وجيهة صالح... شوق إلى طماطم وزيتون فلسطين

29 مايو 2020
تفتقد حلاوة العيش في بلادها (العربي الجديد)
+ الخط -
ما زالت الفلسطينية وجيهة صالح تستذكر طعم الطماطم والزيتون في أرضها بقدر ما تتذكر ما عاشته من ذل بسبب اللجوء

في الدكّان الذي يملكه حفيدها والكائن في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، تقضي وجيهة صالح يومها، وتساعده في البيع. كما تبقى في المحل إذا ما اضطر إلى الخروج. "ماذا يمكنني أن أفعل طوال ساعات النهار وحدي في البيت؟ هنا أتسلى وأرى الناس. وفي الوقت نفسه أشعر بأنني مُنتجة".

تقول إن الطماطم في فلسطين أفضل من كل الفاكهة والخضار هنا في بلد اللجوء (لبنان). كما أن حبات الزيتون التي كنا نقطفها ونخللها ثم نأكلها مع البصل أطيب من اللحم المشوي. "هذه هي فلسطين التي أشتهي العودة إليها، وهذه خيراتها التي لا تنعدم". تضيف أن "جرار العسل لم تكن تخلو من أي بيت، وكذلك الزيتون والمونة".

وتوضح أنّ منزلها في فلسطين كان صغيراَ جداً، "لكنّنا لم نكن نشعر بضيق المكان بسبب حلاوة العيش في فلسطين". وما زالت صالح، المتحدرة من بلدة الصفصاف (قضاء صفد)، تنام وتصحو وهي تفكّر في بلدها. تروي حكايتها مع اللجوء قائلة: "كنت في السابعة من عمري حين تركت فلسطين مع عائلتي. كنت قد تعلمت حروف الأبجدية في المدرسة، إلا أنني توقفت عن الدراسة لأنه لم تكن هناك مدارس في بداية الأمر".

تتابع: "حين بدأ العدوان الصهيوني على بلدتنا، كان موسم قطاف الزيتون. بدأ الطيران يقصف بلدتنا فتوجهت وشقيقي وشقيقتي إلى البيت خشية أن تصيبنا غاراته. دخل العدو الصهيوني بلدتنا، وطلب منا ترك البلدة والخروج منها. في ذلك الوقت كان أبي قد عاد من الخدمة العسكرية، وكنا جيران لسبع عائلات أخرى. طلب والدي منا الخروج من البلدة إلا أن جيراننا رفضوا. ثم أخبرهم بما يفعل الصهيانة بمن يلقون القبض عليه. وحين كنا نسير في المرج هرباً من العدو الصهيوني، رأينا مجموعة من العدو وقد اشتبكت مع رجال بلدتنا".



وتقول صالح: "توجهنا إلى بلدة يارون (جنوب لبنان)، المحاذية لفلسطين، وقدم لنا أهلها السميد مع الطماطم. في يارون مكثنا شهراً واحداً، ثم انتقلنا إلى مخيم عين الحلوة". تتابع: "في المخيم عشنا في الشوادر كبقية الفلسطينيين. عرفنا الذل والقساوة في ظل الحرارة المرتفعة والبرد الشديد. في هذه الفترة، كانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، قد بدأت تقدم لنا الحليب. أحياناً، كنا نمشي على الثلج لجلبه".

في الحادية عشرة من عمرها، طلب منها والدها العمل، ورغبت في أن يكون لديها فرن. وبالفعل، بدأت العمل مع رجل كان يسرق منها المال، فتوقفت عن العمل. تشير إلى أن خالها كان يعمل في بساتين الليمون فبدأت العمل معه. ثم عملت في الباطون حتى صار عمرها 15 عاماً. في ذلك الوقت، أبلغني أبي بأنني سأتزوج، لكنني رفضت وقلت له: أريد أن يتزوج شقيقي وشقيقتي في البداية بعد أن ينهيا تعليمهما".

تزوجت في السادسة عشرة من عمرها ولم تنجب أولاداً إلا بعد مرور عشرة أعوام على زواجها بعد علاجها وزوجها. أنجبت خمسة أولاد، مات اثنان منهم. وتوضح أن أولادها تعلموا وتزوجوا وباتت لديهم أعمالهم. "أعيش معهم اليوم ويتولون إعالتي".