وهبة يرفض اعتبار لبنان "محاصراً" وإشادة فرنسية بناصيف حتّي

04 اغسطس 2020
+ الخط -

تسلّم وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة، اليوم الثلاثاء، منصبه الجديد من سلفه المستقيل ناصيف حتّي في وزارة الخارجية.

وشدد وهبة على ضرورة العمل على تمتين العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة، ومتابعة تنفيذ مقررات "مؤتمر سيدر" (انعقد في 6 إبريل/نيسان 2018 في العاصمة الفرنسية باريس) مع مجموعة الدول المانحة، ومتابعة تنفيذ الخطة الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة، والمساعدة في تطبيق الورقة التي أنجزها مجلس الوزراء في ملف اللاجئين السوريين (تصرّ الحكومة اللبنانية على تسميتهم بالنازحين)، وتأمين عودتهم الآمنة إلى سورية، مشدداً على رفض التوطين وحق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وأكد الوزير الجديد أنّ لبنان "غير محاصرٍ على الإطلاق"، والزيارات التي يقوم بها رئيس الحكومة حسان دياب تأتي بأوانها عند وجود المبرر وعندما تتاح له الفرصة، فدوره هو في أن يرأس أعمال مجلس الوزراء.

 كما أكد وهبة العمل على الدفاع عن الثوابت الوطنية للبنان وفي المحافل الدولية، والحفاظ على أفضل العلاقات مع قوات "اليونيفيل" (قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان العاملة في الجنوب) وتنفيذ القرار 1701 وإدانة الخروقات الإسرائيلية وانتهاكات العدو للسيادة اللبنانية، والتمسّك بمبدأ ترسيم الحدود والحفاظ على "ثروتنا" النفطية في المنقطة الاقتصادية الخالصة، وأحقية لبنان في استعادة مزارع شبعا المحتلة وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر.

وكما كانت سريعة الاستقالة التي تقدّم بها وزير الخارجية السابق ناصيف حتّي يوم أمس الاثنين، كذلك أتى التعيين بوقتٍ قياسيٍّ، الأمر الذي أثار جملة تساؤلات حول ما إذا كانت طبخة الإتيان بمستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدبلوماسية محضّرة سلفاً للمحافظة على استمرارية الحكومة، إذ كان وهبة من الأسماء المطروحة يوم تشكيل حكومة حسان دياب لتولي المنصب نفسه، أم أنّ الاختيار وقعَ بعد مباحثات واتصالات استمرّت لأقلّ من 48 ساعة على شيوع خبر استقالة حتّي الأحد.

وتعد وزارة الخارجية من حصّةِ الرئيس اللبناني ميشال عون ويتمسّك بها صهره النائب جبران باسيل، ولطالما كانت تشهد معارك سياسية وحزبية تنتهي بتسوياتٍ وتبادل حقائب قبل أن تصلَ إلى رئيس "التيار الوطني الحر"، الذي تولّى وزارة الخارجية عام 2014 وخرج منها ظاهرياً عام 2019 مع استقالة الرئيس سعد الحريري في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبقيَ ظلّه في المكاتب والتعيينات وصولاً إلى التدخّل في شؤون الوزارة، وهو من الأسباب التي دفعت حتّي إلى تقديم استقالته رغم أنه مشى من دون أن يكشفَ أسماء "أرباب العمل" الذين تحدّث عنهم في ختام بيان "الوداع"، أمس الاثنين، والمصالح المتناقضة التي أشار إليها.

إشادات فرنسية

السرعة أيضاً أتت خارجياً، وتحديداً فرنسياً، من خلال الإشارات التي توالت فور استقالة حتّي، إذ غرّدَ النائب الفرنسي غوندال ريوارد على حسابه عبر "تويتر"، أمس الاثنين، مشيداً بوزير الخارجية المستقيل، الذي وصفه بـ"رجل الدولة الملتزم بالحياد الإيجابي والمتمسّك بالسيادة والإصلاحات والعلاقات العميقة مع فرنسا، والذي أتى إلى الوزارة لخدمة الناس لا نفسه".

