01 نوفمبر 2024
... وفشلت الضرائب على كنائس القدس
مع تصريح مصدرٍ مسؤولٍ في وزارة الخارجية الأميركية بأنّ سفارة بلاده ستُنقَل، من تل أبيب إلى مقرٍّ مؤقَّتٍ في القدس، في شهر مايو/أيار المقبل، بالتزامُن مع ذكرى نكبة فلسطين، وقيام دولة الاحتلال، حاولت الأخيرةُ استغلالَ ذلك؛ من أجل مزيدٍ من التهويد للقدس.
ذلك حين عزمت دولةُ الاحتلال على فرْضِ ضرائب على الكنائس في القدس، وإقرار قانونٍ يتيح مُصادرةَ أملاك تتبعها، لكنها فشلت، وأعلنت عن تعليق جباية الضرائب، وتجميد التشريعات قيْدِ النظر المتعلقة بأراضي الكنسية؛ حتى تتمكن لجنة تمَّ تشكيلها، من التوصُّل إلى حلٍّ للخلافات مع الكنائس. وذلك بعد أن قرَّرت كنسية القيامة في القدس المحتلة إغلاق أبوابها احتجاجا، وأغلقت أبواب القيامة، فعلا، ثلاثة أيام، في خطوة نادرة الحدوث، ردًّا على محاولات الاحتلال استهدافَ الوجود المسيحيّ في القدس. في خطوةٍ غير مسبوقة تاريخيا، كما رأى رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، المطران عطا الله حنّا.
ولا يمكن فهْمُ هذه المحاولة الإسرائيلية تجاه الكنائس في القدس إلا ضمن التوجُّه الاحتلاليِّ المتواتر الذي يهدف إلى تهويد القدس، وإضعاف الوجود العربيِّ والإسلاميّ؛ وصولا إلى تفرّد دولة الاحتلال بالسيادة، دولة الاحتلال بصبغتها الدينية اليهودية.
وتأسيسا على التحوُّل الذي يعتري إسرائيل إلى دولةٍ يهوديَّةٍ أوَّلا، وديمقراطيَّةٍ ثانيا، كما في
مقال أنطوان شلحت "إسرائيل وقائع تغوّل مُتفاقم" في "العربي الجديد" (28/2/2018) عن مقالة رئيس تحرير صحيفة هآرتس، ألوف بن، في مجلة فورين أفيرز الأميركيَّة. إذ كيف تجتمع في هذه الدولة الديمقراطيةُ مع العنصريَّةِ الصريحة التي تفضِّل اليهودَ على سواهم ممَّن يُفترَض أنَّهم مواطنوها؟!
فشلت حكومة الاحتلال، على الأقلّ، في هذه المرحلة، في الانتقاص من الوجود العربيّ، والمسيحي، في خطوةِ كما يبدو أنها كانت انفرادية، إذ تتحدَّث الأخبارُ عن تعرُّض حكومة الاحتلال إلى ضغوط شديدة من الفاتيكان ودولٍ أرثوذكسية، مثل روسيا واليونان، ومِن مجموعات مسيحية إنجيلية، تُعَدّ مؤيِّدةً قويَّةً لإسرائيل.
وبعد التراجُع عن قرار فرض الضرائب على كنائس القدس، أو الاضطرار إلى ذلك، عاد خطابُ الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، إلى الطرف الثاني من تلك الثنائية، أقصِدُ الديمقراطية مع اليهودية؛ ليُظهِر هنا البُعْدَ الديمقراطيَّ في دولة الاحتلال، بإشارة في بيان لمكتب نتنياهو إلى أنَّ "إسرائيل تفخر بأنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يتمتَّع فيها المسيحيون، والمؤمنون مِن جميع الأديان، بحرية العبادة، والصلاة الكاملة."
وكان موشيه يعالون قد أثار ضجَّة، حين هاجم، وقت كان يتولّى وزارة الدفاع، أوائل العام 2014، وزيرَ الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، وشكَّك في جهوده لتحقيق السلام، ونعته بالمسيحيِّ المهووس، ومُلمِّحا إلى مطامع أميركية في القدس.
