كان من شأنها إضفاء قسط من التوازن على المعادلات المختلّة. وستكون مرحلة ما بعد الحرب أقسى وأشدّ ما لم تكن هناك خطوات جادّة على طريق الحلّ.

يجب ألا يغيب عن الفلسطينيين والسوريين معاً أنّ عدوّهما واحد، متّفق عليه، وهذا يشمل رؤيتهم إلى إسرائيل ونظام الأسد، وطرق تعاملهم معهما، إذ أضحت هذه الحقيقة بمثابة يقينياتٍ لا تحتاج أن تثبت صدقيتها في مسيرة الشعبين الكفاحية.

كيان دولة المغرب (بالنتيجة مجتمعه)، ما زال يعيش لحظته الوطنية الممتدّة، بالبحث عن استكمال وحدته الترابية (قضية الصحراء وباقي الثغور المحتلة). وهو بذلك في حاجة دائمة إلى مصفوفة القيم الوطنية وموكبها من القيم الفردية الرفيعة.

ليس في وسع المرء تجاهل آلام شعوب وأقوام أخرى في هذه الديار التي كابدت ما كابده ضحايا المثلث الأرمني الكردي الفلسطيني سيئ الطالع، ولا أن يخفّف من حدّة عذابات كل من عبر فصول محنة الاقتلاع. أصحاب مثلث النكبات الكبرى هم الراسخون في الوجع الإنساني.

تصر الأحزاب المكونة للنظام السياسي القائم على تكرار الخلطة "الخيالية" المنفصلة عن الواقع، للحكومات والأنظمة السابقة، بمزيج من أدوات سلطوية استبدادية، مع عقائد عابرة للوطنية. ولأنه لا بد من هوية، تنساق الناس مع ما تريده السلطة، ومع ما تقترحه من هويات.

يعرف الأردنيون السياسي المخضرم، عبد الرؤوف الروابدة، بأنه صاحب شخصية جذّابة. اشتُهر بروح سجالية وكفاءة عالية في الجدل. استضافه تلفزيون العربي في ثلاث حلقاتٍ في برنامج "في رواية أخرى"، وتابعها قطاع عريض من الجمهور الأردني بقدرٍ من الاهتمام.

تناصر رئاسة أوكرانيا الاحتلال الإسرائيلي بصورة عمياء وعديمة النزاهة. وبما أننا يجب أن نفهم وندعم بعضنا بعضا، فإنه لا مفر من مصارحة زوجة الرئيس بهذه الحقيقة، فأنتم تخسرون بهذا جزءا كبيرا ومؤثرا من الرأي العام العربي، فليس هناك احتلال جميل وآخر شرير.

يمكن لبلد أن يكون دنيوياً لكنه ليس علمانياً، لأن لديه ديناً رسمياً، ويمكنه حتى أن يكون علمانياً مع الاعتراف بالديني في الدائرة السياسية. النموذج الأنغلوساكسوني هو النموذج الليبرالي التعدّدي الذي يفهم العلمانية أنها نمط في الحوكمة.