بدوره، وجّه السفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه، في تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، تحية لـ"الدبلوماسي الكبير" ناصيف حتّي، الذي تمكّن من الحفاظ على علاقة وثيقة معه، معتبراً أنّ "الكرامة، والقناعة والأخلاق والإصلاحات هي عوامل قادت حركته في قصر بسترس (مقرّ وزارة الخارجية)، والعلاقة اللبنانية الفرنسية إلى تحسّن".

وتأتي الإشادة الفرنسية في حين رُبِطَت استقالة ناصيف حتّي أيضاً بمواقفِ رئيس الحكومة حسان دياب من الدبلوماسيين والسفراء، وأبرزها ما صدر أخيراً عن دياب في معرض تعليقه على تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، خلال زيارته لبنان، حول عدم قيام الحكومة بأي إصلاحٍ جدّي يدفع الجهات الدولية المانحة وصندوق النقد الدولي لمساعدة الدولة اللبنانية على الخروج من أزمتها الاقتصادية الحادّة، محذّراً من أن لبنان بات على حافة الهاوية، حيث أشار دياب إلى أنّ لودريان لديه نقص في المعلومات بشأن الإصلاحات التي بدأتها الحكومة.

 في حين يحرص حتّي على علاقاته مع الخارج، والتي عوَّلَ عليها كثيراً عند استلامه وزارة الخارجية بهدف إعادة لبنان إلى لائحة اهتمامات الدول، واستئناف التواصل معها بعد القطيعة شبه الكاملة بين دياب والأطراف الخارجية، في وقتٍ يحتاج لبنان إلى المساعدات العاجلة والطارئة ويطلبها من الجهات الدولية، والتي يريدها رئيس الحكومة "على طبقٍ من فضة" ومن دون إصلاحات بنيوية ووقف مزاريب الهدر والفساد.

كان لافتاً موقف وهبة الذي شغل منصب مدير الشؤون السياسية والقنصلية في وزارة الخارجية بين عامي 2012 و2017، من تصريحات دياب تجاه فرنسا ووزير خارجيتها

 

وكان لافتاً موقف وهبة، الذي شغل منصب مدير الشؤون السياسية والقنصلية في وزارة الخارجية بين عامي 2012 و2017، من تصريحات دياب تجاه فرنسا ووزير خارجيتها، إذ شدد على أن رئيس الحكومة "لم يخطئ، بمعنى أن ليس هناك انزعاج فرنسي حول كلامه الذي علينا أن نعطيه حجمه"، وذلك خلال مقابلة تلفزيونية هي الأولى له خصّها لقناة "أو تي في" المحسوبة على رئيس الجمهورية ميشال عون.

وقال وهبة أيضاً، في المقابلة، أنّ "الحكومة لم تفشل، وهي تسعى وتعمل على اتخاذ القرارات وتنفيذها، والمردود يظهر خطوة ما بعدها خطوة"، وفضل وزير الخارجية استخدام تعبير دولة تمرّ بصعوبات عوض فاشلة، وهو الوصف الذي اعتمده حتّي في بيان الاستقالة.

ورأى وهبة أن لبنان "ليس محاصراً، وهو لديه حضور فاعل في دول العالم وتمثيل دبلوماسي عريق، وعليه أن يدق باب الدول الصديقة والشقيقة لخرق هذه الحالة الصعبة التي يمرّ بها، أما العقوبات المفروضة فهي على أشخاص أو فئات أو أحزاب وليست على الدولة والشعب، هناك إصلاحات علينا نحن أن نقوم بها ونبادر إليها".

رسالة بحد ذاتها

وعلى الصعيد الأممي، علّق المنسّق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، في تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، على استقالة وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتّي، معتبراً ايّاها "رسالة بحد ذاتها".

وسأل كوبيتش، "هل تسهم تلك الصرخة التي تنبع من إحباطٍ عميقٍ في وضع لبنان على سكة الإصلاح؟ هل تساعد على اتخاذ تدابير لرعاية اللبنانيين الذين ينزلقون يوماً بعد يوم في هوة الفقر واليأس؟

المساهمون