أما الإدارةُ الأميركيَّةُ الحاليَّة فهي أكثر حرصا على التماهي مع إسرائيل، بتوجُّهاتها الدينيَّة،
نحو القدس وفلسطين، ولا سيما وهي تشتمل على شخصيَّاتٍ شديدة الدعم لإسرائيل اليهوديَّة (في مقدمتهم نائب الرئيس مايك بنس) الذي ينتمي إلى الإنجيليِّين المحافظين الذين يؤمنون بالنبوءة التوراتيَّة التي تطالب بعودة اليهود إلى إسرائيل، قبل عودة السيِّد المسيح.
ومثلما اضطرت إسرائيلُ إلى تجميد قرارها بشأن البوَّابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، بعد الموقف الصُّلْب والواسع النطاق الذي قُوبِل به قرار حكومة نتنياهو فلسطينيا، تضطر الحكومة نفسها إلى التراجُع والتجميد، أمام الرفض والاحتجاج الذي قُوبِل به قرارُ فَرْضِ الضرائب على الكنائس.
وبناء على هذا الاقتراب، من دولة الاحتلال، إلى حدّ التماهي تقريبا، أو بسببه، ابتعدت أميركا، في عهد ترامب، عن مسيحيِّي الشرق، وخسرت كثيرا مِن ثقتهم، وكان ظَهَرَ ذلك في ردَّة فعل المسيحيِّين العرب على قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، فقد رُفِعتْ لافتاتٌ في ساحة كنيسة المهد، في بيت لحم، كُتِب عليها "بيت لحم ترفض زيارة نائب الرئيس الأميركي". كما قاطعتْه مرجعياتٌ مسيحيًّةٌ رفيعة، في مقدمتهم البابا تواضروس الثاني؛ بابا الكنيسة المرقسية في مصر، ونُقِل عنه قوله إنَّه لن يجلس مع أيِّ شخص في الإدارة الأميركية، طالما ظلّ هذا هو الموقف الأميركي، وسنقف دائما مع الشعب الفلسطيني.
في هذا الإفشال الجديد للمخطَّطات الاحتلالية رسالةٌ واضحةٌ ومهمِّة، أنَّ مِن الصعب أنْ تذوب القضية والحقوق الفلسطينية، فضلا عن الوجودِ العربيِّ، في القدس، وفي فلسطين، ما لم يستسلم الفلسطينيون أنفسُهم، حتى لو تعاظمت الجهودُ الاحتلاليَّة، ومعها الأميركيَّة، وحتى لو أظهر حكامٌ عربٌ تخاذلا، وتواطُؤا، فالباروميتر في فلسطين، والضغط الحقيقيُّ على الفلسطينيين.
ذلك حين عزمت دولةُ الاحتلال على فرْضِ ضرائب على الكنائس في القدس، وإقرار قانونٍ يتيح مُصادرةَ أملاك تتبعها، لكنها فشلت، وأعلنت عن تعليق جباية الضرائب، وتجميد التشريعات قيْدِ النظر المتعلقة بأراضي الكنسية؛ حتى تتمكن لجنة تمَّ تشكيلها، من التوصُّل إلى حلٍّ للخلافات مع الكنائس. وذلك بعد أن قرَّرت كنسية القيامة في القدس المحتلة إغلاق أبوابها احتجاجا، وأغلقت أبواب القيامة، فعلا، ثلاثة أيام، في خطوة نادرة الحدوث، ردًّا على محاولات الاحتلال استهدافَ الوجود المسيحيّ في القدس. في خطوةٍ غير مسبوقة تاريخيا، كما رأى رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، المطران عطا الله حنّا.
ولا يمكن فهْمُ هذه المحاولة الإسرائيلية تجاه الكنائس في القدس إلا ضمن التوجُّه الاحتلاليِّ المتواتر الذي يهدف إلى تهويد القدس، وإضعاف الوجود العربيِّ والإسلاميّ؛ وصولا إلى تفرّد دولة الاحتلال بالسيادة، دولة الاحتلال بصبغتها الدينية اليهودية.
