ورفع المشاركون في الوقفة شعارات مثل "أولادنا فين؟"، و"مافيا التهريب. مافيا الحرقة. مافيا التجارة الموازية"، و"ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع شبابنا إلى الهجرة". وقالت ربح بثوري، أم الشاب إبراهيم، الذي فقد في أحد مراكب الموت، إن الحكومة التونسية لم تتحمل المسؤولية، وإنها زرعت اليأس في نفوس الشباب الذي يموت في البحر المتوسط بأعداد كبيرة، موضحة أن ابنها هاجر بطريقة غير نظامية رفقة عدد من أبناء حيه.
وأضافت أنّهم لا يعرفون مصير أبنائهم، وهل هناك ناجون أم تحللت جثثهم في البحر المتوسط أم أنهم في سجون إيطاليا، "كل أملنا أن نعرف الحقيقة".
وأكدت محبوبة الغريبي، أن "فاجعة قرقنة أعادت الحزن إلى نفوسنا، وذكرتنا مجددا بمأساة أبنائنا التي مضى عليها 8 أعوام. لا يمكننا عيش حياتنا بصفة عادية، ولا يمكننا الاحتفال بأي مناسبة. ابني صابر هاجر بعد الثورة، وهو في عداد المفقودين ولا نعرف مصيره. ما حصل في قرقنة لا يختلف كثيرا عن الكارثة التي تعرض لها أبناؤنا".
وبين حامد الرحيمي، والد أحد المفقودين، أن ابنه غادر تونس منذ حوالي 6 سنوات، وكان عمره آنذاك 19 سنة، "غرق مركبهم قبالة السواحل الإيطالية، ولا يوجد أي خبر عنهم، وبعض التقارير الإيطالية قالت إنهم وصلوا، إلا أنه لا توجد تأكيدات على ذلك. ابني وأقرانه اختفوا".
وأضاف أن "السلطات الإيطالية تتحمل مسؤولية اختفاء أبنائنا، لأنها تبقي الملف غامضا ويحتوي كثيرا من المغالطات، وليس هناك إرادة لكشف الحقائق".
وقال المكلف بالإعلام في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، لـ"العربي الجديد"، إن "وقفة اليوم التي نظمها المنتدى هي تعبير عن التضامن مع عائلات الضحايا والمفقودين في حادثة قرقنة، خاصة وأن رد فعل السلطات التونسية لم يكن في حجم الحدث الأليم الذي تعرض له أبناء هذه العائلات، إلى جانب الإمكانيات المحدودة للحرس البحري وتأخر عمليات الإنقاذ".
وبين بن رمضان، أن "الإحاطة النفسية بالعائلات لم تكن موجودة. انتقلنا إلى محافظة صفاقس، ولاحظنا ارتباكا كبيرا، والمجهود الوحيد الحاصل كان في تسريع الإجراءات الإدارية لتسليم الجثث، ولم يكن هناك أي مخطط للتعامل مع الأزمة، حيث أن بعض العائلات ما زالت ترابط أمام مستشفى صفاقس لتسلم جثامين أبنائهم".
وأفاد أن البعض يحاول تفسير ما حصل بكونه ناتجا عن تقصير أمني، أو أنها مسؤولية العائلات التي عجزت عن مراقبة أبنائها، مشيرا إلى أن "هذه التفسيرات تعبر عن معالجة قاصرة للأزمة لأن السبب الرئيسي يعود إلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي دفعت الشباب إلى إلقاء نفسه في مراكب الموت، فأغلب المهاجرين ينحدرون من أحياء فقيرة ومهمشة ومناطق داخلية تعاني البطالة والفقر، وهم نفس الشباب الذي ظل 7 سنوات بعد الثورة ينتظر، وكان مصيرهم التجاهل والملاحقات الأمنية عند الاحتجاج بعد أن أغلقت أمامهم كل المنافذ للمطالبة بحقوقهم، ولم يجدوا أي حلول".
وبين أن ما "حصل في قرقنة كارثة وطنية، وهناك العشرات من الشباب الذين يخططون للهجرة السرية، وهؤلاء في حاجة إلى اعتراف الدولة بأنهم مواطنون، وأنهم مسؤوليتها، لكي تعيد إليهم الأمل. الفعل السياسي لم يرتق إلى حجم الحدث، وحصل توظيف مأساة قرقنة في صراعات سياسية.