وتأسيسا على التحوُّل الذي يعتري إسرائيل إلى دولةٍ يهوديَّةٍ أوَّلا، وديمقراطيَّةٍ ثانيا، كما في
فشلت حكومة الاحتلال، على الأقلّ، في هذه المرحلة، في الانتقاص من الوجود العربيّ، والمسيحي، في خطوةِ كما يبدو أنها كانت انفرادية، إذ تتحدَّث الأخبارُ عن تعرُّض حكومة الاحتلال إلى ضغوط شديدة من الفاتيكان ودولٍ أرثوذكسية، مثل روسيا واليونان، ومِن مجموعات مسيحية إنجيلية، تُعَدّ مؤيِّدةً قويَّةً لإسرائيل.
وبعد التراجُع عن قرار فرض الضرائب على كنائس القدس، أو الاضطرار إلى ذلك، عاد خطابُ الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، إلى الطرف الثاني من تلك الثنائية، أقصِدُ الديمقراطية مع اليهودية؛ ليُظهِر هنا البُعْدَ الديمقراطيَّ في دولة الاحتلال، بإشارة في بيان لمكتب نتنياهو إلى أنَّ "إسرائيل تفخر بأنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يتمتَّع فيها المسيحيون، والمؤمنون مِن جميع الأديان، بحرية العبادة، والصلاة الكاملة."
وكان موشيه يعالون قد أثار ضجَّة، حين هاجم، وقت كان يتولّى وزارة الدفاع، أوائل العام 2014، وزيرَ الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، وشكَّك في جهوده لتحقيق السلام، ونعته بالمسيحيِّ المهووس، ومُلمِّحا إلى مطامع أميركية في القدس.
أما الإدارةُ الأميركيَّةُ الحاليَّة فهي أكثر حرصا على التماهي مع إسرائيل، بتوجُّهاتها الدينيَّة،
ومثلما اضطرت إسرائيلُ إلى تجميد قرارها بشأن البوَّابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، بعد الموقف الصُّلْب والواسع النطاق الذي قُوبِل به قرار حكومة نتنياهو فلسطينيا، تضطر الحكومة نفسها إلى التراجُع والتجميد، أمام الرفض والاحتجاج الذي قُوبِل به قرارُ فَرْضِ الضرائب على الكنائس.
وبناء على هذا الاقتراب، من دولة الاحتلال، إلى حدّ التماهي تقريبا، أو بسببه، ابتعدت أميركا، في عهد ترامب، عن مسيحيِّي الشرق، وخسرت كثيرا مِن ثقتهم، وكان ظَهَرَ ذلك في ردَّة فعل المسيحيِّين العرب على قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، فقد رُفِعتْ لافتاتٌ في ساحة كنيسة المهد، في بيت لحم، كُتِب عليها "بيت لحم ترفض زيارة نائب الرئيس الأميركي". كما قاطعتْه مرجعياتٌ مسيحيًّةٌ رفيعة، في مقدمتهم البابا تواضروس الثاني؛ بابا الكنيسة المرقسية في مصر، ونُقِل عنه قوله إنَّه لن يجلس مع أيِّ شخص في الإدارة الأميركية، طالما ظلّ هذا هو الموقف الأميركي، وسنقف دائما مع الشعب الفلسطيني.
في هذا الإفشال الجديد للمخطَّطات الاحتلالية رسالةٌ واضحةٌ ومهمِّة، أنَّ مِن الصعب أنْ تذوب القضية والحقوق الفلسطينية، فضلا عن الوجودِ العربيِّ، في القدس، وفي فلسطين، ما لم يستسلم الفلسطينيون أنفسُهم، حتى لو تعاظمت الجهودُ الاحتلاليَّة، ومعها الأميركيَّة، وحتى لو أظهر حكامٌ عربٌ تخاذلا، وتواطُؤا، فالباروميتر في فلسطين، والضغط الحقيقيُّ على الفلسطينيين.
مقالات أخرى
01 أكتوبر 2024
15 سبتمبر 2024
27 اغسطس 2024